نشرت صحيفة سورية، الأحد 11 سبتمبر/أيلول 2022، صوراً جديدة مسرّبة، قالت إنها لسجناء سوريين قضوا تحت التعذيب في سجن حلب المركزي، خلال فترة حصاره من قبل مقاتلي المعارضة السورية بين عامي 2013 و2014.
صحيفة "زمان الوصل" قالت إن الصور وعددها 800؛ سرّبها لها ضابط منشق يدعى "أبو أحمد"، وكان يخدم في السجن طيلة فترة حصاره ويتولى مهمة تصوير الجثث وتوثيقها قبل انشقاقه.
كما عزّزت الصور بشهادة معتقل سوري يدعى "أبو عبد الله"، وهو سجين سابق محتجز في سجن حلب المركزي منذ عام 2006، وكان حاضراً على مجازر ضباط وعساكر النظام، الذي لطالما تغنّى بما سماها بطولاتهم وملاحمهم بحق السجناء.
قيصر جديد
وقالت الصحيفة إن "أبو أحمد" أو "قيصر الجديد"، في إشارة للضابط الملقب بقيصر وسرّب آلاف الصور لمعتقلين قضوا في سجون النظام، كشف عن سلسلة كبيرة من صور ضحايا ضباط نظام الأسد وسجّانيه، الذين كانوا يتولون مهمة تعذيب السجناء والتنكيل بهم بشتى الأساليب داخل السجن المركزي بحلب.
في السياق، لفت "أبو أحمد" أنه كان مجبراً على كتابة تقارير تخص تلك الجثث وبشكل موثق من طبيب شرعي بأنهم لقوا مصرعهم بقصف "الإرهابيين"، وأن المجموعات الإرهابية هي التي قامت بهذه الأعمال التي اعتاد عناصر النظام وضباطه على ارتكابها.
وقال "أبو أحمد" في تسجيل مصور وثقته "زمان الوصل" إنه، وبحكم خدمته في سجن حلب المركزي كمساعد، كان موجوداً منذ بداية الحصار في عام 2013 وحتى عام 2014، حيث ارتكب عناصر النظام وضباطه حينها أول مجزرة بحق المساجين.
جوع وأمراض وتعذيب
كذلك أكد الشاهد أن النقيب "أيهم خضور" قام بتصفية 8 سجناء بعد جعلهم بوضعية النظر على الحائط ورميهم بشكل مباشر بالرصاص الحي، دون أن يرف له جفنٌ بعد حدوث تمرد للمساجين داخل السجن.
ووثق الضابط نحو 400 سجين توفوا إثر مضاعفات الجوع والأمراض، مشيراً لمقتل ما لا يقل عن 800 مدني، بينهم مئات السجناء الذين تمت تصفيتهم تحت التعذيب أو رمياً بالرصاص، لمجرد الشكوك بأن لهم صلات مع أشخاص خارج السجن.
في الوقت ذاته، أشار إلى أن الأوامر كانت تأتيهم من الضباط الكبار المسؤولين الأعلى رتبة بأن يتم توثيق الضحايا بموجب ضبط وفاة رسمي، عن طريق طبيب شرعي يقوم بذكر سبب الوفاة على هوى ضباط النظام، كأن يذكر أن السجين قتل برصاصة طائشة من الخارج أو تم قصفه من قبل الإرهابيين، رغم أن القتلة معروفون.
كما حكى أن عمليات تعذيب وقتل على البطيء، عبر الضرب ببواري الحديد، أو إهمال معالجة المرضى لينهاروا نهائياً ويلفظوا أنفاسهم.
"وضع المسدس في فمه وأطلق النار"
من جانب آخر، نقلت الصحيفة شهادة الشاهد الآخر "أبو عبد الله"، الذي كان محتجزاً منذ 2006 في سجن حلب، وعاش فترة الحصار وارتكاب عناصر وضباط النظام أبشع المجازر.
وقال إن نظام الأسد تعامل بوحشية وإجرام مع "استعصاء السجناء"؛ حيث إنه لم يوفر أحداً وقام بتوجيه الرصاص مباشرة على المساجين، فازدادت شراسة فئة الغالبية من العناصر والضباط العلويين الذين أمطروا السجناء برصاصهم، وانهالوا على بعضهم بالضرب بالآلات الحادة، وكان ذلك بمثابة الضوء الأخضر للإمعان في قتل الناس العزل. على حد قوله.
في حديثه عن الضابط في صفوف نظام الأسد، أيهم خضور، قال الشاهد إن الضابط قام بتصفية سجين يدعى "عبد الله" من مارع اشتكى له من الجوع، فأوهمه أنه سيطعمه، آمراً إياه أن يغلق عينيه ويفتح فمه، وهنا وضع المسدس في فمه وأطلق النار، ليخرّ على الأرض.
يشار إلى أن الصور المسربة الجديدة أعادت للذاكرة الصور التي سربها مصور كان يعمل تحت إمرة نظام الأسد، لتوثيق صور المعتقلين الذين يقضون في السجون، اشتهر بلقب "قيصر".
تمكَّن قيصر من تسريب نحو 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل في سجون الأسد، وكان قد غادر سوريا في عام 2013، وقدّم شهادته أمام الكونغرس في عام 2014.
وعلى إثر الفظائع التي كشفها قيصر، صدّق مجلس الشيوخ الأمريكي في ديسمبر/كانون الأول 2019، على قانون قيصر، ووقع عليه الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.
القانون يتضمن فرض عقوبات على نظام الأسد وعلى المتعاونين معه وداعميه، وكان هذا القانون ثمرة جهود كبيرة من معارضي الأسد لمعاقبته على الجرائم في المعتقلات.