سلط فيلم وثائقي، عُرض في العاصمة البوسنية سراييفو، الضوء على ما قام به بعض الأثرياء زمن الحرب خلال تسعينيات القرن الماضي، من دفع الأموال للجنود الصرب لـ"اصطياد البشر" في البوسنة والهرسك.
عُرض فيلم "سفاري سراييفو" لأول مرة، خلال النسخة الـ5 لمهرجان الأفلام الوثائقية الدولي، بعد أن أخرجه السلوفيني ميران زوبانيك، وحظي بإعجاب المشاركين.
يروي الفيلم الوثائقي أحداثاً وقعت بين عامي 1992 و1995، في العاصمة البوسنية سراييفو، حين قام بعض الأثرياء بزيارة مواقع الجيش الصربي وتقديم الأموال لهم بهدف "اصطياد البشر" من البوسنيين.
جاء هذا التصرف من قبل بعض الأثرياء، خلال حصار الصرب لسراييفو والذي يعد أطول حصار في تاريخ الحروب الحديثة.
يُذكر أن حصار القوات الصربية لسراييفو بدأ في الخامس من أبريل/نيسان 1992 واستمر لغاية توقيع معاهدة دايتون للسلام يوم 14 ديسمبر/كانون الأول 1995، والتي أنهت الحرب البوسنية.
خلال فترة الحصار هذه، ألقيت على سراييفو قرابة 500 ألف قنبلة، ولقي 11 ألفاً و541 شخصاً حتفهم، فيما انهار 80% من مباني المدينة، إضافة إلى أضرار كبيرة لحقت بالبنية التحتية.
من جانبه، قال المخرج إنه في البداية لم يصدق وجود "كل هذا الشر"، مشيراً إلى أن الضحايا كانوا من المدنيين الذين وجدوا أنفسهم في مرمى نيران قناصة هؤلاء الأجانب القساة، حسب تعبيره.
راوٍ مجهول
يفتتح الفيلم الوثائقي الذي تبلغ مدته 75 دقيقة، بلقطات أرشيفية مفجعة من مدينة سراييفو تحت الحصار بين 1992-1995، ثم يبدأ الراوي سرد قصته عن رحلات "السفاري" وعلاقته بها كشاهد.
تلقى الراوي المجهول (لم يذكر اسمه) تعليماً عسكرياً في يوغوسلافيا السابقة في الثمانينيات، وكسب لقمة العيش من العمل في الاستخبارات قبل انهيار البلاد، ولكنه عندما كان عاطلاً عن العمل اتصلت به "وكالة أمريكية مهمة" وقدمت له عرضاً مربحاً يتضمن السفر إلى أجزاء مختلفة من الدولة المنهارة؛ "للاستماع إلى نبض شعبها ومجتمعاتها"، حسب شهادته التي عرضها الفيلم.
من خلال اتصالاته في بلغراد، تعرف على برنامج "سفاري" حيث "الصيادون" المنغمسون في هذا النشاط كانوا يطلقون النار على الناس في مدينة سراييفو المحاصرة من مواقع القناصة للقوات الصربية، مقابل مكافأة مالية، وتم تنظيم رحلات "السفاري" وتسهيلها من قبل جيش صربيا، وجاء المشاركون من الخارج لتلبية رغباتهم المحمومة.
يدعم الفيلم القصة بالاستماع للضحايا ومنهم زوجان فقدا ابنتهما البالغة من العمر عاماً واحداً برصاص قناص، وجندي أسير روى قصة الصيادين.
كذلك تحدث في الفيلم إدين سوباسيتش، المحلل العسكري الذي عمل سابقاً في جيش البوسنة والهرسك، عن معلومات استخباراتية تلقاها الجيش من جهاز الأمن العسكري الذي أسر مقاتلاً متطوعاً، وفي أثناء الاستجواب أكد وجود أجانب في ساحة المعركة.
في الفيلم، يصف سوباسيتش استجواب السجين الذي أخبرهم عن إيطاليين نُقلوا مع مقاتلين متطوعين من بلغراد إلى بلدة بالي بالقرب من سراييفو، حيث اعترف بأنهم لا يتلقون أجراً للذهاب إلى الحرب، بل يدفعون المال للذهاب إلى الخطوط الأمامية في أثناء الحصار.
فيما قال مخرج الفيلم السلوفيني زوبانيتش، إنه لا يعرف هوية القتلة، مشيراً إلى أن هذه مهمة هيئات التحقيق، ومؤكداً أنهم عملوا أكثر من 3 سنوات في التقصي والبحث عن شهود، وأضاف أن الهدف هو استكشاف هذه الظاهرة الموجودة على نطاق عالمي والتفكير في أخلاقيات المجتمع البشري.