يجتمع القادة العرب، الثلاثاء 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، في قمة تستضيفها الجزائر، هي الأولى منذ 3 سنوات، مع استمرار الانقسامات حول النزاعات الإقليمية، خصوصاً في سوريا وليبيا، فضلاً عن تطبيع بعض الدول لعلاقاتها مع إسرائيل.
وضعت الجزائر هذه القمة الحادية والثلاثين للمنظمة العربية تحت شعار "لم الشمل" لكن عدة دول، لا سيما بلدان الخليج، لن تكون ممثلة بقادة دولها، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، اعتذر عن المشاركة في قمة الجزائر رسمياً، بسبب مشكلة صحية في الأذن، وبحسب تقارير صحفية، فإن رئيس الإمارات وملك البحرين سيغيبان أيضاً.
كذلك تغيب سوريا عن القمة العربية، على الرغم من سعي الجزائر في الكواليس بتشجيع من روسيا لإعادة دمشق إلى الجامعة العربية، التي عُلقت عضويتها فيها نهاية عام 2011 في بداية الاحتجاجات ضد نظام بشار الأسد، لكنها تخلت عن هذا المسعى رسمياً بناءً على طلب النظام نفسه.
كانت جامعة الدول العربية التي تضم 22 دولة، قد عقدت آخر قمة لها في مارس/آذار 2019 في تونس، قبل تفشي وباء فيروس كورونا.
منذ ذلك الحين، قامت دول عدة أعضاء في المنظمة، التي وضعت تاريخياً دعم القضية الفلسطينية وإدانة إسرائيل على رأس أولوياتها، بتطبيع لافت مع تل أبيب.
فطبعت دولة الإمارات العربية المتحدة علاقاتها مع إسرائيل في 2020، في إطار سلسلة اتفاقيات لعبت واشنطن دوراً كبيراً فيها، ثم حذت البحرين والمغرب والسودان حذوها.
يثير هذا التقارب اهتماماً في سياق القمة؛ إذ إن الجزائر، مضيفة الاجتماع، من أشد المؤيدين للفلسطينيين، فقد رعت الجزائر اتفاق مصالحة بين الفصائل الفلسطينية في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2022، رغم أن فرص تنفيذه على أرض الواقع تبدو ضئيلة.
كذلك أدى التعاون الأمني الذي أقامته المغرب المجاورة للجزائر، مع إسرائيل، بعد تطبيع العلاقات بينهما، إلى تفاقم توتر العلاقات بين البلدين، وهي علاقات متوترة أصلاً بسبب الخلافات العميقة بشأن الصحراء الغربية، والتي أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما في أغسطس/آب 2021، بقرار من الجزائر.
الدبلوماسية الجزائرية
منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى السلطة في الجزائر نهاية 2019، عادت الدبلوماسية الجزائرية للنشاط الكثيف، بعد سنوات من الجمود على الساحة الدولية، بسبب مرض الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
قامت الجزائر بجميع التحضيرات اللازمة من أجل استقبال مميز للمشاركين في القمة، التي ينتظر أن تفتتح أعمالها عند الساعة 18:00 بالتوقيت المحلي (17:00 بتوقيت غرينتش)، على أن تختتم مساء يوم الأربعاء 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
زُينت الشوارع الرئيسية للعاصمة الجزائرية والمباني الحكومية بأعلام الدول العربية، كما علقت لافتات ضخمة على لوحات إعلانية ترحب "بالأشقاء العرب".
حسني عبيدي مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي في جنيف، رأى أن "الدبلوماسية الجزائرية انتقلت الى المرحلة الهجومية على المستويين العربي والإفريقي".
وإن كان النزاع الإسرائيلي الفلسطيني والوضع في سوريا وليبيا واليمن مدرجاً على جدول أعمال القمة، فسيتعين على القادة العرب والوفود المشاركة في إيجاد مخارج دبلوماسية معقدة في صياغة الإعلان النهائي للقمة، لتجنب الإساءة والإحراج إلى أية دولة رئيسية في المنظمة.
في هذا الصدد، كشفت مصادر "عربي بوست" أن اجتماع وزراء الخارجية العرب، للتحضير للقمة العربية في الجزائر، شهد وجود خلافات عميقة بين الدول الأعضاء بسبب 3 ملفات.
المصادر قالت إنه تم القفز على الخلافات وتقديم تنازلات من مختلف الأطراف، من أجل التوصل إلى بيان ختامي يرضي الجميع يتمحور حول الأمن القومي، والأمن الغذائي، والقضية الفلسطينية، والعمل على بعث المبادرة العربية.
أشارت المصادر إلى أن المغرب وبعض دول الخليج أصرت على إدراج بند في البيان الختامي للقمة العربية يدين التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية، في حين دعت كل من مصر والعراق إلى إدانة التدخل التركي في المجال العربي، وهو الأمر الذي رفضته أيضاً الجزائر، والتي قالت إنها "لن تُدين تركيا من فوق أراضيها".
كذلك لفتت المصادر إلى أن لبنان والعراق تحفظا على إدانة إيران، بينما رفضت الجزائر رفضاً قاطعاً إدانة تركيا، وانضم إليها كل من ليبيا وقطر.
يُشير عبيدي إلى "التناقض في هذه القمة التي تنعقد تحت شعار التنسيق المشترك، بينما تحمل كل دولة أجندة وأهدافاً خاصة بمصالحها الشخصية. الجامعة العربية هي المرآة العاكسة للسياسة الخارجية العربية".