شهدت مناطق متفرقة من إيران احتجاجات مصحوبة باشتباكات عنيفة بين طلاب متظاهرين وقوى الأمن، الأحد 30 أكتوبر/تشرين الأول 2022، في تصعيد أكثر حدة منذ بدء الحراك الشعبي؛ إثر وفاة الفتاة مهسا أميني (22 عاماً) خلال احتجازها لدى شرطة الأخلاق في سبتمبر/أيلول الماضي، لارتداء ملابس اعتبرت "غير لائقة".
مقاطع فيديو تداولها العشرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر حشوداً من المحتجين وطلاب الجامعات يتظاهرون على الرغم من تحذيرات الحرس الثوري، السبت 29 أكتوبر/تشرين الأول للمتظاهرين بعدم الخروج للشوارع، في حين قال قائد الحرس حسين سلامي إن السبت سيكون "آخر يوم يخرجون فيه (المتظاهرون) إلى الشوارع".
مشاهد الاشتباكات في تظاهرات الأحد تشير إلى أن الاحتجاجات الدائرة منذ أسابيع في إيران "دخلت مرحلة أكثر عنفاً" اليوم الأحد، وفق رويترز، حيث تحدى الطلاب إنذار الحرس الثوري وواجهوا الغاز المسيل للدموع والضرب وإطلاق النار من جانب شرطة مكافحة الشغب وعناصر الباسيج.
تثير المواجهات التي اندلعت في عشرات الجامعات خطر تشديد حملة القمع التي تشنها السلطات في مواجهة الاحتجاجات المستمرة منذ سبعة أسابيع. بينما يتظاهر الإيرانيون بمختلف خلفياتهم وانتماءاتهم منذ وفاة أميني.
وتصاعد الغضب الشعبي إزاء وفاة أميني في 16 سبتمبر/أيلول حتى بات واحداً من أصعب التحديات التي تواجهها القيادة الدينية للبلاد منذ ثورة 1979، إذ ردد متظاهرون هتافات "بالموت" للزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.
الحرس الثوري يحذر
بدوره، حذر قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي المحتجين من أن أمس السبت سيكون آخر يوم يخرجون فيه إلى الشوارع، وهو التحذير الأكثر صرامة لمسؤول إيراني حتى الآن.
ومع ذلك، أظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي طلاباً يشتبكون مع شرطة مكافحة الشغب وقوات الباسيج في الجامعات في أنحاء البلاد. ولم تتمكن رويترز من التحقق من هذه اللقطات.
وأظهر مقطع فيديو أحد أفراد قوات الباسيج وهو يطلق النار من سلاح من مدى قريب على طلاب يحتجون في فرع جامعة آزاد في طهران. كما سُمع دوي إطلاق نار في مقطع نشرته منظمة هنجاو الحقوقية خلال احتجاجات في جامعة كردستان في سنندج. وأظهرت مقاطع فيديو من جامعات في مدن أخرى قوات الباسيج وهي تفتح النار على الطلاب.
وفي أنحاء البلاد، حاولت قوات الأمن محاصرة الطلاب داخل مباني الجامعات بإطلاق الغاز المسيل للدموع وضرب المتظاهرين بالعصي، مما دفع الطلاب، الذين بدا أنهم عزل، للتراجع فيما هتف بعضهم "الباسيج العار أغربوا عن وجوهنا" و"الموت لخامنئي".
اعتقالات وحصيلة القتلى تزيد
من جانب آخر، أشارت تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي إلى اعتقال ما لا يقل عن عشرة أطباء وصحفيين وفنانين منذ السبت 29 أكتوبر/تشرين الأول.
وكالة هرانا للأنباء المعنية بحقوق الإنسان في إيران، قالت إن 283 متظاهراً قُتلوا في الاضطرابات حتى السبت بينهم 44 قاصراً. كما قُتل نحو 34 من أفراد قوات الأمن.
وأضافت الوكالة أن أكثر من 14 ألف شخص تم اعتقالهم، بينهم 253 طالباً، في احتجاجات في 132 مدينة وبلدة و122 جامعة.
في حين أن قائداً بالحرس الثوري قال، الأحد، إن "مثيري الفتنة" يوجهون إهانات لهم في الجامعات وفي الشوارع، وتوعد باستخدام مزيد من القوة إذا استمرت الاحتجاجات المناهضة للحكومة. يُذكر أن الحرس الثوري وقوات الباسيج التابعة له سحقوا جميع أشكال المعارضة في الماضي.
في الوقت ذاته، نقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) عن قائد الحرس الثوري في إقليم خراسان الجنوبي العميد محمد رضا مهدوي قوله "حتى الآن، التزم الباسيج ضبط النفس والصبر. لكن الأمر سيخرج عن سيطرتنا إذا استمر الوضع".
صحفيون يناشدون السلطات
في سياق متصل، طالب أكثر من 300 صحفي إيراني السلطات بالإفراج عن زميلتين لهم هما نيلوفر حميدي والهه محمدي، وهما مسجونتان بسبب تغطيتهما لقضية أميني.
كانت نيلوفر حميدي قد التقطت صورة لوالدي أميني وهما يتعانقان في أحد مستشفيات طهران، حيث كانت ابنتهما ترقد في غيبوبة. وكانت الصورة، التي نشرتها حميدي على تويتر، أول جرس إنذار للعالم على أن هناك خطباً ما بشأن أميني التي كانت اعتقلتها شرطة الأخلاق قبل ذلك بثلاثة أيام بدعوى ارتدائها ملابس غير لائقة.
أما الهه محمدي فقد غطت جنازة أميني في مدينة سقز الكردية، مسقط رأسها، حيث بدأت الاحتجاجات. واتهم بيان مشترك من وزارة المخابرات الإيرانية والمخابرات التابعة للحرس الثوري يوم الجمعة حميدي ومحمدي بأنهما عميلتان لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
ويتماشى اعتقالهما مع الرواية الرسمية التي تروج لها إيران ومفادها أن الولايات المتحدة وإسرائيل والقوى الغربية وعملاءها بالداخل يقفون وراء الاضطرابات وعازمون على زعزعة استقرار البلاد.
تقول جماعات حقوقية إن ما لا يقل عن 40 صحفياً اعتُقلوا في الأسابيع الستة الماضية، وإن العدد في تزايد. ولعبت الطالبات والنساء دوراً بارزاً في الاحتجاجات، حيث قمن بحرق حجابهن في الوقت الذي طالبت فيه الحشود بسقوط الجمهورية الإسلامية التي وصلت إلى السلطة عام 1979.