كشفت وسائل إعلام ماليزية مساء الثلاثاء 18 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أن الخلية التابعة للموساد والتي اعتقلتها كوالالمبور الأسبوع الماضي، كانت تضع أعينها لمراقبة واختطاف 6 آخرين مقيمين في ماليزيا.
كانت أجهزة الأمن في ماليزيا قد أعلنت تفكيك شبكة تجسس تابعة لجهاز الموساد الإسرائيلي، تضم 11 ماليزياً، وقد اختطفت خبيراً فلسطينياً في تكنولوجيا المعلومات في 28 سبتمبر/أيلول 2022، قبل أن تتمكن المخابرات الماليزية من الوصول إلى الخاطفين خلال 24 ساعة واعتقالهم وتحرير الرهينة.
فيديو نقلته وسائل إعلام إسرائيلية الثلاثاء، أظهر المتهمين من أعضاء خلية التجسس وهم يقادون إلى المحكمة في كوالالمبور.
فيما قالت صحيفة New Straits Times إنه يعتقد أن الموساد قد وضع أنظاره على ستة فلسطينيين على الأقل يعيشون في ماليزيا.
وزارة الداخلية وخلال تحقيقها مع المتهمين كشفت أن عدداً من الفلسطينيين أيضاً كانوا على قائمة الاستهداف وهم من الأعضاء في الأوساط الأكاديمية في الجامعات المحلية، ويحاضرون في التخصصات المهنية، بما في ذلك الهندسة.
بحسب الصحيفة الماليزية، فإنه من الواضح أن هؤلاء الفلسطينيين كانوا على رادار الموساد، وأن اختطافهم أو قتلهم يمكن أن يكون مجرد مسألة وقت.
وعثرت قوات الأمن الماليزية على ملفات شخصية كاملة للمستهدفين بحوزة أعضاء خلية الموساد، تشمل صوراً حديثة لهؤلاء الرجال وهم يمارسون روتين حياتهم اليومي، كما تم تحميل صور سياراتهم، إضافة لمعلومات عن أسرهم وأطفالهم.
تفكيك خلية الموساد في ماليزيا
وكانت وسائل إعلام ماليزية قد كشفت أن خلية الموساد اختطفت خبيراً فلسطينياً في تكنولوجيا المعلومات ينحدر من غزة وسط العاصمة كوالالمبور في 28 سبتمبر/أيلول 2022، ونقلته إلى منزل ريفي في ضواحي العاصمة، قبل أن تتمكن المخابرات الماليزية من الوصول إلى الخاطفين خلال 24 ساعة واعتقالهم وتحرير الرهينة، الذي غادر البلاد بعد الحادث بأيام.
كما أن التحقيقات كشفت ضلوع خلية الموساد في التجسس على مواقع مهمة بالبلاد منها مطارات، فضلاً عن اختراقها شركات إلكترونية حكومية، ولم تستبعد هذه المصادر وجود خلايا أخرى نشطة لـ"الموساد".
فيما قالت المصادر ذاتها إن الموساد استعان لتنفيذ العملية بعملاء ماليزيين كان قد دربهم في دول أوروبية، وكانت الشرطة الماليزية قد نشرت قبل نحو أسبوع، تسجيلاً مصوراً لعملية اقتحام منزل تحصنت فيه عصابة اختطاف، ولم تشِر الشرطة في تصريحاتها إلى عمليات تجسس إسرائيلية وهوية المستهدفين.
نهاية بعيدة عن المخطط له
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن وسائل إعلام ماليزية، أن العملية انتهت بطريقة مختلفة عن تلك التي خطط لها، وأنها احتوت على إخفاق عملياتي واضح بعد فشل تحديد هوية الشخص المطلوب اختطافه.
كان ذلك بعد الساعة العاشرة مساءً بقليل يوم 28 سبتمبر/أيلول، حين كان الاثنان، وكلاهما خبير في برمجة الحاسوب، يهمان بركوب سيارتهما المتوقفة بالقرب من طريق جالان ياب كوان سينغ بعد تناولهما العشاء في مركز تجاري قريب.
