أعلن النائب الأردني محمد عناد الفايز استقالته، الجمعة 23 ديسمبر/كانون الأول 2022، مطالباً "بتشكيل حكومة إنقاذ وطني في ظل ظروف اقتصادية صعبة يشهدها الأردن".
يأتي ذلك بعد أيام من تداول رسالة وجّهها النائب الفايز إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قال فيها إن الهبات السعودية "تذهب للفاسدين".
جاء إعلان "الفايز" استقالته خلال اجتماع مع أبناء قبيلته "بني صخر" إحدى أكبر العشائر الأردنية، بثته مباشرة صفحة "ديوان البادية الأردنية" على فيسبوك، حيث قال إنه "سلم استقالته لأحد زملائه النواب؛ لإيصالها إلى أمانة المجلس".
من جانبهم، دعا المجتمعون "الفايز"، حسبما ظهر في البث المباشر، إلى العدول عن قراره من أجل استمرار وصول صوتهم وعدم شغور مقعده.
وجاء إعلان "الفايز" استقالته بعد أحاديث عن اعتزام المجلس تحويله إلى لجنة السلوك بسبب رسالته إلى ولي العهد السعودي، حسبما رجحت مصادر نيابية، ووفق مواقع إخبارية محلية، من بينها "هلا أخبار" التابع للجيش.
ويتطلب قبول الاستقالة أو رفضها، عقد جلسة لمجلس النواب للتصويت عليها بالغالبية (66 من أصل 130 نائباً)، بعد تحويلها من رئاسة المجلس.
خلال الأيام الماضية، تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي رسالة منسوبة لـ"الفايز" وجّهها عبر سفارة السعودية إلى الأمير محمد بن سلمان.
ومما جاء في الرسالة: "نسمع بالمساعدات للدولة ولكن لا تذهب سوى لطبقة فاسدة تزداد غنى على حساب كرامة الأردني الأبيّ".
وتابعت: "سيبقى الأردن عصياً على كل من يريد أو يحاول التفكير أو يستجدي على أبنائه".
وكان رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، قد التقى ولي العهد السعودي، في زيارة رسمية للمملكة، منتصف ديسمبر/كانون الأول 2022، على رأس وفد وزاري، تم خلالها بحث سبل التعاون الاقتصادي.
أزمة في الأردن
يأتي ذلك في الوقت الذي كشف فيه تقرير شبكة الباروميتر العربي البحثية، لعام 2022، عن تراجع ثقة الأردنيين بحكومتهم إلى أدنى مستوياتها التاريخية هذا العام، وهي الآن أقل بمقدار 41 نقطة مما كانت عليه وقت انتفاضات الربيع العربي.
ويتمثل المحرك الرئيسي لفقدان ثقة الأردنيين بحكومتهم في الاقتصاد، الذي صنّفه ما يقرب من الثلثين على أنه المشكلة الأخطر التي تواجه الأردن.
فيما تواجه البلاد ارتفاعاً حاداً في تكاليف المعيشة وعدم القدرة على توفير فرص العمل للعديد من شبابها. وانكسر عقد الحكومة الأردنية التقليدي، الذي قام على توفير الأسرة الهاشمية الحاكمة وظائف بالمحسوبية لعشائر البلاد، مع نفاد خزائن الدولة.
ولحق ضرر كبير بصناعة السياحة الأردنية تحديداً، وهي نقطة مضيئة نادرة في الدولة، من الوباء. ومنذ عام 2019، ارتفع إجمالي البطالة من 19% إلى 23%، ويبلغ حالياً 50% لشباب المملكة. إضافة إلى أنَّ الحرب الروسية الأوكرانية ساهمت في ارتفاع الأسعار.
وصنّف الأردنيون من خلفيات ومناطق ومستويات اجتماعية مختلفة؛ الاقتصاد بالتساوي، إذ صنفه 15% فقط على أنه "جيد"؛ ما يشير إلى استياء واسع النطاق داخل المملكة.
في حين وصل الإحباط الاقتصادي وفقدان الثقة بالحكومة لمستوى جدير بالملاحظة؛ لأنَّ الأردن استطاع تجنيب نفسه كثيراً من الاضطرابات التي ضربت جيرانه في أعقاب الربيع العربي عام 2011.
منذ بداية الشهر الجاري (ديسمبر/كانون الأول)، تعرّض الأردن لاحتجاجات نادرة اندلعت بسبب إضراب سائقي سيارات الأجرة والشاحنات؛ احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود. وقُتِل 3 من ضباط الشرطة الأردنية الأسبوع الماضي، في تبادل لإطلاق النار أثناء محاولتهم اعتقال القتلة المشتبه بهم لقائد شرطة رفيع المستوى من مدينة معان الجنوبية، التي تعاني من اضطرابات.
من بين الذين شملهم الاستطلاع، قال 88% إنَّ الفساد منتشر إلى حد كبير أو متوسط في الحكومة الوطنية، وهي زيادة مثيرة عن مستويات ما قبل الربيع العربي عندما قال الثلثان الشيء نفسه.
وربما ليس من المستغرب بالنسبة لدولةٍ نصف سكانها على الأقل، من أصل فلسطيني، أنَّ 5% فقط ممن شملهم الاستطلاع يؤيدون التطبيع مع إسرائيل. وأقام الأردن علاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ نحو عقدين، لكن العلاقات قائمة إلى حد كبير على المستوى الحكومي، مع تفاعل محدود بين الناس.
وصنّف أقل من 1%، ممن استطلع الباروميتر العربي آراءهم، التدخل الأجنبي والإرهاب على أنهما التحدي الأكبر. وذكر 1% فقط عدم الاستقرار على أنه مصدر قلق.