كشفت مصادر ووثائق أن شركة "ميتا"، المالكة لموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أصدرت قرارات فصل وتأديب لأكثر من 20 موظفاً ومتعاقداً معها خلال العام الماضي (2021)؛ بعد إدانتهم بالاستيلاء على حسابات مستخدمين بطرق مخالفة، واتهام بعضهم بتلقي رشوة، بحسب صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.
إذ عمل بعض المفصولين في شركة متعاقدة مع ميتا لتقديم خدمات الأمن، وكانوا يشتغلون بحراسة أمن المرافق بشركة ميتا، ما يسَّر لهم الوصول إلى الآلية الداخلية التي يوفرها فيسبوك للموظفين من أجل مساعدة المستخدمين الذين يواجهون مشكلات في حساباتهم.
استغلال آليات تمنح صلاحيات خاصة
كان فيسبوك قد أقرّ منذ سنواته الأولى، الآلية المعروفة داخلياً باسم "Oops" (اختصار لـOnline Operations) لتكون وسيلة متاحة للموظفين في مساعدة المستخدمين الذين يعرفونهم ممن نسوا كلمة سر الدخول إلى الموقع أو إلى حسابات البريد الإلكتروني المرتبطة بها، أو المستخدمين الذين استولى قراصنة إلكترونيون على حساباتهم.
لكن المصادر والوثائق كشفت أن المخالفات تضمنت قبول بعض الموظفين بالشركة رشاوى بآلاف الدولارات من قراصنة خارجيين للوصول إلى حسابات المستخدمين. في حين أشار مصدر إلى أن الإجراءات التأديبية الصادرة جاءت ضمن تحقيق داخلي مطول يشرف عليه مديرون تنفيذيون بشركة ميتا.
في السياق، قال آندي ستون، المتحدث باسم ميتا، إن "الأفراد العاملين بالاحتيال دائماً ما يستهدفون المنصات الإلكترونية، ومنها منصات خدماتنا، وهم يعملون على تهيئة أساليبهم بحسب وسائل الاختراق التي يشيع استخدامها في تلك المنصات. ونحن نؤكد أن الشركة ستواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المتورطين في هذه الخطط".
فيما قالت متحدثة باسم شركة Allied Universal، المتعاقد الأمني مع شركة ميتا، إن الشركة "تأخذ على محمل الجد جميع التقارير المتعلقة بانتهاك [بعض الموظفين] معايير السلوك لدينا".
غياب خدمة العملاء
تُبرز أزمة الفصل والإجراءات التأديبية صعوبة المشكلة الكبيرة والمعقدة التي وقعت فيها "ميتا" بإقدامها على توفير خدماتها لأكثر من 3 مليارات مستخدم عبر منصاتها دون أن تستعين بخدمة عملاء تقريباً، وإن كانت الشركة قالت إنها عازمة على بناء هذا القسم في السنوات القادمة.
حين يتعرض حساب أحد المستخدمين للحظر على فيسبوك أو إنستغرام، فإنه عادةً ما يلجأ إلى طرق آلية لإعادة تفعيل حسابه أو يحاول الوصول إلى شخص من شركة "ميتا" عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني، غير أن كثيراً من المستخدمين قالوا إن هذه الوسيلة تكون بلا جدوى في غالب الأحيان. أما الحل الأخير الذي يلجأ إليه بعض الناس، فهو التواصل مع موظف أو متعاقد مع شركة ميتا لتسجيل طلب من خلال قناة Oops المتاحة لموظفي الشركة.
يفترض أن يقتصر استخدام أداة Oops على الحالات الخاصة، مثل أصدقاء الموظفين وعوائلهم والشركاء التجاريين والشخصيات العامة، لكن استخدامه تزايد مع ارتفاع عدد الموظفين والمديرين بشركة ميتا. فقد أوردت وثيقة اطلعت عليها الصحيفة، أن قناة Oops زاد استخدامها من 22 ألف مرة في عام 2017 إلى 50.270 مرة في عام 2020.
