تسارع العديد من مصافي النفط حول العالم للحصول على إمدادات النفط الخام من الشرق الأوسط استعداداً للعام القادم، تقودهم إلى ذلك "مخاوفهم" مما سيؤول إليه برنامج التصدير الضخم الخاص بروسيا، في ظل العقوبات المفروضة على موسكو بسبب هجومها على أوكرانيا، وفق ما ذكرته وكالة Bloomberg الأمريكية، الثلاثاء، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
يأتي ذلك بينما يتأهب الاتحاد الأوروبي، المكون من 27 دولة، لفرض حظر يمنع جميع شركات الوقود في التكتل الأوروبي تقريباً من شراء الشحنات المنقولة عبر البحر من روسيا، في محاولة من دول الاتحاد لمعاقبة الكرملين على غزو أوكرانيا.
بحسب بلومبرغ، فإن التأثير الكامل لتلك القرارات والقيود لن يتضح إلا عندما يبدأ سريان تطبيقها، غير أن هناك تكهنات واسعة الانتشار تفيد بأن صادرات البترول الخاصة بروسيا -التي تعد ضمن الأكبر عالمياً- سوف تنخفض.
زيادة كميات النفط
ودفعت هذه الحالة من انعدام اليقين ما لا يقل عن 9 تجار ومصافي نفط في آسيا وأوروبا إلى محاولة الحفاظ على كمية النفط التي يحصلون عليها من الشرق الأوسط، أو زيادتها بموجب ما يسمى بـ"العقود لأجل".
يقول المسؤولون في آسيا إن طلباتهم تمت تلبيتها. ولكن في ظل تعهد السعودية ومنتجي النفط الآخرين في المنطقة بخفض الإنتاج، ليس هناك ضمانات بأن جميع المشترين سيكونون محظوظين.
بدوره، قال لين كيه ين، المتحدث باسم شركة Formosa Petrochemical Corporation التايوانية، عبر الهاتف: "غالبية المصافي الآسيوية، بما في ذلك شركتنا، تحاول المحافظة على نفس الكمية من النفط الخام القادم من الشرق الأوسط، بل قد تزيد قليلاً. إذا بدأت البلاد الأوروبية في نقل الخام من الشرق الأوسط، سوف تكون هناك منافسة أكبر في السوق الفورية".
وأوضحت وكالة بلومبرغ أن الشحنات الفورية من الولايات المتحدة وبحر الشمال وحتى من الخليج، سوف تواجه، على الأرجح، منافسة شديدة بسبب غياب براميل النفط الروسية.
ففي ظل انخفاض كميات النفط الروسي المتجهة نحو حوض المحيط الأطلسي، تقترب أوروبا من آسيا التي تُعد الوجهة الأولى لبراميل النفط الأمريكية. وفي الوقت ذاته، تشهد الشحنات القادمة من بحر الشمال وكازاخستان تهافتاً متزايداً من الأوروبيين، مما يترك خيارات أقل أمام هذه المصافي الآسيوية التي اجتنبت النفط الروسي.
حالة من عدم اليقين
لا تخلق جميع العوامل هذا الشعور بالإلحاح بين مصافي النفط. فثمة توقعات قاتمة بالنسبة للطلب، تقودها ضغوط الركود واستمرار الإغلاقات في الصين بسبب الفيروس.
علاوة على حظر الاستيراد المفروض من جانب أوروبا، تعهد الاتحاد الأوروبي كذلك بمنع توفير التأمين والسمسرة والشحن لأي مكان في العالم إلا إذا كان النفط محل النظر قد بيع بموجب برنامجٍ يستهدف وضع حد أقصى على الأسعار. في حين لم يُتخذ بعد قرار حول ذلك الحد الأقصى من جانب مجموعة الدول الصناعية السبع، مما يخلق طبقة أخرى من انعدام اليقين.
يُذكر أن النفط ارتفع هذا العام بأكثر من 20%، رغم إشراف الرئيس الأمريكي جو بايدن على سحب كمية تاريخية من النفط، بلغت 180 مليون برميل، من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأمريكي. علاوة على أن ارتفاع سعر الخام إلى 100 دولار للبرميل يكشف هو الآخر عن بعض المخاطر الكامنة في قرار تجمع أوبك بلس بخفض الإنتاج، وهو القرار الذي أثار الجدل.
مبيعات خام مربان
في سياق متصل، اتفق ما لا يقل عن 5 مصافي وتجار، إما على المحافظة على إمدادات النفط الخام من الشرق الأوسط لعام 2023 أو زيادتها، واختتمت ما عُرف بمحادثات العقود لأجل، وذلك حسبما قال المشاركون في المحادثات.
وفي أوروبا، قال أشخاص من 4 مصافي نفس الشيء، وذكروا في الوقت نفسه أن الحصيلة النهائية سوف تعتمد على مدى توفر النفط الخام.
وباعت شركة النفط الوطنية الكورية إمداداتها للعام القادم من خام مربان الإماراتي بسعر أعلى بـ 20 سنتاً للبرميل من سعر البيع الرسمي، إلى تجار أوروبيين عبر عملية عطاء، وذلك حسبما قال التجار. وأوضحوا أن هذا السعر أعلى بـ10 سنتات من سعر العام الماضي.
وبينما توجد قيود حول الكميات الإجمالية التي يمكن زيادتها من الشرق الأوسط، فإن بعض الكميات الإضافية قد تأتي من الإمارات والمنطقة المحايدة المشتركة بين السعودية والكويت، وذلك وفقاً للين كيه ين، المتحدث باسم شركة Formosa.
وأوضح لين أنه برغم ذلك، قد يكون هناك غطاء على الكمية التي يستطيع منتجو الخليج تقديمها، ولا سيما نظراً إلى أن هناك بعض محطات النفط التي تبدأ عملياتها في المنطقة.