بعدها جاءت سيارة بيضاء، وتوقفت بجانبهما، وخرج منها 4 رجال توجهوا إلى الفلسطيني الأول الذي كان يجلس على مقعد السائق، وضربوه ثم اصطحبوه عنوة إلى سيارة متوقفة، وقالوا له إن زعيمهم "يريد التحدث معه".
حاول الفلسطيني الآخر مساعدة صديقه، لكنهم حذروه من المحاولة وأخبروه أنه من الأفضل له أن يبقى بعيداً.
لكن حين تبين له أن هذا قد يكون من عمل عملاء إسرائيليين، ركض إلى فندق قريب لطلب المساعدة من أفراد الأمن المتمركزين هناك، بعد أن انطلقت السيارة التي تحمل صديقه وتبعتها سيارة أخرى. وقدم الفلسطيني الثاني بلاغاً في مركز شرطة دانغ وانغي بعد حوالي 40 دقيقة من اختطاف صديقه.
حسب الصحيفة الماليزية، تعرض الفلسطيني المخطوف للضرب داخل السيارة، وأخذ خاطفوه هاتفه المحمول وأجبروه على فتحه، لكنه أقنعهم بأن الهاتف يخص صديقه.
فيما يُعتقد أن الخاطفين تخلصوا من الهاتف المحمول وهم في طريقهم إلى مقاطعة كوالا لانغات خوفاً من كشف موقعهم. وأُدخل الفلسطيني المختطف بعد تقييده وعصب عينيه إلى غرفة في شاليه في منطقة هادئة، حيث قيده الخاطفون- وهم ماليزيون- إلى مقعد.
فتح الخاطفون خط اتصال بالفيديو كان عليه رجلان، يعتقد أنهما إسرائيليان، بادراه بالقول: "أنت تعلم لماذا أنت هنا؟".
قال مصدر مطلع: "العملاء الذين نفذوا عملية الخطف ربما لم يفهموا جيداً ما أراده مدربوهم الإسرائيليون والماليزيون الآخرون في الشاليه؛ لأنهم تصرفوا بحماقة وتركوا الفلسطيني الآخر يفلت منهم.. الذي ربما كان الصيد الأثمن".
لم يبالِ الخاطفون أيضاً بتغطية وجوههم، وهي خطوة بديهية في أي عملية سرية. وقيل أيضاً إن رقم لوحة السيارة المستخدمة في العملية حقيقي. وكان الشاليه يضم غرفة أخرى بنفس التجهيزات مخصصة للضحية الثانية.
خلال الأربع والعشرين ساعة التالية، كان الضحية يتعرض للاستجواب والضرب من العناصر الماليزية حين لا تُرضي إجابته الإسرائيليين. وفي غضون ذلك، كان أحد العملاء الماليزيين على اتصال مباشر مع إسرائيلي آخر لنقل أوامره.
حيث قال: "أراد الإسرائيليون أن يعرفوا خبرته في تطوير تطبيقات الحاسوب، وقوة حماس في تطوير البرمجيات، وأعضاء كتائب القسام الذين يعرفهم ونقاط قوتهم".
بينما باشرت الشرطة عملها في القضية في الحال وتمكنت من تتبع مسار السيارة وتمكنت من الوصول إلى الشاليه.
حين داهم فريق الشرطة الغرفة، كان الاستجواب مستمراً، وسُمع الرجلان الإسرائيليان على الطرف الآخر من الخط، اللذان أربكتهما الفوضى الحاصلة، وهما يهتفان: "مرحباً.. مرحباً!" قبل أن يُغلق الخط.
كان السؤال الأخير الذي طرحه الإسرائيليون على الضحية، قبل دخول الشرطة مباشرة، هو مَن مِن قادة حماس التقى بصديقه. وقال المصدر: "لو لم تتحرك الشرطة الماليزية بسرعة، لاختفى الضحية على الأغلب".
فيما غادر الفلسطينيان ماليزيا بعد هذه الواقعة، وأصيب الضحية بجروح في جسده ورأسه وساقيه.