بدأ الناخبون الإيطاليون، الأحد 25 سبتمبر/أيلول 2022، بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الإيطالية لتجديد نواب البرلمان، وسط توقعات بفوز اليمين المتطرف بقيادة جورجيا ميلوني، ما قد يجر البلاد نحو منعطف سياسي تاريخي.
بينما تشكل المقاطعة عاملاً مهماً في هذه الانتخابات، في وقت لن يتمكن ملايين الناخبين من التصويت سواء نتيجة البيروقراطية أو بسبب المافيا والنظام الذكوري، وفق ما ذكره تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية. ويتوقع معهد ديموبوليس أن تتراجع نسبة المشاركة إلى 67% في الانتخابات الإيطالية.
حسب تقرير صحيفة "التايمز" البريطانية، فإنه في حالة فوز عينة حزب "إخوان إيطاليا" اليمني المتشدد في الانتخابات الإيطالية سوف يشكل كابوساً للمهاجرين الحالمين بالوصول إلى قارة أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط.
المهاجرون في محور الوعود الانتخابية
إذ تملك ميلوني، البالغة من العمر 45 عاماً، سياسة متشددة تجاه الهجرة، ويقاسمها في ذلك شريكها في التحالف اليميني الثلاثي، ماتيو سالفيني رئيس حزب "رابطة الشمال" المتشدد، الذي يمنّي النفس بأن يكون وزير الداخلية في الحكومة العتيدة؛ حتى يعيد سيرته الأولى في حصار المهاجرين بالبحر ومنعهم من الاقتراب نحو شواطئ بلاده.
كان سالفيني (49 عاماً)، قد شغل منصب وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء في الحكومة من يونيو/حزيران 2018 إلى سبتمبر/أيلول 2019، وقد جرت محاكمته العام الماضي بتهمة محاصرة 150 مهاجراً غير شرعي في البحر المتوسط، مما عرّض حياتهم للخطر.
قال سالفيني، خلال تجمّع انتخابي في روما قبيل الانتخابات الإيطالية، مفاخراً بما فعله أثناء شغله منصب وزير الداخلية: "فعلت ذلك من قبل، ولا أطيق الانتظار للقيام بذلك".
من جانبه يرى الباحث بمركز تحليل اليمين الراديكالي، فاليريو ألفونسو برونو، أن مسألة مكافحة الهجرة سوف تُبقي أنصار اليمين مُتَّحدين، باعتبارها أسهل التعهدات التي يمكن أن يقدمها التحالف الذي تقوده ميلوني، مقارنة بإجراءات أخرى مثل إجراءات رفع معدل المواليد المنخفض في إيطاليا.
سوف تكون جزيرة لامبيدوزا محور التركيز المحتمل لتنفيذ سياسة منع الهجرة ومكافحتها. فتلك الجزيرة أقرب إلى إفريقيا من البر الرئيسي الإيطالي، وكانت نقطة انطلاق للهجرة من القارة السمراء والشرق الأوسط منذ الربيع العربي عام 2011.
بينما ارتفعت أرقام الواصلين إليها في العام 2015، مدفوعة بالحرب في سوريا، لكنها انخفضت خلال جائحة الفيروس التاجي.
حتى نهاية الشهر الماضي، وصل خلال العام الحالي 26 ألف شخص إلى الجزيرة، التي يبلغ عدد سكانها الدائم 6 آلاف شخص مع وجود عشرات آلاف السياح في موسم الذروة، وجميعهم محشورون في مساحة لا تزيد على 20 كيلومتراً مربعاً.
لكن الحديث عن الحصار البحري للمهاجرين لا يثير إعجاب جياكومو ميركوريو، الذي يرأس مجلس الجزيرة.
في هذا الصدد يقول ميركوريو: "الكلمات سهلة.. لقد أجرينا كثيراً من التغييرات في الحكومة على مدار الأعوام العشرين الماضية، لكن الوضع لا يزال كما هو".
تابع: "الأمر كله يعود إلى الجغرافيا. كما أن من طبيعتنا الترحيب بالناس". وشدد على أن "وزير الداخلية الإيطالي لن يمنع الناس من الفرار من الحرب أو البؤس.. فقط الطقس أو الرياح يمكنهما فعل ذلك".
بروكسل تتابع الانتخابات الإيطالية
يتابع الاتحاد الأوروبي الانتخابات الإيطالية من كثب، خصوصاً في ظلّ التعاطي الحساس مع العقوبات المفروضة على موسكو، واحتمال نشوب خلافات بين المفوضية الأوروبية والحكومة إذا كانت محافظة.
فقد حافظت روما عبر التاريخ على علاقات ودية مع موسكو، لكنها بقيت متضامنة مع حلف شمال الأطلسي منذ بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا في ظلّ حكومة ماريو دراغي.
بينما أثار الشريك الثالث في الائتلاف اليميني سيلفيو برلوسكوني جدلاً عندما قال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تمّ "دفعه" من قبل شعبه لغزو أوكرانيا، لكنه عاد الجمعة لتأكيد "ولائه المطلق" لحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.
حين كان برلوسكوني رئيساً للحكومة الايطالية، كان يعامل بوتين كصديق، لدرجة أنه استضافه بقصره في سردينيا وذهب معه إلى شبه جزيرة القرم بعدما ضمّتها موسكو في العام 2014.
يضغط ماتيو سالفيني من جهته باتّجاه تخفيف العقوبات المفروضة على موسكو، معتبراً إياها غير فعّالة وذات نتائج عكسية، لكنه يرى أيضاً أن الغزو الروسي لأوكرانيا "غير مبرّر".
أمّا جورجيا ميلوني، فاتخذت مواقف واضحة بشأن دعم أوكرانيا والعقوبات على موسكو وتزويد كييف بأسلحة.
حيث وعد ائتلاف اليمين واليمين المتطرّف بأن يفي بالتزاماته الأوروبية في حال فوزه في الانتخابات الإيطالية، وتراجعت ميلوني بشكل رسمي عن مشروعها لإخراج إيطاليا من منطقة اليورو، لكن تبقى المخاوف قائمة خصوصاً مع إعادة تأكيد دعمها للنظام المجري بقيادة القومي المتطرّف فيكتور أوربان.
كما تدعو ميلوني إلى إعادة التفاوض بشأن خطة الإنعاش الإيطالية بعد الجائحة والتي خصّص الاتحاد الأوروبي نحو 200 مليار يورو لتمويلها، لمراعاة الارتفاع في تكاليف الطاقة بأعقاب الحرب في أوكرانيا.
غير أنّ منح إيطاليا تمويلاً أوروبياً مشروط بسلسلة من الإصلاحات احترمت حكومة دراغي بدقّةٍ إدخالها حيز التنفيذ لكنها تبدو حالياً معرّضة للخطر.