اتهم "الحرس الثوري" الإيراني، رجل الدين البارز، مولاي عبد الحميد، بـ"التحريض" على الجمهورية الإسلامية، وحذره من أن ذلك قد يكلفه "ثمناً باهظاً"، بعد أن قال عبد الحميد إن مسؤولين بينهم الزعيم الأعلى بإيران، علي خامنئي، يتحملون مسؤولية مقتل العشرات بمدينة زاهدان الشهر الماضي.
كانت منظمة العفو الدولية، قد قالت إن قوات الأمن قتلت 66 على الأقل في حملة قمع أعقبت صلاة الجمعة في زاهدان، جنوب شرقي البلاد، يوم 30 سبتمبر/أيلول 2022، في أحد أعنف الاضطرابات خلال خمسة أسابيع من الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
وصف عبد الحميد وهو رجل الدين السني البارز في زاهدان، سقوط القتلى في المدينة بأنه مذبحة، وقال إنه تم إطلاق أعيرة نارية على الرؤوس والصدور.
أضاف في خطبته التي نُشرت على موقعه على الإنترنت: "قُتل العشرات هنا. ليس لدي العدد الدقيق. تحدث البعض عن 90، وقال البعض إن العدد أقل من ذلك، والبعض يقول إنه أكثر".
موقع "سباه نيوز" الإخباري الرسمي، نشر بياناً عن "الحرس الثوري"، قال فيه: "السيد عبد الحميد، تشجيع الشباب وتحريضهم ضد جمهورية إيران الإسلامية المقدسة قد يكلفك ثمناً باهظاً! هذا هو التحذير الأخير!".
زاهدان هي عاصمة إقليم سيستان-بلوشستان المضطرب جنوب شرقي إيران، والواقع على الحدود مع باكستان وأفغانستان، وهو معقل أقلية البلوش العرقية.
بحسب ما ذكرته وسائل إعلام رسمية وقت أحداث العنف في 30 سبتمبر/أيلول 2022، فإن "مسلحين مجهولين" فتحوا النار على مركز للشرطة، مما دفع قوات الأمن إلى الرد بإطلاق النار.
من جانبه، قال الحرس الثوري إن "خمسة من أفراده ومن متطوعي قوة الباسيج قتلوا خلال عنف 30 سبتمبر/أيلول"، وألقت السلطات باللوم على جماعة بلوشية متشددة، فيما لم تعلن هذه الجماعة ولا أي فصيل آخر الضلوع في العنف.
في موازاة ذلك، أفادت وكالة الجمهورية الإسلامية الرسمية (إرنا)، السبت 21 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بأنه بعد اندلاع الاحتجاجات مجدداً في زاهدان يوم الجمعة الفائت، قال نائب وزير الداخلية للشؤون الأمنية، ماجد مير أحمدي، إن الهدوء عاد.
اتهم أحمدي 150 شخصاً ممن وصفهم بـ"المخربين" بأنهم هاجموا ممتلكات عامة، "بل محلات يمتلكها سُنة"، بحسب قوله.
كذلك نقلت وكالة "إرنا" عن أحمد طاهري، قائد الشرطة الإقليمي، قوله الجمعة 21 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن الشرطة اعتقلت 57 من "مثيري الشغب" على الأقل بعد أن ألقى متظاهرون الحجارة وهاجموا البنوك في مدينة زاهدان.
يأتي هذا بينما تقول منظمات حقوقية إن الحكومة مارست التمييز منذ فترة طويلة ضد الأقليات العرقية، ومن بينها الأكراد الذين احتدمت الاضطرابات في منطقتهم بشكل خاص منذ وفاة الشابة مهسا أميني التي فجر موتها بعد اعتقالها من "شرطة الأخلاق" الاحتجاجات بالبلاد، فيما تنفي طهران اتهامات التمييز.
أيضاً ألقت إيران اللوم في الاضطرابات على ما قالت إنهم مجموعة من الأعداء من بينهم انفصاليون.
في سياق متصل، تتواصل الاحتجاجات في مناطق مختلفة بإيران على الرغم من مواجهة قوات الأمن لها بحملة قمع واسعة، وفقاً لما تقوله منظمات حقوقية.
منظمة "هينجاو" الحقوقية، قالت إن أصحاب المتاجر بدأوا إضراباً، السبت 22 أكتوبر/تشرين الأول 2022 في سنندج عاصمة إقليم كردستان الإيراني وفي سقز، مسقط رأس أميني، بالإضافة إلى مدينة بوكان شمال غرب البلاد.
في حين أفادت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)، أمس الجمعة، أن أكثر من 244 محتجاً قُتلوا خلال الاحتجاجات على مستوى البلاد، من بينهم 32 قاصراً، بينما أفاد التلفزيون الرسمي بأن ما لا يقل عن 26 فرداً من قوات الأمن قُتلوا خلال الاضطرابات.
شكلت الاحتجاجات التي أشعلتها أميني، وهي كردية إيرانية أحد أكثر التحديات جرأة التي تواجه سلطات الجمهورية الإسلامية منذ ثورة 1979.
على الرغم من أن الاحتجاجات لا تبدو على وشك الإطاحة بالحكومة، فقد اجتاحت الاضطرابات البلاد بأكملها بما في ذلك المناطق التي تضم أقليات عرقية لديها مظالم طويلة الأمد لدى الحكومة.