أخطرت شركة غازبروم الروسية الحكومية العملاقة بعض عملائها الأوروبيين بإشعار "القوة القاهرة"، ما يعني إخلاء مسؤوليتها عن أي نقص في إمدادات الغاز بسبب "ظروف غير عادية"، حسبما نقلت صحيفة The Washington Post الأمريكية.
وجاء إخطار الشركة الروسية يوم الخميس 14 يوليو/تموز 2022، في حين أكدت شركات أوروبية تلقيها الإشعار الذي يخطر الشركات بتفعيل مادة القوة القاهرة بأثر رجعي على إمدادات الغاز منذ 14 يونيو/حزيران المنصرم.
أزمة الطاقة بين أوروبا وروسيا
تأتي هذه المناورة القانونية في ظل أزمة طاقة متزايدة في أوروبا، حيث تعتمد العديد من الدول على الغاز الروسي، في الوقت الذي تسعى فيه أوروبا للضغط على موسكو اقتصادياً بسبب الحرب في أوكرانيا.
ومن المتعارف عليه أن بند القوة القاهرة في أي تعاقد يعفي الأطراف من مسؤولية الوفاء بالتزاماتها في الظروف غير العادية والاستثنائية خارج نطاق سيطرة طرف التعاقد، مثل الحروب أو العواصف أو الحرائق.
ومن خلال تفعيل هذا البند، توضح شركة غازبروم أنها لا تتحمل المسؤولية عن عدم إرسال شحنات الغاز المقررة إلى أوروبا بسبب حالة الحرب.
بدورها، أكدت شركة "يونيبير" (Uniper) الألمانية، أكبر مستورد للغاز الروسي، أنها تلقت إشعاراً من شركة غازبروم "تزعم فيه الشركة تفعيل بند القوة القاهرة بأثر رجعي على نقص إمدادات الغاز السابقة والحالية".
وقال المتحدث باسم الشركة الألمانية: "نعتبر هذا الإشعار غير مبرر، ورفضنا رسمياً ادعاءات القوة القاهرة".
كما تلقت شركة RWE، أكبر منتج للطاقة في ألمانيا، إشعاراً مماثلاً من الشركة الروسية، لكنها رفضت التعليق على الأمر.
أضرار لحقت بشركات أوروبية
وأثارت المناورة القانونية مخاوفَ بشأن مستقبل إمدادات الغاز الروسي لأوروبا في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات بشأن أمن الطاقة في أوروبا.
كما تضررت شركة يونيبير الألمانية بقوة من نقص إمدادات الغاز، مما تسبب في خسارة الشركة عشرات الملايين يومياً منذ خفضت موسكو إمداداتها منذ يونيو/حزيران الماضي.
في المقابل، ألقت شركة غازبروم باللوم على العقوبات الغربية بسبب حرب روسيا في أوكرانيا، مشيرة إلى عدم عودة المحركات التوربينية التي أرسلتها الشركة للإصلاح في كندا بسبب العقوبات الاقتصادية على روسيا.
إلا أن ألمانيا شككت في أن يكون غياب المحركات التوربينية يسبب هذا النقص الحاد في الإمدادات، وذكرت صحيفة "كوميرسانت" الروسية أن كندا أرسلت المحركات التوربينية بالطائرة الأحد، 17 يوليو/تموز، إلى ألمانيا، التي سترسلها بدورها إلى روسيا الأسبوع المقبل.
مستقبل مجهول لإمدادات الغاز من روسيا
وتصاعدت المخاوف في أوروبا خلال الأيام الأخيرة من أن روسيا قد لا تستأنف إمدادات الغاز بعد انتهاء الصيانة المقرر لها يوم الخميس، 21 يوليو/تموز.
في السياق، قالت كارين جان بيير، السكرتير الصحفي للبيت الأبيض، في بيان موجز إخباري الثلاثاء، 19 يوليو/تموز: "تواصل روسيا استخدام الغاز الطبيعي بمثابة سلاح سياسي واقتصادي. أدت نقص إمدادات الطاقة الروسية إلى ضغط كبير على الأسواق، وزيادة الأسعار على المستهلكين، مما يهدد أمن الطاقة العالمي".
لكن لا يزال غير واضح إن كانت تلك المخاوف مبررة، فإعلان حالة "القوة القاهرة" ما هو إلا مناورة قانونية. في نهاية المطاف، لا يعرف أحد حتى الآن قرارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا.
كذلك قال فيليب هيلماير، رئيس قسم إمدادات الطاقة المستقبلية في وكالة الطاقة الألمانية: "لن نعرف النوايا الحقيقية لإشعار شركة غازبروم إلا عندما نرى ما سيحدث في نهاية الأسبوع".