أفرج قاضٍ عن زعيم حزب حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي المنحل راشد الغنوشي، بعد تحقيق استمر قرابة 10 ساعات، في استجواب حول اتهامات وصفها قبل دخول قاعة المحكمة بـ"الكيدية"، لصرف النظر عن خطة تمرير مشروع دستور "يكرس الانقلاب والاستبداد".
حيث قال محامون ومسؤول من حزب النهضة لرويترز إن قاضياً تونسياً أبقى زعيم حزب النهضة الإسلامي راشد الغنوشي طليقاً بعد جلسة تحقيق طويلة.
فور خروجه من المحكمة، أكد الغنوشي للصحفيين أن فريق الدفاع تمكن من دحض كل الاتهامات ضده والتي ثبت أنها "اتهامات فارغة"، مضيفاً: "فخورون بقضائنا".
وأضاف الغنوشي أن المحكمة بينت أنها حققت قدراً كبيراً من الاستقلالية، قائلاً: "تعودنا كحركة سياسية على الإقصاء بالأحكام الفاسدة، لكن المحكمة اليوم أثبتت استقلالها".
كما قال الغنوشي إن "تونس في مرحلة انتقالية صعبة، وإننا ومعظم الشعب التونسي ماضون في مقاطعة الدستور المطروح لأنه انتكاس لمكتسبات الثورة".
محاكمة بتهم "كيدية"
وانطلقت الثلاثاء 19 يوليو/تموز 2022 محاكمة الغنوشي، بعد أن وصل إلى قاعة محكمة في تونس العاصمة؛ لاستجوابه في تحقيق بشأن "غسل أموال".
وكالة الأنباء التونسية الرسمية ذكرت أن الغنوشي "حضر بمقر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالعاصمة للتحقيق معه واستنطاقه فيما يعرف بقضية جمعية نماء، بعد أن تم توجيه استدعاء له في الغرض، كما تواجد بالمكان عدد من المحامين".
فيما قال الغنوشي إنه يمثُل اليوم أمام المحكمة؛ احتراماً للقضاء التونسي، ودعماً لوجود سلطة قضائية مستقلة. وأضاف أنه يرفض كل مساعي الضغط على القضاء ومعاقبة القضاة بعزلهم أو تشويههم، وهو ما يحصل من الرئيس اليوم.
حيث قال الغنوشي في كلمة أمام الصحفيين إنه "كانت هناك أخطاء ولا شك، وكثيرون يتحملون المسؤولية وليس النهضة فقط، كما يحاول البعض تزوير التاريخ والواقع".
وقال الغنوشي: "لا مستقبل يليق بتونس والتونسيين إلا في احترام الحرية والديمقراطية ومؤسساتها الشرعية، والتركيز على الأولويات الاقتصادية والتنموية وإنجاز الإصلاحات الضرورية واحترام حياد الإدارة والجيش والأمن واستقلال القضاء، واحترام قيم العيش المشترك ونبذ الكراهية والعنف".
وأكد الغنوشي أن "حركة النهضة واعية بهذا وملتزمة بمواصلة النضال من أجل تحقيقه، بالتعاون مع كل المؤمنين بدولة مدنية ديمقراطية في خدمة شعبها، ومستعدون لتقديم التضحيات أو التنازلات من أجل ذلك".
أمام المحكمة تجمع العشرات من مناصري حركة النهضة وعدد من قياداتها للتضامن مع الغنوشي، ورفعوا لافتات تندِّد بالتحقيق معه، فيما قال القيادي في "النهضة" نور الدين البحيري إن الغنوشي "لا علاقة له بهذه الجمعية لا من قريب ولا من بعيد"، مشيراً إلى أن اسمه "تم ذكره بشكل عرضي ولا يوجد أي موجب لإيقافه".
وأضاف البحيري، في تصريحات للصحفيين أمام القطب القضائي: "إذا تم إيقافه (الغنوشي) اليوم فلكل حادث حديث".
تأتي الجلسة قبل أقل من أسبوع من إجراء الرئيس قيس سعيّد استفتاء على دستور جديد يوسع سلطاته بدرجة كبيرة، في خطوة رفضها حزب النهضة وغيره من الأحزاب باعتبارها غير قانونية.
إلى جانب الغنوشي وأحد أبنائه، ضم الإعلان أسماء رئيس الوزراء الأسبق حمادي الجبالي وابنتيه، ووزير الخارجية الأسبق رفيق بن عبد السلام، وآخرين.
إجراءات سعيد الاستثنائية
وتعاني تونس منذ 25 يوليو/تموز 2021، أزمة سياسية حادة، حيث فرض سعيّد آنذاك إجراءات استثنائية، منها حل البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى.
ترفض عدة قوى سياسية ومدنية هذه الإجراءات، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي.
وكان حزب النهضة قوة رئيسية داخل البرلمان، وشارك تقريباً في كل الحكومات التي تشكلت منذ ثورة عام 2011، وتعاون مع الأحزاب العلمانية مبتعداً عن جذوره الدينية.
وقال سعيّد إن خطواته منذ العام الماضي، عندما علق البرلمان وبدأ في الحكم بمرسوم قبل أن يعيد صياغة الدستور الديمقراطي للبلاد، كانت ضروريةً لإنهاء سنوات من الركود السياسي.