قالت صحيفة Haaretz الإسرائيلية، في تقرير نشرته السبت 10 ديسمبر/كانون الأول 2022، إن المدعية العامة الإسرائيلية سوف تعترض على الأرجح على مشروع قانون جديد اقترحه فصيل "العظمة" اليهودية (عوتسما يهوديت) اليميني المتطرف، الذي يُمنح بموجبه وزير الأمن القومي القادم إيتمار بن غفير سيطرة كاسحة على الشرطة الإسرائيلية.
بحسب مقال رأي نشرته المدعية العامة الإسرائيلية، غالي باهراف ميارا، فإنه إذا سُمح للوزير بوضع سياسة الشرطة الإسرائيلية وإذا صار مفوض الشرطة أحد المرؤوسين المباشرين للوزير، وفقاً لما ينص عليه مشروع القانون، فإن الشرطة سوف تعجز عن استخدام حرية التصرف الخاصة بها، التي سوف تُمنح حينها للوزير فقط.
اقتراح مشروع القانون عن طريق حزب بن غفير
حيث اقتُرح مشروع القانون، الخميس 8 ديسمبر/كانون الأول، عن طريق الحزب الذي ينتمي إليه بن غفير، وذلك في أعقاب اتفاقية بين حزب الليكود وفصيل عوتسما يهوديت. إذا مُرر القانون، فسوف يمنح سلطة إلى بن غفير بـ"إدارة الشرطة وعملياتها". وفقاً للملاحظات التوضيحية، يكمن هدف القانون في جعل التشريع الذي يحكم الشرطة منسجماً مع التشريعات التي تحكم الجيش، الذي يسيطر عليه وزير الدفاع وقرارات الحكومة.
من ناحية أخرى، فقد رفضت غالي هذا الأمر في مقالها ولفتت الانتباه إلى الاختلافات الهائلة بين الشرطة والجيش. إذ إن الشرطة تتعامل مع السكان المدنيين وتقدم الخدمات إليهم، على النقيض من الجيش، الذي يؤدي وظائفه وينفذ عملياته لمجابهة التهديدات.
سلطة للوزير على ميزانية الشرطة
كذلك فقد اعترضت على توصيات القانون بأن يُمنح وزير الأمن القومي سلطة على ميزانية الشرطة -التي سوف يجري اتخاذ قرار بشأنها بصورة منفصلة عن ميزانية الدولة- وأن يكون قادراً على تحديد مخصصاتها.
رداً على ذلك، قال بن غفير: "نفس المدعية التي سمحت لعومر بارليف باتخاذ قرارات سياسية بوصفه وزير الأمن الداخلي، وساعدت في كل خطوة مفترسة وغير قانونية أقرتها الحكومة.. استطاعت تشكيل موقف سلبي في يوم واحد فقط ضد قانوني، الذي يستهدف تمكين الديمقراطية الإسرائيلية وعودة الشرطة لتتحرك استناداً إلى إرادة الشعب". وأضاف أن مقال غالي "يشكك في مواقفها المهنية".
صراع خطير داخل الحكومة
في حين أوضحت الصحيفة أن الاختلاف الحاصل عرضة لأن يصبح مصدر خلاف آخر بين المدعية العامة والوزارة القادمة. وبالفعل ذكرت مصادر في الحكومة التي لا تزال تتشكل أنهم ينوون الإطاحة بغالي باهراف ميارا. قال عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الصهيونية الدينية سيمشا روثمان إنه في حال معارضة غالي لخطط حزبه التي تستهدف إصلاح النظام القضائي، "فسوف يثير هذا بكل تأكيد صراعاً خطيراً للغاية داخل الحكومة، وربما يتوجب عليها أن تكون خائفة".
من جانبه، قال عضو الكنيست عن حزب الليكود، شلومو كاره، في الشهر الماضي، إنه يتوقع أن تقدم المدعية العامة الإسرائيلية استقالتها. قبل انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2022، قال عضو آخر في الكنيست عن حزب الليكود، وهو نير بركات، إنه يعتقد أن رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو سوف يستبدل المدعية العامة بعد تشكيل الحكومة؛ "لأنه سوف يريد شخصاً ذا رؤية عالمية يمينية".
فيما وجّه عضو كنيست آخر من نفس الحزب، وهو يوآف كيش، تهديدات إلى غالي بأنها إذا سمحت بتعيين رئيس أركان جديد للجيش في فترة الانتخابات، مثلما فعلت، فسوف تُستبدل عندما يعود الحزب إلى السلطة.
في أعقاب تقديم مشروع القانون، نشرت مجموعة من مفوضي الشرطة الإسرائيلية المتقاعدين وكبار الجنرالات إعلاناً على تطبيق واتساب، الجمعة 9 ديسمبر/كانون الثاني 2022، يقول: "بكل ذهول وألم وحزن عميق وأسف عظيم، نعلن وفاة الشرطة الإسرائيلية".
في نفس اليوم، أصدر مفوض الشرطة الإسرائيلية يعقوب شبتاي مذكرة إلى قوات الشرطة استجابةً للمخاوف من التدخل السياسي في عمليات القوات. وجاء في المذكرة: "سوف تظل الشرطة الإسرائيلية حصينةً أمام النفوذ السياسي والضغط مثلما كانت دائماً"، مضيفاً أنه ينوي "أن يحرس قوات الشرطة ويضمن أن تبقى قوية وألا يُنتقص من استقلاليتها. هذا واجبنا بوصفنا ضباطاً. إنه واجبي الشخصي بوصفي مفوض الشرطة، وإنني أنوي أن أوفيه".