أثنى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، 20 سبتمبر/أيلول 2022 على اتفاق إسطنبول الخاص بنقل الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وأرجعه إلى "دبلوماسية الأطراف المتعددة"، ولفت إلى أن البعض يسميه "معجزة".
جاء ذلك في كلمة ألقاها أمام زعماء وقادة دول العالم المشاركين في افتتاح المناقشة رفيعة المستوى للدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تعقد على مدى الأيام المقبلة بمقر المنظمة في نيويورك.
مبادرة حبوب البحر الأسود
حيث قال غوتيريش: "فتحت مبادرة حبوب البحر الأسود بدعم من تركيا، الطريق أمام الملاحة الآمنة لعشرات السفن المليئة بالإمدادات الغذائية التي تشتد الحاجة إليها". وأضاف: "قد يسمّي البعض هذه المبادرة بالمعجزة، وفي الحقيقة هي دبلوماسية الأطراف المتعددة".
غوتيريش أردف: "اجتمعت كلّ من أوكرانيا والاتحاد الروسي بدعم من تركيا لتحقيق ذلك الغرض، لقد أبحرت هذه السفن عبر منطقة حرب". وتابع: "لقد أبحرت هذه السفن في إطار مبادرة شاملة غير مسبوقة لتوفير الغذاء وتهدئة أسواق السلع وتأمين المحاصيل المستقبلية وخفض أسعارها".
كما لفت إلى أن "هذه السفن تحمل أيضاً واحدة من أندر السلع اليوم، وهي الأمل.. ونحتاج أيضاً العمل للتخفيف من أزمة الغذاء العالمية". وشدد على "ضرورة التعامل بشكل عاجل مع مشكلة الأسمدة العالمية"، محذراً من أنه "في حال لم تستقر سوق الأسمدة، فقد تكون مشكلة العام المقبل في توفير الغذاء".
إزالة العقبات
في حين قال غوتيريش: "من الضروري إزالة جميع العقبات المتبقية أمام تصدير الأسمدة الروسية ومكوناتها، بما في ذلك الأمونيا، ونحن نحقق تقدماً في هذا الشأن".
في الوقت نفسه حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، من أن "تؤدّي الانقسامات الجيوسياسية الحالية إلى تقويض عمل مجلس الأمن والقانون الدولي". وقال في كلمته: "عالمنا في ورطة كبيرة وأصبح مشلولاً، والانقسامات الجيوسياسية الحالية تقوّض عمل مجلس الأمن والقانون الدولي، وثقة وإيمان الناس بالمؤسسات الديمقراطية، وتهدم جميع أشكال التعاون الدولي، ولا يمكننا الاستمرار على هذا المنوال".
تابع: "في مرحلة ما، بدت العلاقات الدولية وكأنها تتجه نحو عالم ثنائي القطب، لكن يبدو أننا نخاطر الآن بأن ينتهي الأمر إلى عالم بلا أقطاب حيث لا تعاون، ولا حوار، ولا يوجد حلّ جماعي للمشكلة". وأضاف: "الحوار هو السبيل الوحيد إلى الأمام لأنه لا توجد قوة أو مجموعة بمفردها يمكنها اتخاذ القرار، نحن بحاجة إلى تحالف من العالم".
دمار بسبب الحرب الروسية
في حين حدّد الأمين العام "3 مجالات يجب أن يتحالف فيها العالم بشكل عاجل، وفي مقدمتها تحقيق السلام". وتطرّق غوتيريش إلى الحرب الروسية على أوكرانيا بالقول: "تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في دمار واسع النطاق مع انتهاكات بشرية جسيمة".
أما عن الوضع في أفغانستان، قال: "أصبح الاقتصاد في حالة خراب، وبات أكثر من نصف الأفغان يواجهون حالات قياسية من الجوع، بينما حقوق الإنسان، وخاصة حقوق النساء والفتيات، يتمّ انتهاكها".
أردف: "وفي شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية تنشط الجماعات المسلحة، وتتأجّج التوترات الإقليمية". وأضاف: "في إثيوبيا استؤنف القتال، مما يؤكد حاجة الأطراف إلى وقف الأعمال العدائية على الفور والعودة إلى طاولة السلام". وتابع: "أما في القرن الإفريقي، فهناك جفاف غير مسبوق يهدد حياة وسبل عيش 22 مليون شخص".
فيما مضى قائلاً: "وفي ليبيا لا تزال الانقسامات تهدد البلاد، وفي العراق تهدد التوترات المستمرة استقرار البلد، وفي إسرائيل وفلسطين تستمر دورات العنف تحت الاحتلال، وآفاق السلام على أساس حل الدولتين تزداد بعداً".
أشار إلى أن "العنف والصعوبات في سوريا لا يزالان سائدين، وفي ميانمار الحالة الإنسانية وحالة حقوق الإنسان والأمن في تدهور يوماً بعد يوم".
