نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، السبت 20 أغسطس/آب 2022، عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، لم تسمّه، أن إيران تخلت رسمياً عن "خط أحمر" رئيسي كان يمثل نقطة شائكة رئيسية في الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.
حسب المسؤول الذي تحدث للشبكة، فإن إيران لم تطالب بإزالة الحرس الثوري من قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للمنظمات الإرهابية، وذلك خلال ردها الذي أرسلته الإثنين، 15 أغسطس/آب، على اقتراح الاتحاد الأوروبي بشأن إحياء الاتفاق النووي، والذي وصفه الاتحاد بالمسودة النهائية.
ورأى المسؤول أن هذا هو السبب الذي يجعل المعنيين بإدارة الاتفاق النووي مع طهران "أقرب إلى الاتفاق"، حيث أكد أن عدم طلب إيران إزالة الحرس الثوري من قائمة العقوبات الأمريكية في النسخة الحالية "النهائية" من النص يجعله أمراً ملغياً.
موقف بايدن "الحازم"
وطالبت إيران مراراً برفع العقوبات عن الحرس الثوري، لكن الرئيس الأمريكي "كان حازماً وثابتاً على أنه لن يزيل التصنيف الإرهابي عن هذا الكيان"، حسبما صرح المسؤول الأمريكي لـ"سي إن إن".
لكن المسؤول لفت إلى أنه في حين أن التوصل إلى اتفاق الآن "أقرب مما كان عليه قبل أسبوعين، فإن النتيجة لا تزال غير مؤكدة، حيث لا تزال هناك بعض الفجوات، وسيوافق الرئيس بايدن فقط على اتفاق يلبي مصالح أمننا القومي".
في سياق منفصل، نقلت شبكة سي إن إن، عن مسؤول كبير آخر في الإدارة الأمريكية قوله، إن "التقدم من هذه النقطة فصاعداً قد يكون بطيئاً، ولكن يبدو أن هناك زخماً أكبر الآن مما كان عليه في العام الماضي".
تبقى مسألة إزالة الحرس الثوري من قائمة الإرهاب والعقوبات الأمريكية أمراً شبه محسوم بالنسبة لواشنطن، حيث يصر بايدن منذ شهور على عدم ربط هذا "الشرط" بملف إحياء الاتفاق النووي المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".
وفي مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية، في يوليو/تموز المنصرم، أجاب بايدن بـ"نعم"، عن سؤال عمّا لو كان لا يزال ملتزماً بإبقاء الحرس الثوري الإيراني بقائمة المنظمات الإرهابية، حتى ولو كان ذلك على حساب "قتل الاتفاق نهائياً".
بايدن على خطى ترامب
ويعد هذا واحداً من جملة القرارات التي سار فيها بايدن على خطى سلفه دونالد ترامب، حيث صنفت إدارة ترامب في 2019 الحرس الثوري ضمن قائمة الإرهاب، ضمن حملة "الضغط القصوى" التي استهدافت طهران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي عام 2018.
وواصلت إدارة بايدن أيضاً فرض عقوبات جديدة على إيران مع استمرار المحادثات بشأن الاتفاق النووي.
يشار إلى أن واشنطن أعلنت، في 4 أغسطس/آب الحالي، استئناف المحادثات "غير المباشرة" مع إيران في فيينا، بعد أن توقفت لشهور، مشيرة إلى أن المحادثات النووية بين الطرفين "اكتملت تقريباً".
في تلك الأثناء، اجتمع في فيينا كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري كني، مع إنريكي مورا، مبعوث الاتحاد الأوروبي الذي ينسق المحادثات الهادفة لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
ويتفاوض دبلوماسيون من إيران والولايات المتحدة و5 دول أخرى (الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) منذ شهور في فيينا، حول صفقة لإعادة التزام طهران بالقيود على برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
مفاوضات متأرجحة
وبدا في مارس/آذار الماضي أن الطرفين يقتربان من إحياء الاتفاق بعد 11 شهراً من المحادثات غير المباشرة بين طهران وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في فيينا.
لكن المحادثات انهارت، لأسباب على رأسها مطالبة طهران بأن ترفع واشنطن الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأمريكية، وهو ما ترفضه الولايات المتحدة.
وللتغلب على المأزق اقترح بوريل، في يوليو/تموز، مسودة لنص جديد قال مسؤولان إيرانيان إن طهران "غير راضية عنها".
فيما قال مسؤول إيراني كبير لـ"رويترز": "أبدت إيران مرونة كافية. والآن الأمر متروك لبايدن لاتخاذ قرار، لدينا اقتراحاتنا الخاصة التي ستناقَش في محادثات فيينا، مثل رفع العقوبات عن الحرس بشكل تدريجي".
ومن بين النقاط الخلافية الأخرى مطالبة طهران بأن تقدم واشنطن ضمانات بألا يتخلى أي رئيس أمريكي قادم عن الاتفاق؛ تحاشياً لتكرار ما فعله ترامب. لكن بايدن لا يستطيع أن يعد بهذا، لأن اتفاق 2015 تفاهم سياسي غير ملزم، وليس معاهدة ملزمة قانوناً.
وقال مسؤول إيراني آخر: "إذا كانوا يريدون إحياء الاتفاق فيتعين على واشنطن ضمان فوائد اقتصادية لإيران، وليس فقط حتى نهاية ولاية بايدن".
وتصر طهران أيضاً على أن تُسقط الوكالة الدولية للطاقة الذرية مزاعمها بشأن أنشطة نووية إيرانية، معترضة على تأكيد الوكالة، في العام الماضي، أن طهران فشلت في تقديم توضيح وافٍ لسبب وجود آثار لليورانيوم في مواقع غير معلنة.