كشفت صحيفة The Daily Beast البريطانية في تقرير لها الأربعاء 3 أغسطس/آب 2022 أن كلاً من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على وشك ممارسة المناورات الحربية مرة أخرى.
ففي أول مناورة عسكرية مشتركة منذ خمس سنوات، سيعمل الأمريكيون والكوريون الجنوبيون على صقل ما يسميه العسكريون هنا "سلسلة القتل" التي يستهدفون فيها الصواريخ والمواقع النووية في الشمال، بالإضافة إلى القواعد اللازمة لتزويدهم بالوقود وإعادة تسليحهم.
تحالف عسكري بين أمريكا وكوريا الجنوبية
تقول مصادر مطلعة على التحالف العسكري بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إنَّ المناورات ستبلغ ذروتها في تمرين "قطع الرأس"؛ حيث يتظاهرون بأنهم يخترقون قلب هيكل القيادة في كوريا الشمالية والتخلص من الزعيم كيم جونغ أون. وعلى الرغم من أنها مجرد لعبة، فمن المؤكد أنه سيأخذها على محمل شخصي كما فعل في سبتمبر/أيلول 2017 عندما أمر بإجراء التجارب النووية السادسة والأخيرة لكوريا الشمالية بعد المناورات الحربية في ذلك العام.
التدريب على لعبة قطع الرأس
لن تقر الولايات المتحدة رسمياً بأنَّ "لعبة قطع الرأس" على جدول أعمال المناورات. وبعيداً عن الرسمية، هذا هو اسم اللعبة، كما أوضحت لصحيفة The Daily Beast المصادر المطلعة على التمرين القادم بالإضافة إلى التدريبات التي جرت قبل 5 سنوات.
في حين حذّر محللون من أنَّ مجرد ذكر قطع الرأس يثير حفيظة كيم، الذي أرهبه بالفعل مفهوم "سلسلة القتل". وخوفاً من الاغتيال، وحذراً من السخط بين شعبه المنكوب بالفقر، ورد أنه شدد الإجراءات الأمنية.
لكن واحدة من أكبر مخاوف كيم هي أن يُستهدَف في العراء بطائرة بدون طيار، على غرار الهجوم الذي قتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري في منزله في كابول، يوم الأحد 31 أغسطس/آب 2022، والقائد العسكري الإيراني الأكثر رعباً، اللواء قاسم سليماني. ونظراً لإدراكه أنه يمكن أن يكون الهدف الأساسي في أية "ضربة استباقية"، يصعب للغاية العثور على كيم، إذ يتحرك ليلاً فقط في مركبات مختلفة، برفقة العشرات من الحراس الشخصيين.
مناورات سنوية
من جانبه، قال ديفيد ماكسويل، العقيد المتقاعد بالقوات الخاصة بالجيش الأمريكي الذي انضم إلى المناورات السنوية خلال جولاتها الخمس في كوريا الجنوبية، لصحيفة The Daily Beast: "قطع الرأس هي مهمة لالتقاط أو قتل هدف ذي قيمة عالية؛ مثل المطاردة، إذا أوقعت قائد القوات العسكرية (في هذه الحالة، كيم جونغ أون)، فمن الناحية النظرية، فأنت بذلك قطعت رأس الثعبان".
في حين اتفق وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، ونظيره في كوريا الجنوبية، لي جونغ سوب، على إجراء التدريبات لأول مرة منذ ألغاها دونالد ترامب مباشرة بعد قمته مع كيم في سنغافورة في يونيو/حزيران 2018، التي أعلن أنهما "أُغرما ببعضهما" خلالها. وتدعى التدريبات، التي ستبدأ هذا الشهر، Ulchi Freedom Shield -أو درع حرية أولتشي- تيمناً بجنرال من القرن السابع هزم الغزاة الصينيين.
