تباينت آراء الصحفيين والفاعلين في قطاع الإعلام في الجزائر تجاه 3 مشاريع قوانين اقترحتها الحكومة، يخص الأول منها الإعلام، والثاني القنوات التلفزيونية، والثالث الصحف المكتوبة والمواقع الإلكترونية.
هذه المشاريع الجديدة التي سيُناقشها البرلمان الجزائري يراها البعض خطوة جيدة للأمام، والبعض الآخر انتقد بعض تفاصيلها، فيما استغرب البعض الآخر عدم إشراك الفاعلين في صياغتها.
وتبدو المشاريع التي حصل "عربي بوست" على نسخ منها متشددة في مراقبة التمويل وامتلاك وسائل الإعلام، إذ لا يُسمح لأي أجنبي بامتلاك وسائل إعلام جزائرية، كما لا يحق لأي جزائري امتلاك جميع أسهم المؤسسات الصحفية.
الاعتماد أو الغرامة
ووفق المشروع الذي يحوز "عربي بوست" نسخة منه، يُمنع على المواقع والصحف نشر أي موضوع بالأسماء المستعارة، فضلاً عن العمل مع المواقع الأجنبية دون ترخيص مسبق.
وحسب القانون نفسه يُعاقب كل صحفي جزائري يعمل بالجزائر لحساب وسيلة إعلام خاضعة للقانون الأجنبي دون الحصول على الاعتماد بغرامة مالية تصل إلى 5 آلاف دولار.
وأبدى صحفيون جزائريون تواصل معهم "عربي بوست" امتعاضهم من اقتراح مادة حول منع التعاون مع الصحف والمواقع الأجنبية دون اعتماد، أو أداء غرامة كبيرة مقارنة بأجور الصحفيين.
ويرى هؤلاء الصحفيون أن الاقتراح كان سيكون له معنى لو كانت الجهات المختصة مرنة وتقبل الاعتمادات بسهولة، لكنها ترفض في الغالب اعتماد الوسائل الأجنبية أو تماطل في الرد، ما يفوت على الصحفيين فرص عمل جيدة.
كما يعتبر القانون كل حاملٍ لشهادة في الإعلام، مارس المهنة لثلاث سنوات، أو حامل لأي شهادة أخرى زاول الصحافة خمس سنوات صحفياً محترفاً يحق له امتلاك بطاقة احترافية.
المصادر المجهولة ممنوعة
يقول مشروع القانون الأول المتعلق بالإعلام، إن القانون المقترح يهدف إلى حماية الصحفي وتحديد حقوقه وواجباته، وتأطير عمله وفق قانون واضح، بالإضافة إلى ترتيب القطاع الإعلامي.
ولا يحق للصحفي إخفاء مصدر معلوماته أمام القضاء، كما يفرض على وسائل الإعلام التأمين على حياة صحفييها الموفدين إلى مناطق النزاعات والكوارث الطبيعية، كما يحق للصحفي رفض التوجه إلى تلك المناطق مع ضمان عدم تعرضه لعقوبة تأديبية.
وحسب المادة 48 من مشروع القانون، يعاقب بغرامة من مئة ألف دينار (500 دولار) إلى خمسمئة ألف دينار (2500 دولار) على كل إهانة صادرة من وسيلة إعلام لرؤساء الدول الأجنبية وأعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية المعتمدين.
الإعلامي والمحلل السياسي حكيم بوغرارة اعتبر أن مشروع قانون الإعلام متساهل مع ملاك وسائل الإعلام على حساب الصحفيين، داعياً إلى مراجعة مشروع القانون، لا سيما فيما يخص تأمين الصحفيين ومنحهم قرينة البراءة.
وطالب المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" بضرورة تجريم ملاك وسائل الإعلام، في حال أضروا بمصالح الصحفيين وجازفوا بحياتهم وقت الحروب والأوبئة والكوارث الطبيعية.
وكي لا يكون مثل سابقيه، ختم بوغرارة تصريحه بضرورة متابعة مشروع القانون بعد التصديق عليه وتطبيقه على أرض الواقع، ليكون في صالح حرية التعبير والصحفيين.
التراخيص والاشتراطات
يشترط مشروع القانون أن يستجيب الشخص المعنوي الراغب في الحصول على رخصة إنشاء خدمة اتصال سمعي بصري، أو صحيفة أو منصة إلكترونية إلى شروط عدة.
ويجب على كل شخص يثبت خضوعه للقانون الجزائري أن يكون حاملاً الجنسية الجزائرية، ويتمتع بخبرة فعلية في مجال الإعلام لا تقل عن 10 سنوات، وحيازته شهادة في التعليم العالي.
إضافة إلى إثبات تمتع مدير خدمة الاتصال وجميع المساهمين أو الشركاء بالحقوق المدنية، وعدم متابعتهم في قضايا فساد، أو مشاركتهم في أعمال معادية للثورة التحريرية في حال ولدوا قبل سنة 1942.
ويشترط المشروع أن يكون الرأسمال الاجتماعي وطنياً خالصاً، وإثبات مصدر الأموال المستثمرة أمام السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري، كما يجب أن يكون ضمن المساهمين أو الشركاء صحفيون محترفون.
ووفق مشروع القانون فإن الرخص التي تمنح لوسائل الإعلام محددة بمدة عشر سنوات قابلة للتجديد، بينما حددت مدة رخص الإذاعات بخمس سنوات، ومنع بيع وسائل الإعلام دون موافقة سلطة ضبط السمعي البصري، مع منح الدولة حق الشفعة والأولوية في الشراء قبل أي أحد.
لا ملكية فردية لوسيلة إعلام
منعت المادة 30 من المشروع المساهمين من امتلاك أكثر من 40% من رأس المال الاجتماعي، أو من حقوق التصويت لنفس الشخص المعنوي الحائز على رخصة الاستغلال، ولا يمكن لنفس الشخص الطبيعي أو الشخص المعنوي أن يملك أسهماً في أكثر من خدمة اتصال.
مدير قناة خاصة في الجزائر، رفض ذكر اسمه، انتقد مادة في مشروع القانون الجديد التي تمنع امتلاك شخص واحد القنوات 100%، مشيراً إلى أن ذلك سيخلق صراعات داخل المؤسسة الواحدة ويؤثر على توجهها ومردوديتها.
واستثنى مشروع القانون من أحكام هذه المادة خدمات الاتصال السمعي البصري، التابعة للقطاع الاقتصادي الحكومي في الجزائر.
غياب إشراك الصحفيين
يرى مدير موقع "شهاب برس"، فاتح بن حمو، أن الإعلام في الجزائر كان بحاجة إلى قانون منذ سنوات، منتقداً تماطل الحكومات السابقة في سنه، وترك الساحة تعمل فيما يشبه السوق السوداء.
وقال المتحدث لـ"عربي بوست" إن القانون كغيره من القوانين التي تقدم في مختلف المجالات لها سلبيات وإيجابيات، منتقداً عدم إشراك الفاعلين قبل تقديمه لمكتب البرلمان.
وأضاف الإعلامي في تصريحه أن مشاريع قانون الإعلام والمواقع والصحف التي اقترحتها الحكومة لا تختلف كثيراً عن مشاريع 2012، ما عدا بعض المواد والفقرات غير المؤثرة.
وحث بن حمو على ضرورة سن قانون خاص بالإشهار مواز لقانون الإعلام، ليفتح المنافسة بين وسائل الإعلام، ويُسهم في تقديم إعلام قوي وهادف على حد تعبيره.