طلب الكرملين، من بعض وسائل الإعلام الحكومية، أن تبدأ في الاعتراف ببعض إخفاقات الحرب في أوكرانيا، وذلك خوفاً من أن تثير دعاية موسكو المفرطة بالإيجابية بتعزيز المزيد من الشكوك العامة.
وفقاً لوكالة Bloomberg الأمريكية، الجمعة 7 أكتوبر/تشرين الأول 2022، فقد أطلق هذا التحول في السياسة خلال الأسابيع القليلة الماضية، فيما وصفه أشخاص مطلعون على إدارة الرسائل الصارمة في الكرملين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، وسيلة لموجة من الانتقادات العلنية غير العادية للجيش.
يأتي ذلك بعد أشهر من عدم الإبلاغ عن أي شيء تقريباً سوى النجاحات في ساحة المعركة، حيث بدأ التلفزيون الحكومي مؤخراً يسرد التراجعات والهزائم الروسية، ولكن وفق أوامر وزارة الدفاع.
قال أندريه كارتابولوف، الجنرال السابق الذي يرأس الآن لجنة الدفاع في مجلس النواب بالبرلمان، في برنامج حواري شهير على الإنترنت هذا الأسبوع: "علينا أن نتوقف عن الكذب. شعبنا ليس غبياً".
لكن بالطبع ليس هناك ما يشير إلى أنَّ الكرملين سيسمح لوسائل الإعلام الخاضعة للرقابة الصارمة بالذهاب إلى هذا الحد، ولا يُسمَح بالتشكيك في بوتين أو قراره بالحرب. لكن مع وجود احتمالية ضئيلة في أن تكون قواته قادرة على إبطاء الهجوم المضاد لأوكرانيا في المستقبل القريب، تأمل السلطات في أنَّ تقليل الالتفاف على الأنباء من أرض المعركة قد يساعد في تعزيز الدعم الشعبي.
ينعكس النهج الجديد أيضاً على أعلى مستوى، فقد عقد الرئيس اجتماعين مغلقين على الأقل، منذ أوائل الصيف، مع مجموعات صغيرة من المراسلين العسكريين الروس، بما في ذلك اجتماع قبل مدة قصيرة من قرار الشهر الماضي المفاجئ باستدعاء 300 ألف جندي احتياطي، وفقاً لأشخاص مطلعين على الوضع.
المزاج العام في روسيا
فيما قالت تاتيانا ستانوفايا، مؤسِّسة المجموعة البحثية R.Politik، إنَّ الظهور المفاجئ على التلفزيون الحكومي لانتقادات أسلوب تعامل الجيش مع الحرب يمكن أن يبرر دعوات العناصر المتشددة في النخبة الروسية لشن مزيد من الهجمات العشوائية على المدن والبنية التحتية الأوكرانية.
أضافت: "هناك جدل كبير بين الطبقة الحاكمة حول كيفية الانتصار في هذه الحرب الآن، بينما أظهر الجيش أنه غير قادر على ذلك. وهناك مطاردة للمسؤولين عن ذلك، وجهود لجعل بوتين يبحث عن حلول أخرى".
في اجتماعهم الأخير مع بوتين، رسم مراسلو الحرب، المعروفون بآرائهم القومية المتشددة وتشكّكهم في الضباط العسكريين، صورة مروعة للوضع على الجبهة، على حد قول المصادر.
ففي غضون أسابيع قليلة فقط، اجتاحت القوات الأوكرانية مساحات شاسعة من الأراضي التي قضت القوات الروسية شهوراً تقاتل من أجل السيطرة عليها. ووفقاً لتلك المصادر، خرج بعض المراسلين من الاجتماع يتساءلون عمّا إذا كان بوتين قد حصل على سرد كامل للوضع الحقيقي من خلال إحاطاته الرسمية.