تتواصل محنة المواطنين الأفغان، الذين سبق لهم أن اشتغلوا مع الحكومة البريطانية قبل سيطرة حركة طالبان على السلطة، وقالت صحيفة "The Observer" إن لندن تركتهم منذ نحو عام يواجهون الخوف والتعذيب في أفغانستان، وأضافت أن بريطانيا تقاعست عن الوفاء بوعود الحماية لهم.
صحيفة The Guardian البريطانية أشارت، في تقرير لها، السبت، 3 ديسمبر/كانون الأول 2022، إلى أن الحكومة البريطانية كانت قد أعلنت عن خطة وزارة الداخلية لـ"إعادة توطين المواطنين الأفغان في بريطانيا" (ACRS) في يناير/كانون الثاني الماضي.
حيث تعهّدت فيها بمساعدة الأفغان الذين عملوا لدى الحكومة البريطانية أو ارتبطوا بالتعاون معها -مثل طاقم العمل بالسفارة ومعلمي المجلس الثقافي البريطاني- في أفغانستان.
إلا أن تقرير الصحيفة البريطانية كشف أنه لم يتم قبول أو إجلاء أي شخص من أفغانستان بمقتضى الخطة حتى الآن، ما استدعى اتهام وزراء الحكومة بـ"العجز وقلة الاكتراث" بمن وعدت بحمايتهم، رغم أنهم جميعاً يواجهون الخطر أو الأذى الشديد على أيدي طالبان.
التقرير الذي أجرته صحيفة The Observer بالاشتراك مع مجموعة Lighthouse Reports للصحافة الاستقصائية اعتمد على استخبارات مفتوحة المصدر وآراء متخصصين في الطب الشرعي الجنائي ومقابلات مع 10 أفغان ينتظرون إعادة توطينهم.
أفغان يواجهون التعذيب والموت
خلص التقرير إلى أن بعض الأشخاص الذين تعهّدت بريطانيا بمساعدتهم في خطتها قد تعرضوا للضرب المبرح والتعذيب على أيدي طالبان، وبعضهم اختُطف أفراد من عائلته أو ماتوا لعجزهم عن الوصول إلى الرعاية الطبية.
في غضون ذلك، أظهرت البيانات أن وزارة الخارجية التي تدير القسم المسؤول عن تنفيذ الخطة لم تخصص للعمل عليها إلا ما بين 5 موظفين إلى 8، في مقابل 540 موظفاً عملوا بتنفيذ خطط استقبال اللاجئين الأوكرانيين هذا العام. وقالت مصادر إنه "لا يوجد ما يشير إلى أن أفغانستان لها أي قدر من الأهمية".
إذ تتولى وزارة الخارجية إدارة المخطط، وتعاونها وزارة الداخلية، وتشرف الأخيرة على معالجة التأشيرات وإجراء الفحوص الأمنية وترتيبات الإقامة ببريطانيا.
بينما قالت مصادر تعمل في مديرية شؤون أفغانستان بوزارة الخارجية إن المشاورات بشأن المستحقين للإجلاء من أفغانستان بمقتضى برنامج ACRS قد بدأت في أغسطس/آب، وما زالت مستمرة، وذلك على الرغم من أن الوزارة قد أكدت سابقاً أنها ستبدأ في نقل الأفغان المؤهلين إلى بريطانيا في الخريف.
تقاعس الحكومة البريطانية
فيما تعرّضت الحكومة البريطانية لانتقادات شديدة واتهامات بالتقاعس عن إجلاء الأفغان المعرضين للخطر خلال الأيام التي أعقبت سيطرة طالبان على كابول في أغسطس/آب 2021، لا سيما حين تبين وقتها أن الحكومة قد تخلت عن كثير ممن عملوا لديها أو تعاونوا معها في البلاد.
أورد التقرير حالة باتور، وهو أستاذ جامعي سابق، يبلغ من العمر 32 عاماً، وكان يعمل في المجلس الثقافي البريطاني بأفغانستان في 2019. وبعد أن سيطرت طالبان على الحكم العام الماضي، بدأ باتور يتلقى تهديدات بالقتل، فاضطر إلى الاختباء والانفصال عن زوجته وطفليه.
بينما مرضت ابنته نجوى، فاضطرت زوجته لعلاجها في المنزل؛ لأنها ممنوعة من السفر دون محرم، وحين تمكنوا أخيراً من نقلها إلى مستشفى للأطفال تبين أنها تعاني من التهاب كبدي حاد وتسمم بالدم، ثم توفيت بعد ذلك بأزمة قلبية.
بعد 6 أشهر من وفاة نجوى، أخبر المجلس الثقافي البريطاني باتور بأن طلبه للحصول على مكان في خطة إعادة التوطين ببريطانيا قد "رُفض رسمياً" من الحكومة البريطانية. وقال باتور إن الحكومة البريطانية قد "خانته"، "فقد ساعدناهم، ووعدونا بمنزل آمن، لكنهم أخلفوا وعودهم. لم نتوقع ذلك من بريطانيا. لقد خذلونا. ونحن لا ندري ماذا نفعل، وإلى أين نذهب".
اطلع التقرير أيضاً على حالة متعاقد آخر اسمه عزيز، وكان يعمل مترجماً فورياً في السفارة البريطانية لمصلحة شركة GardaWorld، شركة التعاقد الأمني التي كانت مكلفة بحراسة السفارة في عام 2021. وقد تقدم عزيز بطلب لإعادة التوطين، لكنه تلقى رداً في أكتوبر/تشرين الأول بأنه غير مؤهل للالتحاق بالخطة، لأنه "لا يستوفي معايير التعاقد مع GardaWorld".
أورد التقرير أن عزيز كان مدرجاً في قائمة تضم 175 موظفاً من GardaWorld كانوا يعملون بالسفارة، وقد سُلمت القائمة إلى الحكومة البريطانية، ومع ذلك فلم يُنقل إلا 5 موظفين فقط من المدرجين بالقائمة إلى بريطانيا عبر برنامج إجلاء آخر.
دعوات للتحرك بسرعة
من جانب آخر، دعا ستيفن كينوك، وزير الهجرة بحكومة الظل، الحكومةَ البريطانية إلى التصرف "على وجه السرعة"؛ لجلب الأفغان المعرضين للخطر إلى بر الأمان.
بينما وصفت سارة ماغيل، مديرة منظمة آزادي الخيرية، مساعي بريطانيا لإجلاء الأفغان المعرضين للخطر بأنها "فشل تام"، "فبريطانيا تدّعي أنها قوة عالمية، لكننا في الحقيقة قد أحرجنا أنفسنا دولياً بعجزنا عن فحص واستخراج 3 قوائم ثابتة لأفراد معروفين"، وإجلائهم بموجب الخطة التي أعلنا عنها.
فيما أصرّت وزارة الداخلية البريطانية على زعمها بأن الحكومة البريطانية قد أجلت 6300 أفغاني بموجب خطة ACRS، إلا أن التقرير خلص إلى نقيض ذلك، وأشار إلى أن من ذكرتهم الحكومة لم يُقبل طلبهم بعد إعلان الخطة في يناير/كانون الثاني 2022.