التغير المناخي
في الوقت نفسه رأى غوتيريش أن المجالين الثاني والثالث اللذين يمكن فيهما للعالم أن يتحالف معاً هما "مواجهة التغير المناخي والتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري، والعمل معاً من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة". واختتم كلمته قائلاً: "دعونا نطوّر حلولاً مشتركة للمشكلات، ترتكز على حسن النية والثقة والحقوق التي يتقاسمها الجميع، دعونا نعمل كواحد، كتحالف للعالم، كأمم متحدة".
إصلاح مجلس الأمن
في الوقت نفسه تعهّد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تشابا كوروشي، الثلاثاء، بالمضي قدماً في عملية إصلاح مجلس الأمن الدولي، وقال إن "الوقت حان لتمثيل كل سكان العالم بشكل أكثر مساواة".
جاء ذلك في كلمته بمناسبة افتتاح أسبوع المناقشات رفيعة المستوى للدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في المقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، بمشاركة رؤساء وزعماء أكثر من 110 دول، بينهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
قال كوروشي: "أتعهد بالتعاون مع جميع أصحاب المصلحة لتنفيذ جدول الأعمال الذي طلبته الدول الأعضاء، وأعوّل على مشاركتكم البناءة والتعاون والاحترام المتبادل". وأضاف: "أريد أن أمضي قدماً في المفاوضات المتعلقة بإصلاح مجلس الأمن، لقد حان الوقت لتمثيل كل شعوب العالم في هذا المجلس بشكل أكثر مساواة".
تابع كوروشي: "هذه مسألة تختبر مصداقية منظمتنا بأكملها.. بحيث تعكس حقائق القرن الحادي والعشرين ونظامنا متعدد الأطراف.. الفرصة متاحة الآن.. دعونا نتحرك".
ودعا رئيس الجمعية العامة في كلمته أمام قادة وزعماء العالم إلى "التضامن بين الدول الأعضاء لأن التفاوتات وصلت إلى مستويات قياسية".
السلام لا يزال بعيد المنال
في الوقت نفسه، اعتبر ملك الأردن عبد الله الثاني، الثلاثاء، أن "السلام لا يزال بعيد المنال" في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مؤكداً ضرورة تحقيق حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) وفق قرارات الأمم المتحدة.
جاء ذلك في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، تابعتها وكالة الأناضول.
قال الملك عبد الله إنه في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي "لا يزال السلام بعيد المنال، ولم تقدم الحرب ولا الجهود الدبلوماسية إلى الآن حلاً لإنهاء هذه المأساة التاريخية". وأردف: "لا بد أن تعمل الشعوب قاطبة، لا السياسة أو السياسيون خاصة، على الضغط باتجاه حل هذا الصراع من خلال قادتها".
كما تساءل الملك عبد الله: "كيف كان سيبدو عالمنا الآن لو تم الوصول إلى حل للصراع منذ زمن طويل ولم يتم تشييد الجدران وسُمح للشعوب أن تبني جسوراً للتعاون بدلاً منها (؟)". واستطرد: "ماذا لو لم يتمكن المتطرفون من استغلال ظلم الاحتلال؟ كم جيل من الشباب كان من الممكن أن يكبر في بيئة يسودها التفاؤل بالسلام والازدهار؟".
حل الدولتين
في حين أعتبر أن "الطريق إلى الأمام هو حل الدولتين، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، التي تفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل بسلام وأمن وازدهار".
كما قال الملك عبد الله: "اليوم، يشكل مستقبل مدينة القدس مصدر قلق ملح، فهي مدينة مقدسة للمليارات من أتباع الديانات السماوية حول العالم". وأكد أن "تقويض الوضع القانوني والتاريخي القائم فيها (القدس) يسبب توترات على المستوى الدولي ويعمق الانقسامات الدينية. لا مكان للكراهية والانقسام في المدينة المقدسة".
تابع: "انطلاقاً من الوصاية الهاشمية (الأردنية) على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، فنحن ملتزمون بالحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم فيها وحماية أمن ومستقبل هذه الأماكن المقدسة". وقال الملك عبد الله: "وكقائد مسلم، دعوني أؤكد لكم بوضوح أننا ملتزمون بالدفاع عن الحقوق والتراث الأصيل والهوية التاريخية للمسيحيين في منطقتنا، وخاصة في القدس".
أردف: "اليوم، المسيحية في المدينة المقدسة معرضة للخطر، وحقوق الكنائس في القدس مهددة، وهذا لا يمكن أن يستمر، فالمسيحية جزء لا يتجزأ من ماضي منطقتنا والأراضي المقدسة وحاضرها، ويجب أن تبقى جزءاً أساسياً من مستقبلنا".
التخلي عن سياسات التصعيد
من جانبه، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليونان إلى التخلي عن سياسات التصعيد والاستفزاز والإصغاء إلى دعوات أنقرة للتعاون. جاء ذلك، الثلاثاء، في خطاب الرئيس أردوغان، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما قال الرئيس أردوغان: "ننتظر من اليونان التخلي عن سياسات التصعيد والاستفزاز والإصغاء إلى دعواتنا من أجل التعاون والتضامن". وأضاف: "الساعون لإبراز قواتهم في المنطقة بالرغم من أنهم ليسوا نداً لنا سياسياً وعسكرياً يضعون أنفسهم في موقف مضحك".
