نقلت صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 12 سبتمبر/أيلول 2022، عن مصادر -لم تسمّها- أن الصين تسخّر مراقبين إلكترونيين مهمتهم "إغراق" وسائل التواصل الاجتماعي بمنشورات عادية لا تثير الشبهات حول إقليم شينجيانغ، وذلك للتغطية على شكاوى متزايدة من سكان الإقليم، نتيجة نقص الغذاء والأدوية.
وتشهد منطقة إيلي قازاق (إيلي كازاخ) ذاتية الحكم، والمعروفة أيضاً باسم ييلي، أزمة إنسانية بسبب إجراءات إغلاق مشددة مرتبطة بوباء كورونا منذ أكثر من شهر، بينما يقطنها نحو 4.5 مليون شخص.
وتشير المصادر إلى أن المنطقة أُغلقت في أوائل أغسطس/آب الماضي، من دون إعلام عام رسمي، بسبب تفشي وباء كورونا. ثم شهدت الأيام الأخيرة سيلاً من منشورات ساكني المنطقة على وسائل التواصل الاجتماعي يشكون فيها نقص الغذاء وتأخير الرعاية الطبية أو حرمانهم إياها بالكلية.
منشورات عن الطبخ والحالة المزاجية
في أعقاب ذلك، كشفت وثيقة تعليمات مسربة نشرها موقع China Digital Times الإلكتروني، المعنيّ بالشؤون الصينية، أن مراقبين إلكترونيين تابعين للحكومة الصينية تلقوا توجيهات "بشنِّ حملة إلكترونية من التعليقات والمنشورات" للتغطية على شكاوى أهالي المنطقة بوسائل التواصل الاجتماعي.
وذكرت ترجمة الموقع للوثيقة أن المراقبين قيل لهم إنه "لا توجد تعليمات بالاقتصار على موضوعات معينة، بل يمكنهم نشر محتوى عن شؤون المنزل، أو المصاعب اليومية لتربية الأبناء، أو الطبخ، أو الحالة المزاجية"، و"يجب على جميع موظفي الحملة الإلكترونية كتابة تعليقات أو منشورات مرة واحدة في الساعة (مرتين في الإجمالي)، ولكن ليس في تتابع سريع! (نكرر: عدم النشر في تتابع سريع!)".
الموقع ذاته أورد عينة من المنشورات المسجلة كأمثلة مزعومة على حملة "التغطية على الشكاوى الإلكترونية"، وفيها نشر المستخدمون صوراً لعادات الطهي في شينجيانغ والبيئة المثالية فيها، لكنهم سرعان ما تعرضوا لهجوم من مستخدمين آخرين اتهموا تعليقاتهم بأنها محاولات مشبوهة "للتهوين" من شأن الشكاوى والمحادثات عن الإغلاق المفروض على المنطقة.
في السياق، قال أحد المستخدمين من سكان المنطقة: "كل هذه المنشورات عن جمال الطبيعة والطعام في ييلي تأتي من حسابات إلكترونية جماعية [مزيفة]. أحسنتم عملاً يا حـكـومـة! هل بدا لكم يوماً أن تحافظوا ولو على بصيص من كرامة؟!"، حسب الغارديان.
"ساعدونا هنا في ييلي"!
بينما نقل موقع What's On Weibo، المعنيّ بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، عن منشور آخر لساكن محلي، قوله: "لقد سلك سكان المنطقة شتى الطرق لإعلام العالم الخارجي بأحوالنا هنا. نحن محاصرون في الداخل، وليس لدينا ما يكفينا من إمدادات، ومع ذلك فقد فتحوا المناطق السياحية ذات المناظر الخلابة للزوار. ساعدونا، ساعدونا هنا، ساعدوا عامة الناس في ييلي!"
تتابعت الشكاوى من سكان المنطقة الذين اشتدت معاناتهم تحت وطأة الإغلاق المستمر منذ أكثر من 40 يوماً، عبر مئات الآلاف من التعليقات والمنشورات.
ونقلت التقارير عنها حوادث لنساء حوامل لم يعثرن على مستشفيات مفتوحة، وامرأة مُنعت وطفلها حديث الولادة من العودة إلى المنزل بعد الولادة في المستشفى، ورجل مسن مُنع من الدخول إلى المستشفى بعد وصوله إلى قسم الطوارئ وهو يتقيأ دماً.
وكتب أحدهم: "الأطفال المصابون بالحمى، وبلغت حرارتهم 40 درجة، لا يجدون الطبيب، ولا تجد النساء الحوامل مستشفى يُسمح لهن بدخوله، لقد فاض الكيل بنا".
الصين تنفي ثم تعتذر
في المقابل، نفت السلطات الصينية بعض هذه المزاعم، لا سيما حالات الوفاة والانتحار. لكنها أقرَّت الأسبوع الماضي بوجود مشكلات في نقص الطعام والإمدادات الطبية، واعتذروا عن ذلك في مؤتمر صحفي، ولاموا المسؤولين المحليين.
وفي معرض التعليق على تصريحات السلطات، كتب أحد المستخدمين: "في البداية يقولون إنها أخبار كاذبة، ثم بعد ذلك يعتذرون"، وقال آخر: "الحقيقة أن المدينة بأكملها مغلقة منذ 41 يوماً".
يشار إلى أن صحيفة South China Morning Post، ذكرت في 10 سبتمبر/أيلول الحالي، أن مسؤولاً لشؤون الصحة في ييلي قال إن تدابير الإغلاق ستُرفع بعد جولتين أو ثلاث جولات من الاختبارات.