وسيلة للاحتيال وطلب المال
كذلك أشارت الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة الأمريكية، إلى أن الموظف أو المتعاقد الراغب في تقديم طلب لقناة Oops يتعين عليه تقديم عنوان البريد الإلكتروني الذي يود ربطه بحساب فيسبوك أو إنستغرام الذي يريد تفعيله، وأن يجيب عن عدة أسئلة، منها السؤال عن هوية صاحب الحساب وما إذا كان من فريق الرئيس التنفيذي للشركة مارك زوكربيرغ، أو أحد المشاهير، أو فرداً من العائلة، أو شريكاً مساهماً. ثم يُوجَّه الطلب إلى فريق دعم مجتمع ميتا.
بالنظر إلى أن أشخاصاً كثيرين يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي في أعمالهم، وفي إدارة جوانب مهمة من حياتهم، فإن الاستيلاء على الحسابات وابتزاز أصحابها صارا وسيلة للاحتيال وطلب المال من بعض الناس الذين قد تتأثر أعمالهم أو حياتهم بسرقة حساباتهم، حتى إن بعض حسابات فيسبوك وإنستغرام المسروقة باتت تباع مقابل عشرات الآلاف من الدولارات في منتديات أخرى عبر الإنترنت.
لكن لما كان نظام Oops محظوراً على الغالبية العظمى من مستخدمي فيسبوك، فإن بعض الوسطاء المتاحة لهم هذه الوسيلة بدأوا في استخدامها لفرض أموال على المستخدمين الذين يريدون استعادة السيطرة على حساباتهم.
وتشير المصادر التي تحدثت إليها صحيفة "وول ستريت جورنال"، إلى أن بعض هؤلاء الوسطاء تكون لديهم إمكانية التواصل مع موظفي ميتا، وبهذه الوسيلة يساعدونهم في إعادة تفعيل الحسابات نظير مبالغ مالية.
وقالت بروك ميلارد، عارضة أزياء مقيمة في مقاطعة أورانج بولاية كاليفورنيا الأمريكية ولديها نحو 650 ألف متابع على حسابها بموقع إنستغرام، إنها دفعت قرابة 7 آلاف دولار لشخصٍ على تواصل بجهةِ اتصال في شركة ميتا لاسترداد حسابها.
انتهاكات لشروط الاستخدام
من جانب آخر، قال آندي ستون، المتحدث باسم ميتا، إن شراء الحسابات وبيعها ودفع الأموال مقابل خدمة استرداد الحساب تنطوي جميعها على انتهاكات لشروط الخدمة بموقع فيسبوك.
في سياق متصل، أجرت شركة ميتا تحقيقات أيضاً مع بعض الموظفين السابقين ممن لهم تواصل مع موظفين بالشركة، بعد مزاعم بأنهم شاركوا في الاستيلاء على حسابات مستخدمين.
وكشفت رسالة اطلعت عليها الصحيفة ذاتها، أن محامياً موكلاً عن ميتا أرسل في يوليو/تموز، خطاباً إلى متعاقد أمني سابق، اسمه كيندل ملبورن، للتحقيق في مزاعم تتهمه بأنه ساعد "جهات أخرى في الاستيلاء بوسيلة احتيال على حسابات بموقع إنستغرام"، وطلبت الشركة من ملبورن تقديم قائمة مفصلة بحسابات المستخدمين التي حاول إعادة تفعيلها، والأموال التي حصل عليها من خلال ذلك.
وأشارت المصادر ووثائق اطلعت عليها الصحيفة، إلى أن موظفة في شركة Allied Universal طُردت في فبراير/شباط الماضي، بعد أن خلص تحقيق داخلي إلى إدانتها بالمشاركة في إعادة تفعيل حسابات مستخدمين بالنيابة عن قراصنة، وتلقيها آلاف الدولارات بعملة بيتكوين الرقمية مقابل خدماتها.
في أعقاب ذلك، فرضت شركة Allied إجراءات صارمة على استخدام موظفيها للأنظمة الداخلية في شركة ميتا. وأوردت رسالة داخلية صدرت منذ مدة قريبة، واطلعت عليها "وول ستريت جورنال"، تحذيرات من الشركة لموظفيها، وتعليمات بعدم استخدام نظام Oops التابع لشركة ميتا.