أصبح البحر المتوسط، الذي وصفته المنظمة الدولية للهجرة يوماً بـ"الحدود الأكثر دموية في العالم"، ملاذاً جديداً للمهاجرين المصريين ممن يحاولون الوصول إلى أوروبا.
وتبيّن الأرقام الجديدة المتتبعة لموجات الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط أن المصريين يتصدرون هذا العام قائمة الجنسيات الأكثر عبوراً نحو الشواطئ الأوروبية.
يأتي هذا التطوّر على الرغم من تلقّي مصر لمنحٍ بالملايين من الاتحاد الأوروبي في السنين الخمس الأخيرة، بهدفِ ضبط الحدود ومعالجة أسباب الهجرة غير الشرعية.
المصريّون يتصدّرون هجرات المتوسط
شكّل حاملو الجنسية المصرية نسبة 18.2% من الواصلين إلى شواطئ إيطاليا عبر البحر في الأشهر الخمسة الأولى من 2022، ولا يسبقهم في ذلك إلا البنغاليين الذين بلغت نسبتهم 18.6%.
وشهدت نسبة المهاجرين المصريين عبر طرق البحر المتوسط ارتفاعاً ملحوظاً في العامين الأخيرين.
فقد احتلّت الجنسية المصرية المرتبة الثانية أيضاً ضمن عدد الواصلين لليونان وإيطاليا بين يناير/كانون الثاني 2021 إلى 30 مايو/أيار 2022.
إذ بلغت نسبة المصريين 12.7% من مجموع الجنسيات (12197 مهاجراً مصرياً)، بينما جاءت تونس في المرتبة الأولى (18.7%).
القبلة شواطئ إيطاليا
في 2021، لاحظت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) ارتفاع عدد المصريين الواصلين لأوروبا عبر الطريق الأوسط للبحر المتوسط بـ7 أضعاف العدد عن العام الذي سبقه.
ومع تتبعنا للأرقام الدورية التي تنشرها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين المستندة إلى أرقام وزارة الداخلية الإيطالية الرسمية وتقديرات المفوضية، يتبيّن أن نسبة المصريين الواصلين إلى إيطاليا عبر البحر بدأت بالارتفاع منذ شهر يونيو/حزيران 2021، ولكنها أظهرت ارتفاعاً بارزاً في 2022 على وجهٍ خاص.
حوالي 3543 مهاجراً مصرياً وصل إلى شواطئ إيطاليا في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام (ما بين 21 ديسمبر/كانون الأول 2021 إلى 22 مايو/أيار 2022).
بمقابل 916 مهاجراً مصرياً في الفترة نفسها من العام السابق (20 ديسمبر/كانون الأول 2020 إلى 21 مايو/أيار 2021)، أي إن الرقم تضاعف حوالي 4 مرات في العام الجاري.
وسجّلت الفترة نفسها من عام 2020 وصول 99 مهاجراً مصرياً إلى شواطئ إيطاليا (19 ديسمبر/كانون الأول 2019 إلى 20 مايو/أيار 2020).
الاتحاد الأوروبي يتحرّك لضبط الحدود
من المقرر أن يتلقّى خفر السواحل المصري 80 مليون يورو من المفوضية الأوروبية لمنع الناس من ركوب القوارب باتجاه إيطاليا، وذلك وفقاً لما نقلته صحيفة "إي يو أوبزرفر" الأوروبية عن ورقة داخلية من المفوضية.
وفي التفاصيل فإن الدفعة الأولى ستُمنح خلال الأشهر الـ18 المقبلة بمبلغ يصل إلى 23 مليون يورو لتوفير معدّات مراقبة الحدود البحرية، على أن تأتي الملايين الـ57 الأخرى لاحقاً وفقاً للاحتياجات.
وتطالب الوثيقة بتحقيق تعاونٍ عاجل بين مصر وليبيا وغيرها في ضوء "الارتفاع المهول" في عدد الوافدين غير النظاميين من مصر إلى دول الاتحاد الأوروبي (إيطاليا).
لكن تُحذّر صحيفة "إي يو أوبزرفر" مما وصفته بـ"الغموض اللغوي" الذي جاءت به صياغة الصفقة؛ لأن ذلك يعني ترك الأمر للسلطات المصرية لتقرير كيفية استخدام "المعدات" الجديدة، ما يطرح أسئلة عن احتمال استخدامها في قمع الأصوات المعارضة أيضاً.
منح سابقة بالملايين لمكافحة الهجرة
في 2017، قرر الاتحاد الأوروبي صرف 60 مليون يورو لمصر على هيئة منحٍ مخصصة لتعزيز الاستجابة لتحديات الهجرة في البلد.
يولي الاتحاد الأوروبي أهمية خاصة لمصر عند تشكيل سياسات الهجرة والتعامل مع موجات اللجوء، وذلك باعتبار أن مصر بلد منشأ وعبور ووجهة للهجرة أيضاً، ولأنها البلد العربي الأكثر اكتظاظاً بالسكان.
كما جرى تخصيص 31 مليون يورو أخرى لمصر من قبل الصندوق الائتماني الأوروبي للطّوارئ من أجل إفريقيا، وذلك ضمن توجهات الصندوق لإرساء الاستقرار ومعالجة الأسباب العميقة للهجرة غير النظامية في البلدان المُصدّرة للمهاجرين.