نظمت جبهة الخلاص الوطني في تونس، الأحد 6 نوفمبر/تشرين الثاني، مظاهرة جابت شوارع مدينة الرقاب في محافظة سيدي بوزيد وسط البلاد، للمطالبة بالحفاظ على حرية الاجتماع والتعبير والتظاهر السلمي.
وكان يفترض أن ينعقد اجتماع داخل إحدى القاعات المغلقة، ولكن الضغوط الأمنية على صاحب القاعة حالت دون ذلك، فتحول الاجتماع إلى مسيرة شعبية احتجاجية جابت أغلب شوارع المدينة.
وبثت الجهة فيديو للمظاهرة في صفحتها على فيسبوك، رفع خلالها المتظاهرون شعارات منها "حريات.. حريات.. دولة البوليس وفات"، و"يا مواطن يا مقموع زاد الفقر زاد الجوع"، و"يا للعار يا للعار الأسعار اشتعلت نار".
وفي كلمة لرئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي أمام المتظاهرين قال: "جئناكم رغم التهديدات التي صدرت على شبكات التواصل الاجتماعي؛ لأن الشهداء تركوا في أعناقنا واجب المحافظة على حرية الاجتماع وحرية التعبير، وها نحن ندافع عنها ولا نخضع للاستبداد الذي يريد العودة".
الشابي أضاف: "الانقلاب في أشد مأزق، وهو يستعد إلى أكبر هزيمة وهي هزيمة الانتخابات"، في إشارة إلى الانتخابات التشريعية المزمعة يوم 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
كما تساءل الشابي: "عن أي انتخابات يتحدثون والتونسيون قاطعوها، بحيث إن دوائر انتخابية كثيفة السكان في العاصمة ترشح عنها مواطن وحيد، فنواب أي شعب هؤلاء؟ نواب شعب عزف عن الانتخابات وقاطعها؟… هذه الانتخابات ستكون هزيمة جديدة للانقلاب".
وهذه الجبهة أُعلن عنها في 31 مايو/أيار الماضي، وتضم خمسة أحزاب هي "النهضة" و"قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" و"حراك تونس الإرادة" و"الأمل"، إضافة إلى حملة "مواطنون ضد الانقلاب"، وعدد من البرلمانيين.
الجبهة ذكرت في بيان لها، السبت 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أنها "قررت عقد اجتماع في مدينة الرقاب، غير أن والي سيدي بو زيد، تلكأ في قبول الإعلام بالاجتماع، كما يوجب عليه القانون ذلك، ثم مارست السلطات الأمنية والمحلية ضغوطاً على صاحب القاعة التي كان من المزمع عقد الاجتماع بها، حتى يتراجع"، مضيفة أن "هذه الضغوط الأمنية تكررت على صاحب قاعة ثانية؛ ما أجبره أيضاً على التراجع عن إعطاء القاعة".
البيان أوضح أيضاً أنه "إزاء تعنت السلطة في الاعتداء الصارخ على حرية الاجتماع والتعبير، ومحاولتها العودة بالبلاد إلى مربع الاستبداد البغيض، فإن جبهة الخلاص الوطني تعلن تمسّكها بمكاسب الثورة في حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي، وتعلن تمسكها بعقد اجتماعها في ساحة عمومية بمدينة الرقاب، كلفها ذلك ما كلفها، وتدعو كافة القوى الوطنية إلى التضامن معها دفاعاً عن الحرية، فلهيب الاستبداد لا يبقي ولا يذر إن انطلقت شرارته في أي بقعة من البلاد".
من جانبه، حذر عضو الجبهة جوهر بن مبارك، السلطات من "التواطؤ مع الميليشيات الشعبوية العنيفة"، مؤكداً أن "تهديداتكم لن تزيدنا سوى تصميم وعزم وقوّة وحشد".
وفي كلمة أمام المتظاهرين، قال بن مبارك: "لن نترك تونس للانقلاب ولقيس سعيّد، لقد أرادوا منعنا من الاجتماع داخل قاعة والوصول أصلاً إلى مدينة الشهداء، وأرادوا انتزاع حقنا في الاجتماع والتظاهر، وقاموا بمراسلة أصحاب القاعات، ولكننا هنا اليوم في شوارع الرقاب، تستوعبنا كل ساحات البلاد".
بن مبارك أضاف: "دفعنا الغالي والنفيس حتى نعيش بكرامتنا، ونحن لن نسلم في هذا الحق، ولن نستسلم ولن نتراجع".
ومنذ 25 يوليو/تموز 2021، تعاني تونس أزمة سياسية حادة حين بدأ سعيّد فرض إجراءات استثنائية، منها إقالة الحكومة وتعيين أخرى، وحل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء في 25 يوليو/تموز الماضي وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وتعتبر قوى في تونس، بينها جبهة الخلاص الوطني، الإجراءات الاستثنائية "انقلاباً على دستور 2014 (دستور الثورة) وتكريساً لحكم الفرد المطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحاً لمسار ثورة 2011" التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.
أما سعيد، الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، فاعتبر أن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ الدولة من "انهيار شامل".