تدرس عدة شركات دولية الخروج من تونس بسبب تدهور مناخ الأعمال في البلاد، حيث لم يكن القرض الذي وافق عليه صندوق النقد الدولي بقيمة 1.9 مليار يورو (1.98 مليار دولار) كافياً لطمأنة المستثمرين حتى الآن.
صحيفة Africa Intelligence الفرنسية قالت، الجمعة 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إن قلق مناخ الأعمال امتد إلى كافة القطاعات الاقتصادية تقريباً، بدايةً بقطاع الاتصالات، ووصولاً إلى الهيدروكربونات، وانتهاءً بالأغذية الزراعية.
ووفقاً للصحيفة الاستخباراتية، فقد تأثر قطاع المنتجات الدوائية على نحوٍ خاص، ومن المحتمل أن تزيد قائمة شركات الأدوية المتجهة للخروج من السوق خلال العام المقبل، لتنضم بذلك إلى نوفارتس السويسرية، وباير الألمانية، وغلاكسو سميث كلاين البريطانية.
في السياق، تفكر شركة فايزر الأمريكية العملاقة في اتخاذ خطوةٍ مماثلة نتيجة البيئة التنظيمية والاقتصادية غير المواتية من وجهة نظرها.
مخاوف صناعة الأدوية
من جانبها، أفادت نقابة المؤسسات الصيدلانية للتجديد والبحث بأن الدولة التونسية، ممثلةً في الصيدلية المركزية التونسية، مدينة بـ225 مليون يورو (234 مليون دولار) لمعامل الأبحاث. بينما تتراكم المدفوعات المؤجلة شهراً تلو الآخر.
ولهذا قللت الشركات استثماراتها بدرجةٍ تهدد صناعة الأدوية المحلية أيضاً، حيث تستفيد الأخيرة من عقود تراخيص الشركات العالمية العملاقة.
كما أعلنت الغرفة التي تمثل موردي الأدوية بالجملة عن تعليق أنشطة البيع في الـ15 من نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أن رفضت السلطات إعفاء الصناعة من ترتيبات ضريبة المنبع، ما فاقم نقص الأدوية الذي كانت البلاد تعاني منه في الأشهر الأخيرة. كما تزايدت حالات تأخير سداد تعويضات الأدوية لصالح المستفيدين من الصندوق الوطني للتأمين على المرض.
توترات صناعة الاتصالات
ليست مشكلات صناعة الاتصالات جديدة في تونس، لكنها ازدادت حدةً في أعقاب تراجع الإيرادات الحكومية والضغط على احتياطيات العملات الأجنبية في البنك المركزي التونسي. بينما تكافح شركات الاتصالات الأجنبية الرئيسية، مثل أورانج الفرنسية وأوريدو القطرية، من أجل سحب أرباحها بالعملات الأجنبية.
ولا شك أن هذا الوضع المتكرر يثير قلق أوريدو تحديداً، لأنها تهيمن على السوق وتسجل نمواً ثابتاً في أرباحها داخل تونس منذ عدة سنوات. حيث تستحوذ شركة أوريدو، برئاسة الشيخ فيصل بن ثاني آل ثاني، على 90% من حصص فرعها في تونس. بينما تسيطر الدولة التونسية على الـ10% المتبقية. لكن مصادرنا أفادت بأن مديري أوريدو تونس يفكرون في بيع بعض حصصهم لمشغلٍ آخر. إذ ذُكِرَ اسم شركة AT&T الأمريكية العملاقة كأحد المشترين المحتملين.
هجرة شركات النفط
من جانب آخر، بدأت عدة شركات نفطية عملية بيع أصولها التونسية خلال السنوات الماضية، حيث أعربت شركات CNPC، وENI، وKufpec، وMazarine Energy، وHunt Oil، وOMV عن رغبتها في الانسحاب من البلاد ولو جزئياً. كما خرجت شركة شل من تونس رسمياً في يونيو/حزيران، بعد انقضاء صلاحية إحدى تراخيصها في حقل ميسكار.
يُذكر أن الشركة الإنكليزية الهولندية أعلنت عن رحيلها في منتصف عام 2021، أملاً في الحصول على تمديد لعقدها من جانب السلطات. لكن استراتيجيتها فشلت في تحقيق النتائج المرجوة.
ولا تزال بعض شركات النفط نشطةً في تونس، وأبرزها Perenco. لكن تلك الشركات تنتقد بشدة تباطؤ الحكومة في الموافقة على الامتيازات، والإطار التنظيمي الذي لا يشجع تطوير حقول النفط الناضجة إنتاجياً، ومحدودية حجم حقوق الامتياز، ما يعيق قدرة المستثمرين على تعويض التكاليف.
قانون المالية يحمل بارقة أمل
تنتظر الشركات الأجنبية بفارغ الصبر صدور قانون المالية لعام 2023، الذي يأملون أن يخلق إطار عملٍ أفضل.
إذ رأت الشركات أن إحدى نقاط نسخة 2022 من ذلك القانون لم تكن مناسبةً على نحوٍ خاص، وهي المادة 52 التي ألغت إعفاء شركات التجارة الدولية من ضريبة القيمة المضافة.
وجاء ذلك الإجراء بما يتناقض مع سياسات دولٍ مثل المغرب وتركيا، التي توفر أُطر عملٍ أكثر مرونة للمستثمرين الأجانب، وتحاول تبني سياسة اقتصادية أكثر نشاطاً.
وتسربت المسودة الأولية من قانون عام 2023 في مطلع الشهر الجاري، لكنها لم تقدم أية تعديلات بارزة على الإطار القانوني للاستثمار داخل تونس.