اغتيل شينزو آبي، الذي شغل منصب رئيس الوزراء اليابان لمدة طويلة، صباح يوم الجمعة 8 يوليو/تموز، إثر تعرضه لإطلاق نار أثناء إلقاء خطاب في حدث سياسي.
وسارعت جميع بلدان العالم بإرسال برقيات التعازي للشعب الياباني وإدانة تلك الجريمة الصادمة والوحشية.
خلال مدة توليه السلطة، شارك آبي بشكل رئيس في المشهد السياسي العالمي، واتبع سياسات خارجية ودفاعية متشددة أثارت الجدل على الصعيد المحلي.
وشهدت مدة توليه السلطة عدة مواجهات ومواقف مع بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من بينها بعض المواقف التي كادت تؤدي إلى سقوطه سياسياً، بالإضافة إلى زيارات الدولة المحرجة والفظائع الإرهابية، وفقاً لتقرير نشره موقع Middle East Eye البريطاني الجمعة 8 يوليو/تموز 2022.
الهجوم الإرهابي في الجزائر
في 16 يناير/كانون الثاني 2013، قُتل عشرة مواطنين يابانيين على يد مقاتلين إرهابيين في بلدة عين أمناس شرق الجزائر.
وأعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن الهجوم الذي أسفر عن مقتل 39 ضحية من الرهائن الأجنبية وحارس أمن جزائري، إلا أن اليابان كان لها النصيب الأكبر عدد من الوفيات.
خلال أزمة الرهائن، عجزت اليابان عن تنفيذ أي محاولة لإنقاذ الرهائن أو مرافقة الناجين أو جثث الضحايا خارج الجزائر بسبب القوانين الصارمة التي ترجع إلى دستور البلاد السلمي الذي صاغته الولايات المتحدة عام 1947 ويحظر على اليابان أن تحتفظ بجيش حرب بمعناه المعروف.
أحبطت تلك القيود آبي، الذي قرر التخطيط لمسار تشريعي وماليّ نحو أجندة دفاعية أكثر قوة.
قتلى تنظيم الدولة
وفي يناير/كانون الثاني 2015، أصدرت مجموعة مسلحة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية لقطات لإعدام الرهينة الياباني هارونا يوكاوا بقطع رأسه.
وبعد أسبوع، أعدمت قوات تنظيم الدولة الإسلامية الصحفي الياباني كينجي غوتو بقطع رأسه أيضاً، وقد سافر غوتو إلى سوريا على أمل إنقاذ يوكاوا.
صرح آبي في ذلك الوقت: "أنا غاضب للغاية من تلك الأفعال الإرهابية الخسيسة والحقيرة، لن نتسامح مع الإرهابيين أبداً".
على إثر ذلك تحسنت معدلات الرضا والقبول الشعبي للزعيم الراحل بفضل تعامله مع أزمة الرهائن، وأيدت الغالبية العظمى من الشعب الياباني تعهداته بزيادة المساعدات للمناطق المتأثرة بأعمال تنظيم الدولة الإسلامية.
رحلة إيران وخيمة العواقب
قد تكون رحلة آبي إلى إيران في يونيو/حزيران 2019 مهمته الخارجية الأكثر إحراجاً خلال وجوده في السلطة.
كانت زيارة آبي لطهران هي أول زيارة لزعيم ياباني إلى إيران منذ أربعة عقود، سعى من خلالها للترويج لفكرة التقارب، عقب زيادة التوترات بين إدارة ترامب وطهران.
إلا أن زيارته تزامنت مع تعرض ناقلتي بتروكيماويات، إحداهما يابانية، للهجوم في خليج عُمان. واتهمت واشنطن، إلى جانب عدد من الدول الأخرى، إيران بشن هذا الهجوم.
وفي إيران، أشار المرشد الأعلى علي خامنئي، أثناء جلوسه مع آبي، إلى أن الزعيم الياباني جاء إلى بلاده رسولاً من ترامب، وأنه يهدر وقته.
بينما قال ترامب إن محاولات آبي ومفاوضاته مع الجانب الإيراني حسنة النية، لكنها ساذجة.
لحظة محرجة في إسرائيل
وفي شهر مايو/أيار 2018، عقب محادثات ثنائية عالية المستوى، وأثناء تناول العشاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتذاك بنيامين نتانياهو، قدّم طاهِ مشهور لرئيس الوزراء الياباني حلوى الشوكولاتة داخل حذاء جلدي لامع.
في الثقافة اليابانية، تعبر الأحذية عن كل ما هو حقير ومدنس، ولا يُسمح بدخول المنازل بأحذية الشارع.
إذ علق دبلوماسي ياباني على الواقعة: "لا توجد ثقافة في العالم تسمح بوضع الأحذية على الطاولة. لا نعتقد أنها مزحة، لقد تعرضنا للإهانة".
وجاء رد وزارة الخارجية الإسرائيلية بأنها لم تتدخل في الموافقة على نوعية الطعام أو طريقة تقديمه، وأكدت على أنها تحترم رئيس الوزراء الياباني آبي أشد درجات الاحترام والتقدير.
التستر في جنوب السودان
عقب عقود من اتباع النهج السلمي، وقعت اليابان عام 1992 على قانون لحفظ السلام يسمح لها بالمشاركة في بعثات الأمم المتحدة. نص القانون على عدم انتشار قوات حفظ السلام اليابانية إلا عقب وقف إطلاق النار، وعدم استخدام القوات اليابانية أسلحتها إلا للدفاع عن النفس.
وعلى هذا الأساس، أرسلت اليابان 350 فرداً من قواتها إلى جنوب السودان عام 2011، العام الذي نال جنوب السودان فيه استقلاله عن السودان.
اندلعت أعمال القتال في عدة مناسبات داخل جنوب السودان منذ استقلاله، لكنها تصاعدت بشكل كبير في يوليو/تموز 2016 داخل العاصمة جوبا.
في ذلك الوقت، أرسلت القوات اليابانية تقارير إلى طوكيو تفيد بوجود معارك نشطة، مما يخالف قوانين حفظ السلام.
زعمت وزارة الدفاع اليابانية في البداية ضياع تلك التقارير، لكن ظهرت المعلومات مرة أخرى في أوائل عام 2017 عقب طلب الاطلاع عليها بموجب قانون الكشف عن المعلومات.
أدت الفضيحة إلى استقالة وزير الوزراء الياباني وقتئذ، وأوشكت على إسقاط حكومة آبي، إذ لم يشعر كثير من اليابانيين بالارتياح تجاه دور اليابان في جنوب السودان.
لاحقاً، أعلن آبي انسحاب اليابان من البلد الإفريقي، الأمر الذي وصفه البعض بمحاولة تدارك التداعيات السياسية للفضيحة.