يبدأ الرئيس الصيني شي جينبينغ، الأربعاء 7 ديسمبر/كانون الثاني 2022، زيارة للسعودية هي الأولى له منذ 2016 إلى أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم، ويُتوقّع أن تتركز زيارة الرئيس الصيني للسعودية على تعزيز التقارب الاقتصادي والدبلوماسي بين العملاق الآسيوي والدول العربية.
حسب وكالة الأنباء الفرنسية فإن الرئيس الصيني سيعقد، خلال الزيارة التي تستمر حتى الجمعة 9 ديسمبر/كانون الأول، لقاءات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على أن يشارك أيضاً في قمتين خليجية – صينية وعربية – صينية يحضرهما قادة دول المنطقة.
بينما قالت صحيفة The Guardian البريطانية إن زيارة الرئيس الصيني للسعودية تأتي تتويجاً لعقود من التعاون الذي كان قائماً في السابق على مبيعات النفط، والذي تطور ليصبح تجارة ثنائية تقترب قيمتها من 90 مليار دولار سنوياً.
3 قمم خلال زيارة الرئيس الصيني للسعودية
حسب الصحيفة البريطانية، سيلتقي الرئيس الصيني بأكثر من 30 رئيس دولة، ورجال أعمال، خلال زيارته التي ستستغرق ثلاثة أيام للعاصمة السعودية، والتي من المقرر أن تفضي إلى "اتفاق استراتيجي" بين الدولتين.
الاستقبال الاحتفالي الذي ينتظر الرئيس الصيني سيكون على نطاق مشابه للاستقبال الذي حظي به دونالد ترامب خلال الأشهر الأولى من إدارته، ويتناقض تناقضاً صارخاً مع زيارة خليفته، جو بايدن، الباهتة إلى جدة في أغسطس/آب الماضي، التي لم تثمر عن شيء.
حيث ستتصدر صفقات الطاقة والبنية التحتية جدول أعمال زيارة الرئيس الصيني للسعودية، وفقاً لما ذكره شخصان مطلعان على التحضيرات.
كما قالا إنه من غير المرجح، على سبيل المثال، أن تقبل السعودية بفكرة الدفع باليوان عوضاً عن الدولار مقابل النفط، في إشارة إلى التقارير المتداولة مطلع هذا العام. وقال دبلوماسيون ومحللون حينذاك إن هذه التقارير رسالة سياسية للولايات المتحدة وليس ما تخطط له المملكة.
هذه الزيارة توفر للرياض فرصة ذهبية لعرض قوتها الجاذبة في الشراكة التجارية وحضورها المتنامي كقوة عالمية فاعلة لا يستهان بها. وبكين بالفعل أكبر شريك تجاري للرياض، والسعودية عضو في خطة الصين العالمية "الحزام والطريق".
حيث قال مسؤول سعودي رفيع المستوى: "قلنا مراراً إن هناك أطرافاً كثيرة غير واشنطن يمكننا التعاون معها. وهذه الرسالة ستتضح جلياً حين تبدأ هذه الزيارة. الصينيون لا يعطون محاضرات ولا يسيئون الأدب. ويعرفون كيف يبرمون الصفقات. لكن الأمريكيين يريدوننا أن ننحاز لجانب واحد، وهذا ما لن نفعله".
استعداداً للزيارة، عُلّقت الأعلام الصينية في أنحاء الرياض وفي قاعات الاحتفالات حيث ستجري مراسم استقبال شي. ويُتوقع أن يصل قادة ورجال أعمال خليجيون، الأربعاء، بعد أن تلقّى كثير منهم دعوات عاجلة مطلع هذا الأسبوع.
التوترات مع واشنطن وأزمة النفط
تأتي زيارة الرئيس الصيني للسعودية بينما تشهد العلاقات السعودية الأمريكية توتراً إثر قرار المملكة خفض إنتاج النفط من خلال تحالف "أوبك بلاس".
حيث اعتبر البيت الأبيض قرار الكارتل النفطي الذي تقوده السعودية اصطفافاً إلى جانب روسيا في حرب أوكرانيا، وهو أمر رفضته السعودية، معتبرة أن ما يمليه هو حركة السوق فقط. واختارت المجموعة التي تضمّ السعودية وروسيا، الأحد، الإبقاء على مستويات خفض الإنتاج نفسها.
كما تأتي زيارة الرئيس الصيني للسعودية بعد أيام من اتفاق دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي على حدّ أقصى لسعر برميل النفط الروسي قدره 60 دولاراً، في محاولة لحرمان الكرملين من موارد حرب، ما أثار مزيداً من عدم اليقين.
يقول توربورن سولتفات من مؤسسة "فيريسك مابليكروفت" الاستشارية إنه "من المحتمل أن يكون النفط على رأس جدول أعمال زيارة الرئيس الصيني للسعودية أكثر مما كان عليه عندما زار بايدن" المملكة، مضيفاً: "هذان هما اللاعبان الأكثر أهمية في سوق النفط".
استثمارات الصين في السعودية
بعيداً عن الطاقة، يتوقّع محللون أن يناقش قادة البلدين الصفقات المحتملة التي يمكن أن تشهد انخراط الشركات الصينية بشكل أعمق في المشاريع الضخمة، التي تعتبر محورية في رؤية الأمير محمد بن سلمان، لتنويع الاقتصاد السعودي بعيداً عن النفط.
تشمل هذه المشاريع مدينة نيوم المستقبلية بقيمة 500 مليار دولار.
مع ذلك، فإنّ تبني علاقات أوثق مع الصين لا يعني أن المملكة العربية السعودية تريد خفض مستوى شراكتها مع الولايات المتحدة.
فحتى في ذروة التصريحات الصاخبة حول خفض إنتاج النفط في أكتوبر/تشرين الأول حين تحدّث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن "عواقب"، شدّد المسؤولون السعوديون على أهمية علاقاتهم مع واشنطن.
كما يقول المحللون إنه في الوقت الذي تتعاون فيه الصين والسعودية في مبيعات الأسلحة وإنتاجها، لا تستطيع بكين توفير الضمانات الأمنية التي دعمت الشراكة الأمريكية السعودية منذ بدايتها في نهاية الحرب العالمية الثانية.