يُحاول جبران باسيل كسر ما يسميه "الحصار السياسي" المفروض عليه محلياً، من خلال مبادرته إلى لقاء الأطراف الأخرى، ولو كانوا من الخصوم التاريخيين، كاللقاءين الذين جمعاه برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
وكشفت مصادر سياسية لـ"عربي بوست" أن باسيل بادر قبل أسابيع إلى الاستعانة بوساطات عدّة، لترتيب لقاءات بينه وبين جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه بري، لكن كل هذه الوساطات وخلال الأسابيع الماضية لم تفلح.
وبحسب المصدر نفسه، فإن باسيل استعان بوساطة رئيس مجلس إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال بيار الضاهر، الذي تربطه علاقة مصاهرة بجنبلاط، كذلك تواصل النائب في كتلة التيار، سيزار أبي خليل مع نجل جنبلاط (تيمور) واتفقا على ضرورة عقد هذا اللقاء، الذي سيُساعد في تخفيف الاحتقان الداخلي.
ومنذ التوتر الأخير الحاصل بينهم، انقطع التواصل بين قيادات حزب الله ورئيس حليفه المسيحي التيار الوطني الحر، جبران باسيل، وذلك لأول مرة منذ توقيعهما ورقة تفاهم في فبراير/شباط من عام 2006.
ويرفض الطرفان الاعتراف بحقيقة التوتر الذي أصاب العلاقة بينهما منذ مدة، إلا أن الأجواء السياسية والتعاطي داخل البرلمان بين نُوابهما، والانتقادات المستمرة من جانب التيار الوطني الحر لحزب الله عبر البرامج السياسية والتسريبات الصحفية يوحي بعمق الخلاف الحاصل.
جنبلاط يشاور حلفاءه
وتشير مصادر "عربي بوست" إلى أن جنبلاط، وقبيل لقائه مع باسيل، أوفد النائب في كتلته، وائل أبو فاعور، للقاء حليفه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، كذلك اللقاء مع المرشح الرئاسي للمعارضة، ميشال معوض، وذلك بهدف التنسيق معهما، ووضعهما في صورة اللقاء المرتقب مع باسيل.
ومن هذا المنطلق، يؤكد مصدر مقرّب من جنبلاط أن لقاءه مع باسيل يندرج في سياق قبول جنبلاط التحاور مع كل القوى، وفي هذا الإطار "كان قد أجرى حواراً منذ مدة مع حزب الله نفسه، فكيف مع باقي القوى الأخرى في البلاد"، يُضيف المصدر نفسه.
ويشير المصدر إلى أن مساعي باسيل للتواصل هي بهدف القيام بجولة داخلية للبحث في ما أطلق عليه "ورقة الأولويات الرئاسية"، وهذه الورقة تُحدد مواصفات تياره وكتلته البرلمانية لشكل الرئيس المقبل للجمهورية ومواصفاته.
وحول إمكانية أن يكون اللقاء بين باسيل وجبران قد عرف عرض أي أسماء محددة، يؤكد المصدر أنه لم يتم ترشيح أي شخصية جديدة، إنما تركز النقاش على ضرورة خلق مساحة توافق محلية وإقليمية على شخصية مقبولة من الجميع، ولديها القدرة على بناء جسور خارجية، وتحديداً مع العالم العربي.
استمرار الخلاف بين الحزب وباسيل
كشف مصدر مقرّب من قيادة التيار الوطني الحر لـ"عربي بوست" أن المرحلة المقبلة قد تتخذ منحى أعمق في خلاف بين قيادة حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر؛ انطلاقاً من موضوعين يختلف الجانبين عليهما.
ويتمسك حزب الله بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، الذي يرفضه باسيل، وكان يسعى للتوافق على اسم آخر بينه وبين فرنجية والحزب، في غياب أي وضوح أو اتفاق خارجي بين واشنطن والرياض وطهران برعاية فرنسية-قطرية.
كما أن حزب الله يؤكد وقوفه خلف رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، في أيّ دعوة قادمة لانعقاد الحكومة في إطار "الضرورات القصوى" لتمرير الملفات العاجلة وتوقيع الاتفاقيات العاجلة، المرتبطة بالقروض والمنح المقدمة للحكومة، حتى لو أصرّ باسيل على المقاطعة عبر الوزراء المحسوبين عليه.
باسيل يسعى لقطع الطريق على المنافسين
من هذا المنطلق يشير الباحث والمحلل السياسي، ربيع دندشلي، إلى أن لقاءات باسيل الأخيرة هدفها الأساسي تعزيز التواصل مع جهات محلية متعددة، من خلال استعادة مكانته المسيحية انطلاقاً من الفراغ الرئاسي الموجود في البلاد.
وقال المصدر نفسه في تصريح لـ"عربي بوست" إن باسيل يسعى إلى قطع الطريق على مرشح حزب الله الحالي، سليمان فرنجية، وعلى ترشيح قائد الجيش جوزيف عون من قبل أطراف محلية وإقليمية، لذلك هو يجري هذه المحاولات من التواصل مع الفرقاء.
ويشير دندشلي إلى أن باسيل، وبعد اتصالات داخلية وخارجية، بات مقتنعاً بأن فرنجية لن يكون قادراً على الوصول إلى رئاسة الجمهورية وحزب الله لن يستطيع تأمين وصوله للقصر الرئاسي، ولذا فإن معركته المقبلة قد تكون بهدف قطع الطريق على وصول قائد الجيش.ويتبنى باسيل فكرة أن قائد الجيش كان قائد الانقلاب على عهد الرئيس ميشال عون من خلال تركه للاحتجاجات خلال الثورة، وكذلك ترويجه لسردية أنه لا يجوز لكل قائد جيش أن يصبح طامحاً إلى رئاسة الجمهورية.