فجأة أعاد جبران باسيل، رجلَ الأعمال المصري الأردني علاء الخواجة إلى المشهد السياسي اللبناني، وهو الرجل الذي لعب عام 2016 دور الوسيط بين باسيل رئيس التيار الوطني الحر، وتيار المستقبل الذي يترأسه سعد الحريري.
ويلعب علاء الخواجة في 2022 الدور نفسه الذي لعبه في 2016 بباريس، إذ يقود مجموعة من اللقاءات التي يقوم بها جبران باسيل مع أطراف سياسية لبنانية، منهم خصومه التقليديون.
ويُعاني باسيل، اليوم، من فقدان حلفائه التقليديين، على رأسهم حزب الله، الذي وصلَ الخلاف بينهما حول الشخصية المرشحة لرئاسة لبنان لطريق مسدودة لم يمر منها هذا التحالف من قبل.
وبعد هذه القطيعة مع حزب الله، يُحاول باسيل أن يُظهر قدرته على اللعب ضمن مساحته الخاصة وإعادة وصل ما انقطع مع خصومه درزيين وسنيين، وحتى خصومه المسيحيين كالقوات اللبنانية وحزب الكتائب.
الثنائي الشيعي.. الإصلاح لا يمر عبر "الخواجة"
كشف مصدر مقرب من الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) لـ"عربي بوست"، أن جبران باسيل يقول إنه يُحاول البحث عن مرشح يحمل أجندة إصلاحية، وهو ما يتنافى مع لقاءاته وتنسيقه مع رجل الأعمال علاء الخواجة.
وأضاف المصدر نفسه أن "الخواجة" تُثار حوله العديد من علامات الاستفهام، وهو الذي سبق أن سعى إلى تسوية محاصصة كانت قد حصلت بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وهذا يتناقض مع مبدأ الإصلاح.
وأثارت المصادر نفسها التي تحدث لـ"عربي بوست"، إلى أن رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، بات يعمل وفق أجندة خاصة بعيدة عن وحدة الصف والموقف داخل قوى 8 آذار.
وتتساءل مصادر حزب الله وحركة أمل عن الأسباب الحقيقية التي تدفع باسيل إلى مثل هذه المواقف، وهل هي فقط تتعلق بحسابات سياسية داخلية تهدف إلى إيجاد حلّ لمسألة العقوبات المفروضة عليه.
وحسب المصادر نفسه، فإن الثنائي الشيعي ينتظر مبادرة من باسيل جبران بداية السنة المقبلة، يفترض بموجبها أن يتواصل مع قيادة حزب الله وحركة أمل، وتحديداً رئيس مجلس النواب نبيه بري.
لقاءات باسيل.. لا إيجابية ظاهرة
بحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست"، فإن مضمون اللقاءات التي جمعت باسيل وفرنجية وميقاتي وجنبلاط، كلاً على حدة، كانت تهدف إلى تلطيف الأجواء بينه وبين خصومه السياسيين.
وتشير المعلومات إلى أن باسيل عرض خلال لقائه مع جنبلاط التوافق على مرشح للرئاسة ومقرب من كل الأطراف واقترح مدير المؤسسة اللبنانية للإرسال، بيار الضاهر الذي تجمعه علاقة مصاهرة مع جنبلاط، أو النائب فريد البستاني المقرب من باسيل وجنبلاط في الوقت نفسه.
إلا أن جنبلاط، حسب مصادر "عربي بوست"، رفض خلال لقائه مع باسيل جبران نقاش أي اسم بالوقت الحالي قبل التوافق على المواصفات وجدول الأولويات الرئيسية.
بالتوازي مع ذلك، فإن العشاء الذي جمع باسيل بسليمان فرنجية بتنسيق من علاء الخواجة، سعى من خلاله باسيل لتقديم عرضٍ لفرنجية، هذا الأخير الذي يقول باسيل إن حظوظه شبه منعدمة بسبب عدم حصوله على دعم أي مكون مسيحي وتردد الأحزاب السنية والدرزية.
وعليه فإن الطرح الذي قدمه باسيل لفرنجية يقوم على أن يتوافقا على اسم يختارانه معاً وعرضه على حزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي والنواب السُّنة.
ويعتبر المصدر أن ما يفعله باسيل مؤخراً بالانفتاح على كل القوى المخاصمة له يهدف إلى قطع الطريق على وصول قائد الجيش، جوزيف عون، إلى رئاسة الجمهورية، في ظل تقدم حظوظه في المبادرة الفرنسية-القطرية.
الاجتماع الرباعي.. الرئاسة والحكومة المقبلة
يتابع المعنيون بالملف اللبناني الاجتماع الرباعي الذي سيعقد في باريس لممثلي الولايات المتحدة وفرنسا وقطر والسعودية منتصف الشهر المقبل، والذي جرى تأجيله إلى منتصفه لأسباب لوجستيكية.
وانطلاقاً من هذا الاجتماع المنتظر، يقول مصدر دبلوماسي عربي لـ"عربي بوست"، إن الرياض أوفدت المستشار في الديوان الملكي والمسؤول عن الملف اللبناني، نزار العالولا، إلى الدوحة؛ لبحث الملف اللبناني لتوحيد موقفهما حيال لبنان.
وقال المصدر نفسه إن العالولا سيُمثل بلاده في هذا الاجتماع الذي سيعقد في باريس، فيما سيحضر عن الجانب الفرنسي مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشؤون شمال إفريقيا والشرق الأوسط، باتريك دوريل.
وسيشارك في الاجتماع الرباعي بخصوص لبنان، عن واشنطن مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية باربرا ليف، فيما سيشارك عن قطر مسؤول برتبة مساعد وزير الخارجية.
ويشير المصدر نفسه إلى أن الولايات المتحدة وإيران تريدان نجاح الجهود القطرية في عدة قضايا بالمنطقة، وتحديداً الملف اللبناني، المرتبط بالجهود الدولية والإقليمية لاستئناف المباحثات حول الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران.
ويؤكد المصدر نفسه أن فرنسا وقطر تريدان الضغط من أجل عودة السعودية إلى لبنان، فيما الرياض متمسكة بموقفها وتنتظر رؤية نتائج المبادرات المختلفة الجارية قبل عودتها الفعلية التي ستبدأ بتعيين سفير جديد ومضاعفة دعمها للقطاعات اللبنانية المنهارة.
ويشير المصدر الدبلوماسي العربي إلى أن فكرة الحل القائمة حول لبنان بين العواصم الأربع مبنية على انتخاب رئيس للجمهورية، واختيار شخصية إصلاحية لرئاسة الحكومة والسير ببرنامج التعافي المالي والاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.