ازاد قلق إدارة بايدن هذا الصيف بشأن تصريحات وتحركات الصين بخصوص تايوان؛ إذ يخشى بعض المسؤولين من أنَّ القادة الصينيين قد يحاولون التحرك ضد الجزيرة ذاتية الحكم خلال فترة العام والنصف القادمة، ربما من خلال قطع طريق الوصول إلى كل أو جزء من مضيق تايوان، الذي تعبره سفن البحرية الأمريكية بانتظام، حسب ما نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية.
المسؤولون الأمريكيون يقولون إنَّ المخاوف الداخلية زادت في الأيام الأخيرة، فيما تحاول الإدارة بهدوء العمل على إثناء رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، من المضي قدماً بزيارة مقترحة إلى تايوان الشهر المقبل، أغسطس/آب.
ومن شأن بيلوسي، النائبة الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا، أن تكون أول رئيس لمجلس النواب يزور تايوان منذ عام 1997، وقد أدانت الحكومة الصينية مراراً خططها المُعلَنة للزيارة، وهددت بالانتقام.
المسؤولون الأمريكيون يرون خطراً أكبر للصراع وسوء التقدير بسبب زيارة بيلوسي، فيما يستعد الرئيس الصيني شي جين بينغ وقادة الحزب الشيوعي الآخرون في الأسابيع المقبلة لاجتماع سياسي مهم من المُتوقَّع أن يمد فيه الرئيس شي حكمه.
فيما أكَّد المسؤولون الصينيون بقوة هذا الصيف أنَّه لا يمكن اعتبار أي جزء من مضيق تايوان مياهاً دولية، على عكس ما تراه الولايات المتحدة وبلدان أخرى، ولا يعلم المسؤولون الأمريكيون ما إن كانت الصين تعتزم فرض هذا الادعاء بالقوة.
سيناريوهات محتملة لغزو تايوان
لكنَّ السيناتور كريس كونز عن ولاية ديلاوير، وهو المقرب من الرئيس بايدن ويتعامل مع الإدارة كثيراً بشأن قضايا تشمل تايوان، قال إنَّ "هناك الكثير من الانتباه الذي يُولى" لما قد تتعلمه الصين وجيشها والرئيس شي من الأحداث في أوكرانيا.
كونز أضاف، في مقابلة جرت الأحد: "إحدى مدارس التفكير ترى أنَّ الدرس هو (امضِ مبكراً وبقوة) قبل أن يكون هنالك وقت لتعزيز دفاعات تايوان. وربما نكون في طريقنا لمواجهة -ضغط أكثر منه غزواً- أبكر مما كنا نعتقد".
وقال مسؤولون عسكريون أمريكيون إنَّ النجاح في شن غزو بحري جوي لتايوان سيكون أمراً صعباً بالنسبة لجيش التحرير الصيني اليوم. وإذا تحرَّكت الصين ضد تايوان بالفعل في وقت أبكر مما هو متوقع، قد يكون الأمر تدريجياً، ربما أولاً من خلال الاحتجاج بإعلانها الأخير بشأن وضعية مضيق تايوان، وشن عملية محدودة لقياس رد فعل واشنطن.
وترى نظرية أخرى أنَّ بكين قد تحاول السيطرة على جزيرة خارجية قريبة من الساحل الصيني.
يدرك المسؤولون الصينيون أنَّ إدارة بايدن، التي تطبق أيضاً الدروس المستفادة من الغزو الروسي لأوكرانيا، يحاولون بلورة مبيعات أسلحتهم لتايوان لتحويل الجزيرة الديمقراطية إلى ما يصفه البعض بأنَّه "شيهم"، أي ملئها بما يكفي من أسلحة ومنظومات دفاع فعَّالة لردع القادة الصينيين عن محاولة مهاجمتها.
وأشار مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، يوم الجمعة الماضي 22 يوليو/تموز، إلى أنَّ إمداد تايوان بالأسلحة سيفرض ضغوطاً إضافية على إنتاج العتاد العسكري الأمريكي.
فيما يقول المسؤولون الأمريكيون إنَّهم ليسوا على علم بأية معلومة استخباراتية محددة تشير إلى أنَّ القيادة الصينية قرَّرت التحرك قريباً بشأن تايوان. لكنَّ المحللين داخل وخارج الحكومة الأمريكية يدرسون الوضع ليحددوا أي وقت قد يكون مثالياً بالنسبة للصين كي تتخذ إجراءات أكثر جرأة لتقويض تايوان والولايات المتحدة.
والمسألة المحورية في هذا الإطار هي ما تعتقده القيادة الصينية العليا حيال تطور نقاط قوة الجيش الصيني نسبياً مقارنةً بتايوان والولايات المتحدة والحلفاء الإقليميين لها، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية.
وكانت بيلوسي تعتزم زيارة تايوان في أبريل/نيسان الماضي، لكنَّها أجَّلت الزيارة بعدما قال مساعدوها إنَّه ثبت إصابتها بفيروس كورونا.
قال تشاو ليجيان، المتحدث باسم الخارجية الصينية، في إحاطة إعلامية اعتيادية يوم أمس، الاثنين 25 يوليو/تموز: "إذا أصرَّت الولايات المتحدة على المضي قدماً، ستتخذ الصين إجراءات حاسمة وصارمة لحماية السيادة الوطنية ووحدة أراضيها". وقال مسؤولون أمريكيون إنَّ التخطيط لزيارة بيلوسي يمضي قدماً على الرغم من الغضب المتزايد بشأنها.
ومن المرجح أن تسافر بيلوسي إلى تايبيه على متن طائرة عسكرية أمريكية، وهو أمر معتاد في مثل هذه الزيارات. ويقول بعض المحللين الذين يتطلَّعون إلى الإدانات الصينية للزيارة إنَّ الصين قد ترسل طائرات لـ"مرافقة" طائرة بيلوسي ومنعها من الهبوط.
فيما قال مسؤول أمريكي، هذا السيناريو يمثل مبعث قلق مشروع، ولو أنَّه غير محتمل، وإنَّ واشنطن ستعتبر أية خطوة كهذه تصعيداً.
وخلال إدارة ترامب، أصبح عضو كبير بالحكومة الأمريكية ومسؤول كبير بالخارجية الأمريكية أرفع مسؤوليْن بالإدارة الأمريكية يزوران تايوان بصفتهما العملية منذ 1979، حين قطعت واشنطن العلاقات الدبلوماسية مع تايبيه من أجل تطبيع العلاقات مع بكين. وكان نيوت غينغريتش هو آخر رئيس لمجلس النواب الأمريكي يزور تايوان قبل 25 عاماً.
وحين سأل الصحفيون بايدن، الأربعاء الماضي 20 يوليو/تموز، عن الزيارة المقترحة، قال إنَّ "الجيش يعتقد أنَّها ليست فكرة جيدة في الوقت الراهن".