كسر نادي رؤساء الحكومات اللبنانية حاجز الصمت بعد عدة أشهر من الغياب شبه الكامل عن العمل والتواصل، وهذا النادي الذي لعب أدواراً مهمة قبيل انسحاب زعيم تيار المستقبل سعد الحريري من الساحة السياسية، يعود اليوم إلى الساحة السياسية في ظل تساؤلات عن سبب رجوعه للمشهد.
التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومعه الرئيسان السابقان للحكومة تمام سلام وفؤاد السنيورة، أمس، في منزل ميقاتي وكان لهم موقف واضح من الانتخابات الرئاسية على الرغم من أن الثلاثة اليوم باتوا خارج المجلس النيابي عقب انسحابهم من خوض الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/أيار الماضي.
وطالب الرؤساء الثلاثة في بيان مشترك، بضرورة انتخاب رئيس دولة "يتمتع بثقة كل اللبنانيين" و"يحترم الدستور"؛ في محاولة للقول إن رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، خرق الدستور بمناسبات عديدة.
سنية الاستحقاق الرئاسي
بالتوازي تعتبر العديد من الأوساط السياسية اللبنانية أن إعادة تحريك نشاط هذا النادي الذي يأخذ صبغة "سنية"، ترتبط بتحديد أمين عام حزب الله حسن نصر الله، لمواصفات وملامح رئيس الجمهورية حتى ينشط رؤساء الحكومات السابقون مرة أخرى.
بالمقابل ينفي مصدر مقرب من النادي الحكومي وجود أي صلة بين نهجهم وخطاب نصر الله، ويشير المصدر إلى أن لقاءات النادي مستمرة ولم تنقطع قط، ويوضح أن البيان الصادر عنهم يندرج في إطار واضح وهو أنه لا يمكن السكوت عن موضوع لا يقل أهمية من الانتخابات الرئاسية.
ويشير المصدر إلى أن النادي لا يمكنه أن يبقى متفرجاً على محاولات حزب الله فرض إرادة وشكل للرئيس المقبل، وأن الرئيس القادم يجب أن يعمل لكل اللبنانيين ولا يخضع لسقف عالٍ من حزب الله والتيار الوطني الحر.
ويعقب المصدر على ما يشاع حول أن هذا الاجتماع بطلب سعودي، بأن النادي يلتئم بشكل دوري دون طلب من أحد، وهذا اللقاء لديه محددات واضحة وهي السعي لتأمين نصاب انتخاب رئيس يحترم الدستور واتفاق الطائف.
استحقاق دون الحريري.. ومناورات ميقاتي
بالمقابل يشير المصدر إلى أن هذا النادي موجود اليوم لملء الفراغ الموجود سنياً نتيجة عدم وجود قيادة سنية موحدة بعد انسحاب الحريري من الحياة السياسية، الأمر الذي انسحب على المكون السني في البلاد وأدى إلى تشتت حضوره وفاعليته بالتأخير بالاستحقاقات المهمة.
يقول مصدر حكومي لـ"عربي بوست"، إن ميقاتي يقوم بمناورات سياسية لضمان عودته لرئاسة الحكومة اللبنانية، فقبيل بيان رؤساء الحكومة السابقين، أدلى ميقاتي بتصريحات صحفية قال فيها "إن لدي علاقات تاريخية مع زعيم تيار المردة سليمان فرنجية وأريده أن يصبح رئيساً"، ويشير المصدر إلى أن فرنجية هو المرشح المفضل لحزب الله ونظام بشار الأسد، فكيف يعلن ذلك ويشارك في التوقيع على بيان مع زملائه يدعو إلى انتخاب رئيس لا يتوافق، مع ذلك، مع مواصفات فرنجية.
ويشير المصدر الحكومي إلى أن ميقاتي من خلال هذين الموقفين المتناقضين يسعى "لضرب عصفورين بحجر واحد" عبر شرعنة أي موقف مستقبلي لحزب الله وحلفائه بتبني فرنجية من خلال رئيس حكومة سني يتمتع بعلاقات خارجية وداخلية، وأنه حاضر لتولي أي حكومة مستقبلية إذا ما نجح الحزب والنظام السوري في الإتيان بفرنجية لرئاسة الجمهورية.
الحزب وميقاتي..
وفقاً للكاتبة السياسية ملاك عقيل، فإن ميقاتي يعلم أن لا مكان له حكوميّاً في مرحلة ما بعد الفراغ الرئاسي، وحزب الله تحديداً ليس بوارد التعاون معه مجدّداً، بعدما كان أصلاً ضدّ تقديم سعد الحريري وحسان دياب استقالتهما، ثمّ تقبّل بواقعية سياسية تعيين ميقاتي مجدّداً رئيساً للحكومة بضغط من رئيس مجلس النواب نبيه برّي.
وتشير عقيل إلى أنه يُتوقَّع أن تكون لرئيس مجلس النواب نبيه بري كلمة حاسمة، في الجلسة الرئاسية السادسة، عبر تجاوز قاعدة الثلثين الدستورية في انتخاب رئيس الجمهورية، إضافة إلى مسألة جواز تشريع مجلس النواب في ظلّ الشغور الرئاسي، وذلك بعد دحرجة كرة الاعتراض من جانب قوى المعارضة والتغيير.
لكن بحسب عقيل، فإن هذه التفاصيل الشكلية لا تجد لها مكاناً في عمق أزمة الرئاسة التي تنتظر توافقاً خارجياً، قد يطول، لينسحب تقارباً داخلياً يمهّد لدخول "خليفة" ميشال عون إلى قصر بعبدا.