كشف تقرير حقوقي تفاصيل جديدة عما يتعرض له آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء على حدود الاتحاد الأوروبي، من ضرب وتعرية قسرية، واعتداءات جنسية، واصفاً الاعتداءات بالأشد خلال العامين الماضيين.
وفقاً لما نشرت صحيفة The Guardian البريطانية الخميس، 8 ديسمبر/كانون الأول 2022، فإن الناشطين المشاركين في التقرير أجروا مقابلات مع 733 مهاجراً حاولوا الوصول إلى أوروبا خلال عامي 2021 و2022، ونقلوا عنهم شهادات مفزعة عن إجراءات المطاردة والإعادة القسرية لمجموعات المهاجرين، وغيرها من الإجراءات التي تعرض لها أكثر من 16 ألف مهاجر آخر.
هذا التقرير هو تحديث لإصدار سابق من "الكتاب الأسود عن الإعادة القسرية"، الذي نُشر عام 2020، واستند إلى شهادات من 1633 شخصاً تحدثوا عن عمليات إعادة قسرية تعرّض لها ما يقرب من 25 ألف لاجئ ومهاجر منذ عام 2017.
جاء التقرير في 3173 صفحة، وأصدرته "شبكة مراقبة العنف على الحدود الدولية"، وهي ائتلاف من منظمات غير حكومية جمعت شهادات من 15 دولة على طول الحدود الخارجية لدول من الاتحاد الأوروبي، منها بولندا واليونان وكرواتيا، ودول غير منتمية للاتحاد الأوروبي في غرب البلقان، مثل صربيا ومقدونيا الشمالية وألبانيا.
يمتلئ التقرير بشهادات مأساوية عن مهاجرين تعرّضوا للضرب على أيدي قوات حرس الحدود، والاحتجاز في زنازين قذرة ومكتظة، وتجاهل طلبات اللجوء والسخرية منها. وقال التقرير إن نسبة من حاولوا الهجرة في عام 2021 ولم يتعرّضوا أو يشهدوا استخداماً لـ"القوة المفرطة" أثناء إعادتهم قسرياً من أوروبا لا تتجاوز 5%.
زمن كورونا
قال التقرير إن انشغال العالم بجائحة كورونا "حال دون توثيق الزيادة غير المسبوقة في أعمال العنف الوحشية ضد الساعين للهجرة على طول الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي".
يزعم التقرير أن قوات حرس الحدود في 13 دولة شرعت في تنفيذ "أساليب ردع" شنيعة، منها "الضرب المتواصل مدة طويلة، وحلق الرؤوس، والتعرية القسرية، والاعتداءات الجنسية، وتسليط الكلاب للاعتداء على المهاجرين، وأساليب أخرى".
يتناقض ذلك مع ما تقرّه قوانين الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي للحق في طلب اللجوء، وعدم الإجبار على عبور الحدود والتعرض لمخاطر الحروب والاضطهاد.
فيما قالت هوب باركر، المحررة المشاركة في التقرير، وكبيرة محللي السياسات في شبكة مراقبة العنف على الحدود، إنها أمضت 4 سنوات ونصف السنة في جمع الشهادات من أشخاص قالوا إنهم أُجبروا على مغادرة الحدود اليونانية.
وأشارت باركر إلى أن العنف الممارَس في اليونان صار أكثر منهجية منذ إصدار الشبكة تقريرها عام 2020، فقد بدا الأمر في البداية مجرد "حوادث متقطعة وقليلة"، أما الآن فقد أصبح "نهجاً منظماً شاملاً يمتد إلى عمق الأراضي اليونانية".
وتحدثت باركر عن طريقة أخرى للتستر على اضطهاد المهاجرين، وهي المساعي المتنامية لإدانة الناشطين الذين يساعدون المهاجرين وقمع أصواتهم والتصدي لنشاطهم.
وقالت باركر إنها قررت مغادرة اليونان بعد تعرضها للمراقبة واستهداف الشرطة لها بعمليات تفتيش متوالية، والتشهير بها في وسائل الإعلام الموالية للحكومة.
محاربة ناشطي حقوق الإنسان
وزعمت باركر أن هذه التحركات ضدها بدأت بعد أن نشرت تقريراً عن مساندتها للإجراءات التي شرعت فيها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لمساعدة الأشخاص الذين يُزعم أن السلطات اليونانية تركتهم في جزر صغيرة على نهر إفروس بين اليونان وتركيا.
ويزعم التقرير أن كرواتيا جرَّدت ناشطاً يعمل في منظمة Are You Syrious غير الحكومية من تصريح الوضع القانوني للجوء بعد أن رفض العمل مع الأجهزة الأمنية في البلاد.
تناول التقرير شهادة مهاجر سوري، يبلغ من العمر 36 عاماً، كان قد وصل وابنه، البالغ من العمر 8 سنوات، مع مجموعة من المهاجرين السوريين إلى قرية "نيو تشيمونيو" اليونانية، بالقرب من الحدود التركية، في فبراير/شباط 2022. لكن مجموعة من الضباط يرتدون زياً أخضر أوقفوهم، وصادروا هواتفهم، ثم نقلوهم إلى مبنى أجبروهم فيه على خلع ستراتهم وقمصانهم وسراويلهم، وتعرضوا لصفع كل من لم يفهم أوامرهم.
ثم التحقت بهؤلاء المهاجرين مجموعة أكبر من مهاجرين سوريين وأفغان وصوماليين ومغاربة (58 شخصاً)، أعمارهم بين 8 أعوام و60 عاماً. واحتُجزوا مدة 4 ساعات في غرفة ليس بها سوى مرحاض قذر وسرير بطابقين. وبعد ذلك تعرّض كل منهم للضرب نحو 10 ثوانٍ، ثم أُجبروا على الركوب بشاحنة أخذتهم إلى قارب نقلهم خارج اليونان.
وقال المهاجر السوري في شهادته إنه والمحتجزين لم يُعرض على أي منهم طعام أو ماء أو رعاية طبية أو مترجم للتفاهم معهم. ولدى سؤاله إذا كان قدم طلباً للجوء، أجاب بأنه أحجم عن ذلك خشية أن يتعرض وابنه للضرب.