يعاني الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من الإرهاق النفسي والجسدي، في الوقت الذي تنتظره فيه ولاية رئاسية ثانية في دولة تشهد انقسامات متزايدة وفقدان أغلبيته البرلمانية، وفق ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية، الإثنين 4 يوليو/تموز 2022.
الصحيفة قالت إن التكهنات تتزايد بأنَّ ماكرون البالغ من العمر 44 عاماً، يشعر بالتعب والاكتئاب. وتتعلق آماله بتعديل وزاري يهدف إلى استعادة زمام المبادرة بعد الأداء الضعيف لائتلافه الوسطي في الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي.
إيمانويل ماكرون "مذهول ويعاني"
تقول وسائل الإعلام الفرنسية إنَّ ماكرون، الذي كان فيما مضى الفتى الذهبي للسياسة الأوروبية، ضلَّ طريقه منذ إعادة انتخابه في أبريل/نيسان الماضي.
حيث قالت صحيفة Le Monde إنَّ أصدقاء إيمانويل ماكرون يصفونه بأنه "مذهول ويعاني من انغلاق عقلي وتشوش ذهني".
حسب الصحيفة البريطانية، فإنه يعتقد أنَّ الحماسة الإصلاحية التي ظهرت خلال فترة ولايته الأولى يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات مدنية في المناخ الحالي، وإنه غير متأكد من كيفية محاربة أزمة تكلفة المعيشة دون تفاقم الدَّيْن العام، الذي يبلغ 2.9 تريليون يورو (3 تريليونات دولار أمريكي).
كما يبدو أنَّ ماكرون، الذي اشتهر لفترة طويلة بقدرته على أداء مهامه بثلاث ساعات من النوم فقط، يعاني من "الإرهاق الجسدي" أو "الإرهاق النفسي"، وفقاً لمجلة L'Obs ذات الميول اليسارية.
بينما قالت Le Point، الصحيفة الأسبوعية اليمينية، إنه فقد "طاقته وأعصابه ووضوحه"، وأشارت إلى أنه أصيب بـ"كآبة ما بعد الانتخابات".
العودة إلى أرض الواقع
بدا إيمانويل ماكرون، الذي أصبح أصغر رئيس دولة في فرنسا منذ نابليون بونابرت عندما فاز بالرئاسة في عام 2017، في وضع جيد للهيمنة على الاتحاد الأوروبي بعد حصوله على خمس سنوات أخرى في السلطة.
مع ذلك، أعادته الانتخابات البرلمانية اللاحقة إلى أرض الواقع؛ حيث خسر ائتلافه الوسطي أغلبيته العامة لصالح الأصوات المتأرجحة نحو التجمع الوطني اليميني الشعبوي بقيادة مارين لوبان وتحالف نوبيز اليساري.
فقد ثلاثة وزراء مقاعدهم في الانتخابات وسيتعين استبدالهم في تعديل وزاري متوقع اليوم الإثنين، 4 يوليو/تموز، أو غداً، ومن بينهم بريجيت بورغينيون المسؤولة عن الصحة، وهي وظيفة مهمة في ظل ارتفاع حالات "كوفيد-19".
إذ سيتعين أيضاً استبدال يائيل براون بيفيه، وزير الأقاليم الخارجية، بعد اختياره رئيساً للجمعية الوطنية في انتكاسة أخرى لماكرون، الذي كان يدعم مرشحاً آخر.
كما أنه قد يُجبَر داميان آباد، وزير المعاقين، على الخروج بعد بدء تحقيق في مزاعم اغتصابه سياسية من الوسط، وهو ما ينفيه.
لجوء الرئيس الفرنسي لليمين
هناك دعوات لحثّ إيمانويل ماكرون على استخدام التعديل الوزاري للتواصل مع النواب الجمهوريين من يمين الوسط الذين يحتاج إلى دعمهم لتمرير أي تشريع.
يقول حلفاء ماكرون إنه يبدو غير متأكد إلى أي مدى يجب أن يميل نحو اليمين للحصول على الأغلبية. صرح أحد الوزراء لصحيفة Le Monde: "إنه يكافح لتحديد ما ستكون عليه المغامرة الجديدة".
قارنت الصحيفة الفرنسية بين ماكرون وبلويز فيليب، الذي تميز عهده من 1830 إلى 1848 بمحاولة عبثية للتوفيق بين الجمهوريين والملكيين، مضيفة أنَّ "تردد ماكرون صار يُضرَب به المثل".
عقب لقاء مع الرئيس إيمانويل ماكرون لمناقشة كيفية الخروج من المأزق، قالت مارين لوبان، زعيمة التجمع الوطني: "لديَّ انطباع بأنه لا يعرف إلى أين يريد أن يذهب".