قال وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، الجمعة، 16 ديسمبر/كانون الأول 2022، إن عمّان ستتخذ خطوات صارمة ضد مثيري الشغب، فيما خيّم هدوء حذر على محافظة معان جنوبي المملكة، بعد مقتل ضابط أمن كبير فيها مساء الخميس، خلال احتجاجات على رفع أسعار المشتقات النفطية.
وتشهد مناطق مختلفة في المملكة إضراباً في قطاع النقل؛ منذ الخامس من ديسمبر/كانون الأول 2022، وذلك للمطالبة بتخفيض أسعار المشتقات النفطية بالبلاد، إلا أنه تطور فيما بعد إلى إضراب عام، أغلقت على أثره محال تجارية بالكامل.
من جانبه، قال وزير الداخلية الأردني في مؤتمر صحفي أن الحكومة "ستسمح بالاحتجاجات السلمية، لكنها لن تتسامح مع أي شغب يدمّر الممتلكات العامة والخاصة مثلما حدث الخميس".
وقُتل العقيد عبد الرزاق الدلابيح، برصاصة في الرأس أثناء تعامله مع أعمال شغب كانت تقوم بها "مجموعة من المخربين والخارجين عن القانون" في محافظة معان، فيما أصيب ضابط وضابط صف آخرين، وفق ما أعلنته مديرية الأمن العام بالمملكة.
وقف "تيك توك" في المملكة
في نفس السياق، أعلنت وحدة الجرائم الإلكترونية التابعة لمديرية الأمن العام الأردني، الجمعة، إيقافاً مؤقتاً لمنصة "تيك توك"، مرجعةً السبب في ذلك إلى "منشورات تحرّض على العنف والفوضى".
وذكرت الوحدة في بيان، تلقت الأناضول نسخة منه، أنها وفرق الجرائم الإلكترونية "تتابع ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة فيما يتعلّق بخطاب الكراهية والحضّ على التخريب والاعتداء على أجهزة إنفاذ القانون والممتلكات وقطع الطرق".
وأضافت أن "الأجهزة المختصة ستحيل أي شخص يرتكب مثل هذه الجرائم إلى القضاء".
كما قال البيان إن "منصّة تيك توك لم تتعامل مع إساءة استخدامها من قبل مستخدميها، سواء بتمجيد ونشر أعمال العنف أو دعوات الفوضى، بل في ترويج فيديوهات من خارج المملكة، وتزويرها للتأثير على مشاعر المواطنين".
وأردف: "بالتالي، فقد تمّ إيقاف خدماتها في المملكة مؤقتاً".
هدوء حذر في معان
بحسب مراسل الأناضول، خيّم الهدوء على المحافظة الجمعة، بعد الاحتجاجات التي شهدتها الخميس.
وجرى تشييع جثمان الدلابيح، بعد صلاة الجمعة، في مقبرة بلدته "الكفير" بمحافظة جرش شمال المملكة، بحضور مدير الأمن العام اللواء عبيد الله المعايطة، بحسب مشاهد بثها تلفزيون "المملكة" الحكومي.
فيما توعدت الحكومة الأردنية، في بيان عبر "تويتر"، بملاحقة القتلة وإحالتهم للقضاء لينالوا جزاءهم.
وقال متحدث الحكومة، فيصل الشبول، في التغريدة، "مجلس الوزراء يدين هذا الاعتداء الغادر الجبان، ويؤكد أن يد العدالة ستطال القتلة وتحيلهم إلى القضاء العادل لينالوا جزاءهم".
ونقلت مواقع إخبارية محلية، وحسابات مختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي، أن وجهاء قبيلة الضابط المقتول، أعطوا مهلة مدتها 3 أيام للكشف عن القاتل، وأن الحكومة "غير مرحب بها للمشاركة في هذا العزاء، وكان الأولى بها أن تشارك بحل مشاكل الوطن".
احتجاج توسع في الأردن
وتداول ناشطون على مواقع التواصل في الأردن، مساء الخميس، مسيرة لمئات المحتجين في وسط العاصمة عمّان، تزامناً مع إضراب أطلقه سائقو الشاحنات في المملكة؛ احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود، وانضم له سائقو وسائل نقل أخرى.
كان سائقو الشاحنات في الأردن قد توقفوا عن العمل جزئياً، ودخلوا في اعتصاماتٍ الأسبوع الماضي، خاصة في المحافظات الجنوبية الفقيرة؛ لمطالبة الحكومة بخفض أسعار وقود الديزل، قائلين إن التكاليف المتزايدة كبّدتهم خسائر في أعمالهم.
فيما أغلقت محال تجارية في بعض المدن الأردنية أبوابها، الأربعاء، تضامناً مع آلاف من سائقي الشاحنات، الذين نظموا عدداً من الإضرابات المتفرقة؛ احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود في البلاد، والتي تسببت أيضاً في أزمة بالنقل.
أدت هذه الأزمة إلى ازدحام في ميناء العقبة الرئيسي على البحر الأحمر، حيث تراكمت البضائع وتوقفت المقطورات والشاحنات عن نقل السلع المستوردة، إلى العاصمة عمان ومدن أخرى.
شهود وسائقون قالوا لوكالة رويترز، إن بعض المحال التجارية في مدن معان والطفيلة والكرك أغلقت أبوابها تضامناً مع سائقي الشاحنات المضربين، وقال عبد الله كريشان، سائق شاحنة من مدينة معان: "ما خلوا كرامة للبلد وإلنا. ما خلوا كرامة للبلد نايمين ما بسحوا (يصحوا) مش قادرين ناكّل أولادنا".
وشهد الأردن موجة من الاضطرابات المدنية في مرات عدة، بسبب غضب المواطنين من السلطات جراء تدهور مستويات المعيشة والفساد وارتفاع أسعار الوقود.
يُشار إلى أنه بموجب برنامج الإصلاح الهيكلي لصندوق النقد الدولي، يلتزم الأردن بتعديل أسعار الوقود شهرياً، بما يتماشى مع تقلبات السوق العالمية.
هذا العام وصلت أسعار المشتقات في الأردن لمستويات تاريخية غير مسبوقة، أرجعتها الحكومة إلى ارتفاع أسعار النفط الخام عالمياً. ويأتي الأردن في المرتبة الرابعة عربياً كأعلى سعر لمشتقات الوقود، بعد كل من لبنان وسوريا وفلسطين، بحسب معطيات موقع The Fuel Price.
يرى مراقبون أن أزمة إضراب الشاحنات في الأردن لن تمر دون رحيل الحكومة، لاسيما أنها لم تقدم أية حلول تحول دون تكبّد المملكة، المأزومة اقتصادياً، مزيداً من الخسائر.