هزت فاجعة جديدة اللبنانيين، الخميس 22 سبتمبر/أيلول 2022، بعد غرق قارب هجرة غير شرعي بالبحر راح ضحيته عشرات الأشخاص الذين كانوا يسعون لتحقيق أحلامهم بعيداً عن الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها لبنان.
مصطفى ميستو، هو أحد ضحايا قارب الموت الذين عثرت عليهم سلطات النظام السورية ، بعد غرق مركبهم الذي انطلق من شمال لبنان وعلى متنه عشرات المهاجرين، غالبيتهم من اللبنانيين واللاجئين السوريين، حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
عندما حسم مصطفى قراره بالهجرة غير الشرعية مع أسرته الصغيرة، لم يتخيل، كما يروي أقرباؤه، أن الموت سيكون لهم بالمرصاد. جلّ ما حلم به سائق سيارة الأجرة أن يطعم أطفاله ويعلمهم، بعدما ضاقت بهم سبل العيش في لبنان.
في باب الرمل، أحد أفقر أحياء مدينة طرابلس في شمال لبنان، تبكي العائلة على مصابها، بعدما تبلغت أن مصطفى قضى غرقاً مع أطفاله الثلاثة بينما نجت زوجته؛ إذ يقول جهاد المانع، قريب مصطفى، لوكالة فرانس برس: "لم يذهب في نزهة إلى الخارج أو لقضاء إجازة نهاية الأسبوع. لم يكن حلمه الحصول على جنسية أخرى، بل أن يسجل أولاده في مدرسة ويطعمهم".
ولم تتضح بعد ملابسات غرق المركب الذي تراوحت التقديرات بشأن عدد ركابه بين 100 و150 شخصاً، تم العثور على جثث 73 منهم على الأقل حتى الآن وإنقاذ عشرين آخرين، فيما لا يزال آخرون في عداد المفقودين.
وتعدّ حصيلة الضحايا الأعلى منذ أن نشطت ظاهرة الهجرة غير الشرعية من لبنان، التي بدأها لاجئون سوريون وفلسطينيون يبحثون عن بدايات جديدة، قبل أن ينضم إليهم لبنانيون، غالبيتهم من شمال لبنان، أنهكتهم الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يصنفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
إذ غادر مصطفى مع عائلته، بعدما دفع مبلغاً يتراوح بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف دولار مقابل كل شخص لمهربين، كما يروي المانع. وجمع المبلغ المطلوب بعدما باع سيارته واستدان مالاً من إخوته وباعت والدته مصاغها.
ولم تتمكن العائلة من معرفة الوجهة التي كان سيسلكها القارب قبل غرقه. وينتقد أفرادها بشدة المسؤولين، خصوصاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المتحدر من طرابلس، والذي تحاول عبثاً التواصل معه منذ وقوع الفاجعة ويسأل المانع بانفعال "أين المعنيون؟ لا نعلم ما إذا كان أولادنا موتى أم أحياء".
منذ شيوع نبأ غرق المركب، يتوافد الأقرباء والأصدقاء إلى منزل العائلة المفجوعة، بينهم عمر ميستو، صديق مصطفى منذ الطفولة، ويقول لـ"فرانس برس": "الفقر والوضع المعيشي جعلا مصطفى يغادر لبنان".
وينقل عنه قوله باستمرار: "سأغادر حتى لو كنت سأموت.. إما أن أصل أو أموت".
وبدأت عائلات في لبنان، الجمعة، تشييع قتلاها، بينهم عائلة التلاوي.
فيما غادر وسام التلاوي مع زوجته وأطفالهما الأربعة على متن المركب، لتتبلغ العائلة نجاته، بينما توفيت ابنتاه (خمس، وتسع سنوات) ولا تزال زوجته مع طفلين آخرين في عداد المفقودين.
وتسلمت العائلة، وفق أحمد، شقيق وسام، جثة الطفلتين وجرى تشييعهما في مسقط رأسيهما في منطقة عكار (شمال)، ويتلقى وسام العلاج حالياً في مشفى الباسل في مدينة طرطوس، مع 19 شخصاً آخرين ممن تم إنقاذهم من البحر.
فيما يقول أحمد لـ"فرانس برس" عبر الهاتف: "استيقظنا الخميس ولم نجد شقيقي، العامل في شركة تنظيفات"، ويضيف: "لم يقوَ على تأمين قوت يومه وتعليم أطفاله، فكلفة تسجيل كل ولد في المدرسة تبلغ 10 ملايين ليرة".
وينتقد بشدة غياب السلطات اللبنانية. ويسأل بغضب: "أين الدولة؟ لم نتلقَّ اتصالاً من أي جهة بعد، ولم يكلف مسؤول نفسه الذهاب إلى سوريا لمتابعة الملف".