شغلت الملكة إليزابيث الثانية منذ عام 1952، منصب الحاكم للمملكة المتحدة، التي شملت إنجلترا وويلز واسكتلندا وأيرلندا الشمالية، كذلك العديد من الدول والأقاليم الأخرى، فضلاً عن رئاسة الكومنولث، لتكون بذلك ملكة على مجموعة من 53 دولة ذات سيادة، تضم العديد من البريطانيين السابقين.
الملكة التي بلغت من العمر أكثر من 96 عاماً، تتمتع بشعبية كبيرة امتدت طوال فترة حكمها الطويلة، وهي معروفة باهتمامها الجاد بالحكومة والشؤون السياسية للمملكة، ومشاركتها في العديد من المراسم والاحتفالات، لذلك بات يُنسب إليها تحديث العديد من جوانب النظام الملكي لبريطانيا التي نعرفها اليوم.
وقبل 7 سنوات، وتحديداً في سبتمبر/أيلول عام 2015، تجاوزت إليزابيث الرقم القياسي البالغ 63 عاماً و216 يوماً على العرش والذي حققته الملكة فيكتوريا، جدتها الكبرى، لتصبح أطول حاكم بريطاني ظل على العرش في التاريخ، حيث بلغت فترتها أكثر من سبعة عقود.
الطفولة ومراحل التعليم
عندما وُلدت إليزابيث ألكسندرا ماري، الابنة الكبرى للأمير ألبرت، دوق يورك، وزوجته إليزابيث باوز ليون، في 21 أبريل/نيسان عام 1926، لم تكن لديها فرصة كبيرة لتولي العرش. فقد كان والدها هو الابن الأصغر للملك جورج الخامس.
لكن في أواخر عام 1936، تنازل عمها الملك إدوارد الثامن عن العرش للزواج بمطلقة أمريكية، تُدعى واليس سيمبسون.
ونتيجة لذلك، أصبح والدها هو الملك جورج السادس، وأصبحت إليزابيث البالغة من العمر 10 سنوات هي الوريث المفترض للعرش من بعده.
تلقت الأميرة تعليمها من قبل مدرسين خاصين، مع التركيز على التاريخ والقانون البريطاني، كما درست الموسيقى وتعلمت التحدث بالفرنسية بطلاقة، وكان ركوب الخيل هوايتها المفضلة.
وبصفتها ملكة، فقد احتفظت بالعديد من خيول السباق الأصيلة، وكثيراً ما حضرت السباقات المعروفة.
ثم بدأ ارتباط إليزابيث الشهير بكلاب من فصيلة محددة كانت سبباً في تهجينها لأول مرة، تُدعى Pembroke Welsh corgis منذ طفولتها المبكرة، لتمتلك أكثر من 30 كلباً على مدار فترة حكمها تقريباً.
فترة الحرب العالمية الثانية
قضت إليزابيث وشقيقتها الوحيدة مارغريت فترة الحرب العالمية الثانية بعيداً عن والديهما في قلعة وندسور، وهي قلعة من القرون الوسطى تقع خارج لندن.
وفي عام 1942، منح الملك ابنته إليزابيث لقب عقيد فخري على 500 شخص من "حرس غرينادير"، وهو فوج بالجيش الملكي. بعد ذلك بعامين، عيّنها عضواً في مجلس الملكة الخاص ومجلس الدولة، مما مكّنها من التصرف نيابة عنه داخل بريطانيا عندما يكون خارج البلاد.
علاقة حب وزواج طويل
في عام 1947، وبعد فترة وجيزة من عودة العائلة المالكة من زيارة رسمية لجنوب إفريقيا وروديسيا، أعلن القصر خطوبة إليزابيث على الأمير فيليب، ابن عمها الثالث (فقد كان كلاهما من أحفاد أحفاد الملكة فيكتوريا والأمير ألبرت) الذي كان ملازماً في البحرية الملكية باليونان.
على الرغم من أن كثيرين في الدائرة الملكية نظروا إلى فيليب على أنه خيار غير حكيم، بسبب افتقاره إلى المال، واختلاطه بالدم الأجنبي (الألماني) من خلال أجداده، فقد كانت إليزابيث مصممة عليه وجمعتهما علاقة حب.
إلى أن تزوجت هي وفيليب في 20 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1947 بكنيسة وستمنستر آبي. ثم ولدت ابنهما الأول تشارلز الذي أصبح أمير ويلز عام 1948؛ ثم ابنتها الأميرة آن بعد ذلك بعامين.
وقد دام زواج إليزابيث وفيليب لمدة 73 عاماً حتى توفي الأمير في أبريل/نيسان عام 2021 عن عمر يناهز 99 عاماً، بحسب موسوعة Britannica البريطانية للتاريخ.
تتويجها ودخول حقبة حديثة من الملكية
مع تدهور صحة والدها عام 1951، تدخلت إليزابيث نيابة عنه في وظائف حكومية مختلفة. وفي رحلة لها مع زوجها إلى كينيا في 6 فبراير/شباط 1952، توفي الملك جورج السادس بسرطان الرئة عن عمر يناهز 56 عاماً، لتُصبح إليزابيث البالغة من العمر 25 عاماً، سادس امرأة في التاريخ تتولى عرش بريطانيا. وتم تتويجها الرسمي باسم الملكة إليزابيث الثانية في 2 يونيو/حزيران 1953 بكنيسة وستمنستر آبي.
وقد تبنت الملكة خطوات لتحديث صورتها وصورة النظام الملكي، بما في ذلك بثها التلفزيوني السنوي لعيد الميلاد لأول مرة في عام 1957.
رُزقت إليزابيث وفيليب بطفلين آخرين، هما: أندرو عام 1960، وإدوارد عام 1964.
ملكة لمدة قياسية على عرش بريطانيا
يشير موقع History للتاريخ إلى أنه في عقدها السابع على العرش، تنحى الأمير فيليب عن واجباته الملكية في عام 2017، عن عمر يناهز 96 عاماً. وفي العام نفسه، احتفل الزوجان الملكيان بمرور 70 عاماً على زواجهما، حتى توفي فيليب عام 2021.
في مايو/أيار عام 2018، تزوج الأمير هاري بالممثلة الأمريكية ميغان ميركل، وهي مطلقة سمراء كان احتضانها من قبل العائلة المالكة يشير إلى مدى الحداثة التي أصبحت عليها خلال فترة حكم إليزابيث الطويلة.
وعلى الرغم من انتشار الشائعات في أوقات مختلفة بأن الملكة إليزابيث ستتنحى وتسمح للأمير تشارلز بتولي العرش عنها، فإنها حتى اليوم واصلت توليها واجبات منصبها، وأوكلت فقط بعض التزاماتها الملكية إلى ابنها الأكبر.
لتكون بذلك هي حاكمة بريطانيا لقرابة 72 عاماً تقريباً، مخلدةً اسمها كأحد أطول من حكموا، في بريطانيا والعالم، عبر التاريخ الحديث.