أصدر المدعي العسكري الليبي أمراً بمنع سفر رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان فتحي باشاغا وآخرين، فيما بدت آثار السيارات المتفحمة والمباني التي يخترقها الرصاص في العاصمة الليبية طرابلس التي يسودها هدوء حذر، بعد أن شهدت اشتباكات هي الأعنف منذ عامين، أودت بحياة 32 شخصاً.
وقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، في خطاب مساء الأحد 29 أغسطس/آب 2022، إن "من شنوا العدوان على طرابلس كانوا مطية لأجندات دولية لا تريد الاستقرار للبلاد".
تشهد ليبيا أزمة سياسية تتمثل في صراع بين حكومتين، الأولى حكومة باشاغا التي كلّفها برلمان طبرق بعد الفشل في تنفيذ انتخابات كان من المفترض أن تعقد نهاية عام 2021، والثانية حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.
تضمنت قائمة المدعي العسكري للممنوعين من السفر كذلك اللواء أسامة جويلي آمر المنطقة الغربية سابقاً، ورئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان، وعثمان عبد الجليل الناطق باسم حكومة باشاغا.
وقال الدبيبة في كلمة متلفزة: "انتهى العدوان دون رجعة ومعه مشروع التمديد (في الحكم) للجاثمين على صدور الليبيين منذ 8 سنوات"، دون أن يوضح تفاصيل أكثر حول مشروع التمديد.
تابع: "الانقلابيون فخخوا أحياء طرابلس بمخازن الذخيرة والسلاح تحت بيوت الآمنين".
وأكد الدبيبة أن حكومته "اتخذت جملة إجراءات أولها ملاحقة كل المتورطين في العدوان من عسكريين ومدنيين وعدم إفلاتهم من العقاب".
أردف: "الديمقراطية في ليبيا لم تتحقق حتى اليوم"، مضيفاً "لنرحل جميعاً، ولكن عبر الانتخابات".
كما أفاد بأنه كلّف "وزارة الدفاع بالإسراع بخطة شاملة لإخراج المعسكرات من وسط طرابلس" على خلفية الاشتباكات.
هدوء نسبي
وبدت آثار العنف على العاصمة الليبية طرابلس، إذ تناثرت السيارات المتفحمة والمباني التي يخترقها الرصاص، غداة قتال عنيف أودى بحياة 32 شخصاً، لكن يبدو أنه ثبت أقدام حكومة طرابلس بصورة أكبر.
اندلعت المعارك في أنحاء المدينة طيلة السبت، بعد أن فشلت القوات المتحالفة مع إدارة فتحي باشاغا المدعومة من البرلمان في السيطرة على العاصمة والإطاحة بحكومة عبد الحميد الدبيبة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها.
في جولة بالمدينة الأحد، شاهدت رويترز عمالاً يزيلون الزجاج والحطام من الشوارع المليئة بالرصاصات الفارغة، بينما وقف مقاتلون متحالفون مع الدبيبة أمام قواعد انتزعوها من القوات التابعة لباشاغا.
وعادت حركة المرور إلى العديد من الطرق، حيث كان السكان يتفقدون الأضرار التي لحقت بممتلكاتهم.
اندلعت الاشتباكات وانتهت فجأة. لكن الطبيعة الوجيزة للتصعيد الأخير لم تبدد المخاوف من تجدد صراع أوسع بين الطرفين في ظل جمود مستمر لشهور في بلد يعاني منذ أكثر من عقد من الفوضى والعنف.
لم تشهد ليبيا سوى فترات قليلة من السلام منذ انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأطاحت بالحاكم الاستبدادي معمر القذافي الذي حكم البلاد لعقود. وانقسمت البلاد في 2014 بين فصائل متناحرة في الشرق والغرب وانزلقت قوى إقليمية في الصراع. وتعطل مراراً إنتاج النفط الليبي، الذي يعد الجائزة الكبرى للجماعات المتحاربة.
ويبدو أن احتمالات سيطرة باشاغا على طرابلس الواقعة في غرب ليبيا قد تأثرت بشدة في الوقت الحالي، لكن لا يوجد مؤشر على تسوية سياسية أو دبلوماسية أوسع لإنهاء الصراع على السلطة في ليبيا.
ولم تعطِ الفصائل القوية في الشرق التي دعمت باشاغا، بما في ذلك رئيس البرلمان عقيلة صالح وخليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، سوى القليل من المؤشرات على استعدادها للتوصل إلى تسوية مع الدبيبة.
قال برلمان صالح ومقره شرق ليبيا إن حكومة الدبيبة انتهت ولايتها وإنه عين باشاغا ليحل محله مطلع العام الجاري، بعد انهيار عملية سياسية للتحضير للانتخابات. ويرفض الدبيبة ذلك.
وذكرت شركات طيران الأحد، أن الرحلات تعمل بشكل طبيعي في مطار معيتيقة في طرابلس، في مؤشر على استقرار الوضع الأمني في الوقت الحالي.
وقالت وزارة الصحة اليوم الأحد إن 32 شخصاً قتلوا في القتال السبت وأصيب 159، دون أن تذكر عدد المقاتلين وعدد المدنيين.
كان رجال الإطفاء ما زالوا يحاولون إخماد حريق في مبنى سكني في طرابلس صباح الأحد. وقال رجل يقف على مقربة من الموقع: "من سيعوض هؤلاء؟ ومن سيرجع من ماتوا إلى الحياة".