تدور محادثات بين الجيش المصري وشركات فرنسية في إطار رغبة الرئيس عبد الفتاح السيسي في شراء غواصات محملة بصواريخ كروز بقيمة 5 مليارات يورو، فيما لا تزال باريس تماطل وسط مجموعة من المخاوف لديها، بحسب ما نقله موقع Africa Intelligence الفرنسي الاستخباراتي، الأربعاء 7 سبتمبر/أيلول 2022.
بحسب الموقع، فقد بدأت المناقشات في فبراير/شباط 2022، على هامش قمة "محيط واحد" في بريست والتي دُعي إليها عبد الفتاح السيسي. خلال لقاء فردي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تحدث الرئيس المصري عن خططه لتحديث الأسطول البحري.
كان من أهداف السيسي منذ وصوله إلى السلطة في 2013، أن يقوم بشراء أربع إلى ست غواصات من طراز باراكودا من مجموعة نافال غروب الفرنسية المملوكة للدولة.
عهد السيسي بالمشروع عالي المخاطر إلى أحمد خالد، قائد القوات البحرية سابقاً، ومن المتوقع أن يلتقي وزير الدفاع المصري محمد أحمد زكي مع نظيره الفرنسي سيباستيان ليكورنيو في الأشهر القادمة.
وترغب البحرية المصرية في تجهيز غواصاتها بصواريخ كروز البحرية مقابل ما يقرب من مليار يورو أخرى.
ردود فعل دول مجاورة
بحسب الموقع الاستخباراتي، أعطت الحكومة الفرنسية فقط موافقتها لتبادل الوثائق الفنية بين نافال غروب والبحرية المصرية، وليس للتفاوض على عقد.
حيث يعارض رئيس أركان الدفاع الفرنسي مشروعاً من شأنه إدخال مزيد من السفن إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط المشبَّعة بالفعل بعشرات الغواصات التابعة للبحرية الإيطالية واليونانية والتركية وحتى الروسية.
فمن شأن مزيد من السفن البحرية أن يزيد من خطر الاصطدام ويزيد من زعزعة استقرار حوض البحر الأبيض المتوسط ، الذي يهتز بالفعل بتوتراتٍ إقليمية قوية.
كما سيكون تصدير صواريخ كروز البحرية من شركة "إم بي دي إيه" أيضاً الأول بالنسبة لفرنسا وسيُقلق إسرائيل وتركيا، العضو بالناتو، في حين أن علاقاتهما مع مصر متقلبة للغاية.
قلق من ديون مصر
وتشعر وزارة المالية الفرنسية كذلك بالقلق إزاء قدرة مصر على دفع مثل هذا الثمن الباهظ، إذ ارتفع الدين القومي لمصر إلى ما يقرب من 400 مليار دولار، ويحاول السيسي الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، الذي يدين بالفعل بـ20 مليار دولار من الديون المتراكمة منذ عام 2016.
هذا القرض الجديد، المتوقع الإعلان عنه في أي وقت، من المفهوم أنه خُفِّضَ من 10 إلى 3 مليارات دولار. ومُوِّلَت مشتريات مصر السابقة من الأسلحة -وبالتحديد رافال الفرنسية والفرقاطات الأوروبية متعددة الأغراض- جزئياً من قِبَلِ الإمارات والمملكة السعودية، إضافة إلى قروض بنكية بضمان الخزانة الفرنسية.
إذا تخلفت مصر عن السداد أو عدّلت أولوياتها المالية، فإن الدولة الفرنسية هي التي ستضطر إلى تسديد العقود التي فازت بها الشركات المصنعة في فرنسا.
تاريخ من الشراكة
من بين الشركات المصنعة الأوروبية، كانت الشركات الفرنسية من أنجح الشركات في الاستفادة من طلب مصر على الأسلحة، حيث فازت بثلاثة عقود بحرية رئيسية بين عامي 2014 و2015: أربعة طرادات من طراز غوويند، وحاملة طائرات مروحية من طراز فريم، وحاملتا مروحيات من طراز ميسترال كانتا متجهتين في البداية إلى روسيا.
كانت مصر أيضاً واحدة من أوائل المشترين لطائرات داسو المقاتلة من طراز رافال، حيث طلبت دفعة أولى من 24 طائرة في عام 2015 بعد عدة عقود من فشل التصدير.
حتى سنوات قليلة مضت، كانت نقطة ضعف الأسطول المصري تكمن في الغواصات الصينية القديمة التي بنيت في الثمانينيات. بين عامي 2017 و2021، استحوذت على أربع غواصات من طراز 209/1400 من شركة بناء السفن الألمانية "تي كيه إم إس". لم تكن هذه كافية لإرضاء السيسي، بحسب الموقع الاستخباراتي الفرنسي.