في حين أكد أنه "بينما تدافع تركيا عن حقوقها في بحر إيجه وشرقي المتوسط لن تنجر إلى ألاعيب الذين يتبعون استراتيجية تصعيد التوتر لتحقيق مكاسب سياسية".
من ناحية أخرى، دعا الرئيس أردوغان المجتمع الدولي "لإنهاء الظلم الواقع بحق القبارصة الأتراك والاعتراف رسمياً بجمهورية شمال قبرص التركية بأسرع وقت".
في حين دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العالم إلى دعم مشروع التجمعات السكنية الذي ستنفذه بلاده في سوريا. جاء ذلك في خطاب له، الثلاثاء، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك.
كما قال أردوغان: "ننتظر من الجميع بذل الجهد اللازم وإبداء التضامن بشأن مشروع التجمعات السكنية الذي سننفذه في سوريا". وفي سياق متصل، أفاد أردوغان أن "أزمة اللاجئين لا يمكن حلها عبر إغراق قوارب الأبرياء الباحثين عن مستقبل أفضل وتركهم للموت أو الزج بهم في معسكرات اعتقال".
أضاف: "بينما نكافح لمنع وصول جثث الأطفال إلى الشواطئ على غرار الطفل إيلان حولت اليونان بسلوكها المتهور بحر إيجه إلى مقبرة لطالبي اللجوء".
الاحتلال الإسرائيلي
من جانبه، انتقد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الثلاثاء، "الاحتلال الاستيطاني" الإسرائيلي في فلسطين و"عجز" المجتمع الدولي في سوريا. وقال آل ثاني، في خطابه أمام الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: "لا أعتقد أن مندوبي الدول الحاضرين يحتاجون إلى التذكير بأن القضية الفلسطينية ما زالت دون حل".
كما تابع: "في ظل عدم تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومع التغير المتواصل للوقائع على الأرض أصبح الاحتلال الاستيطاني (الإسرائيلي) يتخذ سياسة فرض الأمر الواقع، مما قد يغير قواعد الصراع وكذلك شكل التضامن العالمي مستقبلاً". وأردف: "أجدد التأكيد على تضامننا الكامل مع الشعب الفلسطيني الشقيق في تطلعه للعدالة".
كما كرر التأكيد على ضرورة "تحمل مجلس الأمن لمسؤوليته بإلزام إسرائيل بإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
محاسبة مجرمي الحرب في سوريا
أما بخصوص الأزمة السورية، فقال آل ثاني إن "المجتمع الدولي عجز عن محاسبة مجرمي الحرب في سوريا". وتابع: "وإمعاناً في الخذلان أصبح البعض يسعى لطي صفحة مأساة الشعب السوري دون مقابل، ويتجاهل التضحيات الكبيرة التي قدمها هذا الشعب المنكوب دون حل يحقق تطلعاته ووحدة سوريا والسلم والاستقرار فيها".
فيما شدد على أنه "لا يجوز أن تقبل الأمم المتحدة أن يتلخص المسار السياسي في ما يسمى اللجنة الدستورية تحت رعايتها". وحول الأزمة الليبية، دعا آل ثاني إلى "اتخاذ إجراء دولي وفوري لاستكمال العملية السياسية والاتفاق على القاعدة الدستورية للانتخابات، وتوحيد مؤسسات الدولة".
أضاف أن "الجميع بات يدرك أنه لا يمكن استعادة الدولة دون توحيد القوى العسكرية وإعادة تأهيل الفصائل المسلحة في جيش وطني واحد، ونبذ من يرفض هذا الحل ومحاسبته". وبالنسبة لليمن، قال آل ثاني: "نرى بصيص أمل في توافق الأطراف على هدنة مؤقتة، ونتطلّع إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار، تمهيداً للتفاوض بين الأطراف اليمنية على أساس مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
اتفاق عادل
أما فيما يخص إيران، قال آل ثاني: "في قطر نؤمن بضرورة التوصل إلى اتفاق عادل حول البرنامج النووي الإيراني يأخذ في الاعتبار مخاوف الأطراف كافة ويضمن خلو المنطقة من السلاح النووي وحق الشعب الإيراني في الاستفادة من الطاقة النووية للأغراض السلمية".
تابع قائلاً: "ليس لدى أحد بديل عن مثل هذا الاتفاق، وسيكون التوصل إليه في صالح أمن واستقرار المنطقة، وسيفتح الباب لحوار أوسع على مستوى الأمن الإقليمي".
بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، قال آل ثاني: "ندرك تماماً تعقيدات الصراع بين روسيا وأوكرانيا والبعد الدولي له". واستدرك: "ومع ذلك ندعو إلى وقف إطلاق النار ومباشرة السعي إلى حل سلمي للنزاع. فهذا ما سينتهي إليه الأمر على كل حال مهما استمرت الحرب (المتواصلة منذ 24 فبراير/شباط 2022)".
فيما شدد على أن دوام الحرب "لن يغير هذه النتيجة، بل سيزيد من عدد الضحايا، كما يضاعف آثارها الوخيمة على أوروبا وروسيا والاقتصاد العالمي عموما".