ستؤدي القوات الأمريكية والكورية الجنوبية المناورات الحربية في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الكوريتين. وتوعد كيم بـ"إبادة" كوريا الجنوبية فيما سماه "تحذيراً خطيراً لحكومة كوريا الجنوبية المحافظة ودعاة الحرب"، رداً على تقارير بأنَّ الجنوب يفكر بجدية في "ضربة استباقية" ضد المنشآت النووية والصاروخية لكوريا الشمالية.
خيار الضربة الوقائية فكرة سيئة
قال الضابط المدني في القوات الأمريكية في كوريا، ستيف ثارب، لموقع The Daily Beast: "أعتقد شخصياً أنَّ خيار الضربة الوقائية ضد كوريا الشمالية فكرة سيئة. إذ سيؤدي على الفور إلى حرب واسعة النطاق، أو بالأحرى استئناف حرب واسعة النطاق، ستكون الجزء الثاني من الحرب الكورية".
في حين يرى أنَّ اندلاع حرب كورية أخرى "ستجعل الحرب في أوكرانيا باهتة بالمقارنة، حتى لو لم تُستخدَم الأسلحة النووية. وإذا استُخدِمَت عوامل الأعصاب والأسلحة النووية، فسنرى على الأرجح عدداً من الوفيات هنا أكبر مما حدث أثناء القتال من 1950 إلى 1953، في الحرب الكورية الأولى".
أعرب ثارب عن ثقته في أنَّ القيادة الكورية الشمالية لا تريد حرباً كورية شاملة أخرى؛ لأنها تدرك أنَّ "ذلك سيؤدي إلى زوالها بغض النظر عن عدد الضحايا الذي قد تتسببان فيه". وقال إنَّ الخطر "يكمن في سوء تقدير الوضع الذي يؤدي إلى حرب لا داعي لها".
من جانبه، قال متحدث باسم مقر القوات الأمريكية في كوريا وقيادة الأمم المتحدة لصحيفة The Daily Beast، إنَّ الأمر يتعلق "بمفهوم جيش كوريا الجنوبية لكيفية الدفاع عن الدولة". وقال متحدث عسكري كوري جنوبي إنَّ ما يعنيه هو: "عندما تطلق كوريا الشمالية صواريخ، سنهاجم نظام الصواريخ الكوري الشمالي".
نهاية سلسلة القتل
مع ذلك، امتنع المتحدثون الأمريكيون والكوريون الجنوبيون عن التطرق لمناورة "قطع الرأس"، وهو مصطلح غير رسمي للنهاية الكبرى لـ"سلسلة القتل"، وكلمة يُنظر إليها على أنها تؤدي إلى تفاقم التوترات.
من جانبه، قال إيفانز ريفير، دبلوماسي أمريكي كبير متقاعد كان يركز على قضايا كوريا الشمالية منذ سنوات: "أود التحذير من القول علناً إنَّ قطع رأس قيادة كوريا الشمالية قد يكون أساس أي تدريب. إنَّ اقتراح وضع القضاء على كيم جونغ أون ودائرته الداخلية هدفاً لتحالف واشنطن وسول سيُغضِب بشدة النظام الكوري الشمالي ويتطلب أقوى رد ممكن من بيونغ يانغ".
جدير بالذكر أنَّ فكرة التمرن على اغتيال كيم جونغ أون بقطع رأس نظامه تثير حتماً تساؤلات بين أولئك الذين يرغبون في التخلص من الرجل، لكنهم يتساءلون عمّا إذا كان قتله سيحل كل ذلك. وليس هناك شك فيه أنه سيكون هناك صراع على السلطة، بما في ذلك أخته الصغرى كيم يو جونغ، ممن يترقبون على الجانب.
على الجانب الآخر، يرى تشوي جين ووك، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والثقافية في سيول، قطع الرأس أمراً حاسماً لتحقيق النصر. وقال لصحيفة The Daily Beast: "بالنسبة لديكتاتورية مثل كوريا الشمالية، فإنَّ التخلص من الديكتاتور هو أفضل استراتيجية لكسب الحرب".