أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق، الأحد 16 أكتوبر/تشرين الأول 2022، صدور مذكرات قبض بحق مشتبه بتورطهم بسرقة أمانات جمركية وضرائب، تقدر قيمتها بـ2.5 مليار دولار، في قضية أثارت جدلاً لدى الرأي العام العراقي حول الفساد المستشري في البلاد.
مجلس القضاء الأعلى لفت إلى أن محكمة عراقية تلقت سابقاً في أغسطس/آب الماضي، معلومات حول وجود "شبكة منظمة مرتبطة بأشخاص من ذوي النفوذ ارتكبت أفعالاً مخالفة للقانون بهدف التلاعب بمبالغ الأمانات الجمركية والضريبية"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء العراقية.
كما أشار البيان إلى أن المحكمة قررت آنذاك إيقاف صرف هذه الأمانات بموجب كتاب وجهته إلى مكتب وزير المالية، مضيفاً أن "المحكمة أصدرت مذكرات قبض بحق المشتبه بهم واستمعت إلى عدد من الموظفين المختصين في وزارة المالية للتوصل إلى الحقيقة، والتحقيق مستمر بغية استكمال الأدلة في القضية".
سرقة مبالغ لهيئة الضرائب في مصرف حكومي
في السياق ذاته، قالت وسائل إعلام محلية إن وثائق صادرة عن هيئة الضرائب، كشفت عن سرقة 2.5 مليار دولار من حساب الهيئة في مصرف الرافدين الحكومي.
وأشارت الوثائق إلى سرقة مبلغ 3.7 تريليون دينار من قبل خمس شركات، بناء على صكوك حررتها الهيئة العامة للضرائب.
كما تبيّن الوثائق أنّ "تدقيق الحسابات يكشف بما لا يقبل الشك أنّ المبالغ قد جرى الاستحواذ عليها (سرقتها)، دون أن تذهب إلى أصحاب حق الاسترداد أو تذهب كإيراد إلى خزينة الدولة بموجب القوانين".
كانت لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي، تحدثت السبت 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عن فقدان أو سرقة أموال ضرائب تتجاوز 800 مليون دولار.
في حين قال عضو اللجنة أحمد الربيعي، إن "الإجابات الواردة إلينا من وزارة المالية تؤكد وجود سرقة في إيرادات حسابات الأمانات العائدة للضريبة العامة في مصرف الرافدين والتي تتجاوز (800) مليون دولار"، مضيفاً: "من هنا نؤكد أنه لا يمكن لأية سلطة أو جهة التغطية على هذه السرقة أو نفيها لصالح سُرّاق المال العام".
ودعا الربيعي، الجهات الحكومية والرقابية إلى "منع سفر بعض المديرين والكوادر العليا في هيئة الضرائب الذين تم تغييرهم لحين انتهاء التحقيق الإداري والقضائي"، كما طالب هيئة النزاهة الاتحادية بـ"إجراء التحقيق وبأقصى سرعة وإحالة الملفات إلى قاضي النزاهة".
عملية السرقة استغرقت شهوراً
من جانب آخر، كشفت وسائل إعلام أن عملية السرقة استغرقت شهوراً، استناداً لكتاب رسمي صادر عن هيئة الضرائب يشير إلى أن عملية سحب مبلغ 2.5 مليار دولار، جرى بين سبتمبر/أيلول 2021 وأغسطس/آب 2022.
بينما لم تكشف السلطات القضائية هوية المتورطين في القضية، كما أن ملابسات قضية السرقة لم تُفتح أمام الرأي العام إلا قبل أيام عقب اتهامات وجهها بعض الناشطين لوزير المالية بالوكالة إحسان عبد الجبار بتورطه في اختلاس هذه الأموال.
كان عبد الجبار قال في تغريدة، السبت 15 أكتوبر/تشرين الأول، إن رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي وافق على طلبه بخصوص الإعفاء من منصبه كوزير للمالية بالوكالة، حيث عُيّن في أغسطس/آب الماضي بعد استقالة علي علاوي الوزير السابق.
وأضاف عبد الجبار في تغريدته أن "نتائج التحقيق الذي وجهنا به بعد تكليفنا بالوزارة والإثباتات الرسمية الخاصة بسرقة ما مقداره 3.7 تريليون دينار عراقي (2.5 مليار دولار) من أموال الضريبة/مصرف الرافدين من قبل مجموعة محددة؛ تم تسليمها من وزارة المالية للجهات المختصة، ومنها اللجنة البرلمانية التي طالتنا بذلك رسمياً وإعلامياً".
السوداني يتعهد بالمحاسبة
في حين غرد الكاظمي، الأحد، قائلاً إن قضية الأموال المسحوبة من هيئة الضرائب في وزارة المالية، تدعو إلى الوقوف عند المناخات التي ساعدت في استشراء الفساد في مفاصل تلك الهيئة.
وقال رئيس الوزراء العراقي المعين حديثاً، محمد شياع السوداني، إن حكومته "لن تتوانى" في اتخاذ إجراءات حقيقية لكبح جماح الفساد الذي "استشرى بكلِّ وقاحة في مفاصل الدولة ومؤسساتها. وضعنا هذا الملفَّ في أول أولويات برنامجنا".
وأضاف: "لنْ نسمحَ بأن تُستباحَ أموال العراقيين، كما حصل مع أموال أمانات الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين".
وتطالب وزارة المالية العراقية هيئة النزهة في التحقيق بملابسات قضية السرقة التي يصفها البعض بأكبر عملية اختلاس في تاريخ العراق، وفق بي بي سي. بينما أعلنت الهيئة، الأحد، أنها باشرت التحقيق في ما حدث.
ويأتي العراق في المركز رقم 157 من 180 على مؤشر منظمة الشفافية الدولية بشأن الفساد. كما أنه من كبار الدول المنتجة للنفط، وتمول عائدات النفط 90% من ميزانية الحكومة الاتحادية.