بعد طرح فكرة حكومة ليبية ثالثة تستثني الحكومة الليبية بقيادة باشاغا وحكومة الوحدة الوطنية بقيادة الدبيبة، والمقدم فكرتها من النائب الأول لرئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري؛ رفض رئيس البرلمان عقيلة صالح الفكرة، متمسكاً بحل المشهد السياسي الحالي بناءً على الوضع الراهن في تمكين إحدى الحكومتين.
صراع قوة يعود للمشهد بعد اجتماع أنقرة
عادت أجواء التوتر الأمني الذي تعيشه العاصمة طرابلس، خصوصاً الأسابيع الأخيرة على خلفية النزاع القائم على السلطة والشرعية بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا، وبدأ التصعيد العسكري يأخذ منحىً جديداً بعد اشتباكات شهدها محيط جمعية الدعوة الإسلامية بمنطقة السواني بالطرف الغربي الجنوبي لطرابلس، بين مجموعة مسلحة تابعة لآمر المنطقة الغربية أسامة الجويلي (مؤيد لباشاغا)، والقوة المتحركة (تابع للدبيبة)، انتهى بسيطرة الجويلي على كافة المقرات المحيطة بجمعية الدعوة الإسلامية.
يأتي التصعيد العسكري كجزء من الخطة التي وضعها باشاغا وفق مقربين منه صرحوا لـ"عربي بوست"، بالتخلي عن النهج السلمي في الدخول إلى طرابلس وبداية التصعيد للسيطرة على المدينة وتمكين حكومتهم بعدما كان قد أعلن مراراً عن التزامه بالنهج السلمي لتمكينه من السلطة، دون جدوى.
باشاغا يقرر التنازل مقابل تنحية الدبيبة
يأتي ذلك التصعيد بالتوازي مع تحركات دبلوماسية قام بها باشاغا قبل أيام التقى فيها بممثلين عن بعض السفارات الأجنبية في ليبيا أبرزها السفارة الأمريكية، أبلغهم فيها عن نيته الاستقالة من منصبه، لكن في حال تم تنحية الدبيبة من منصبه هو الآخر.
ونشبت حرب كلامية بين الطرفين حمّل فيها باشاغا خصمه عبد الحميد الدبيبة المسؤولية عن الدم المسفوك في البلاد، واتهم باشاغا الدبيبة بـالإصرار على الحكم بالقوة وبلا شرعية، محذراً من أن الوضع خطير جداً، ولا يمكن لأي وطني غيور أن يرضى باستمرار هذه الفوضى إلى ما لا نهاية، على حد قوله في بيان ألقاه في كلمة مسجلة نشرها على صفحة الحكومة الرسمية على موقع فيس بوك.
من جهته جدد الدبيبة ضمنياً تمسكه بالسلطة، ودعا لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ نهاية العام الماضي، رافضاً مجدداً تسليم السلطة لحكومة باشاغا.
ووفق محللين يبدو أن الطرفين لم يعد أمامهما إلا استخدام القوة للسيطرة على طرابلس، ومن ثم فرض سيطرة الحكومة، لتكون الغلبة للأقوى صاحب النفوذ المليشياوي الأكبر على الأرض، بعدما فشلت كل محاولات التوسط داخلياً وخارجياً للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، وبات حل الأزمة الليبية وحتى إجراء الانتخابات مرهوناً بالأكثر قدرة على حشد قوات عسكرية، واستقطاب أبناء القبائل والميليشيات لفرض تمركزه وسيطرته على العاصمة.
زيارة تركيا.. الحل السياسي الأخير
وكانت زيارة عقيلة صالح لأنقرة قد فتحت البابَ أمام اجتماعات ومشاورات موسعة بين قادة ليبيين وأتراك، في خطوة تعكس نشاطاً تركياً جديداً، يأتي بعد ما يمكن وصفه بفشل دولي في حلحلة الأزمة الليبية.
وأثناء الزيارة التقى رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح نظيره التركي مصطفى شنطوب، فيما لحق به نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، قبل أن يتبعهما أيضاً رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، وبعدها التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
كانت هذه الزيارة هي محاولة من تركيا لحل الأزمة الدستورية في ليبيا وأزمة الحكومات، وكان عليها أن تجمع الأقطاب الموجودة بما فيها خالد المشري، ممثلاً عن المنطقة الغربية وعبد الله اللافي ممثلاً عن المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، وعقيلة صالح ممثلاً عن البرلمان والحكومة الليبية، التي جاءت باتفاق ليبي – ليبي برئاسة فتحي باشاغا.
حين وصل عقيلة واستقبله رئيس البرلمان، قدم المشري واللافي لصالح مقترحاً بإنشاء حكومة ثالثة، وحل الحكومتين القائمتين (الحكومة الليبية بقيادة باشاغا وحكومة الوحدة الوطنية بقيادة الدبيبة)، وإعلان حكومة ثالثة بقيادة اللافي، الأمر الذي تم رفضه ليشتعل الصراع بين الدبيبة وباشاغا من جديد.