يخضع كثير من الصحفيين والمحامين لحماية أمنية في هولندا بعد أن شهدت البلاد جرائم قتل بحق عدد منهم، في الوقت الذي تكافح فيه السلطات كي لا يتحول البلد الأوروبي إلى "دولة مخدرات".
الحكومة الهولندية رصدت ميزانية ضخمة وخططاً إدارية وأمنية لمواجهة الجريمة المنظمة، التي يخشى السياسيون أنها "تقوِّض" النظام العام بصورةٍ متزايدة، بحسب ما قالت صحيفة The Guardian البريطانية الأحد 3 يوليو/تموز 2022.
جاء ذلك بعد أن حذر رؤساء بلديات أمستردام وروتردام من "ثقافة الجريمة والعنف التي تكتسب تدريجياً سمات إيطالية"، مع كميات قياسية من المخدرات التي اعتُرِضَ طريقها في ميناء روتردام، وغسيل الأموال الذي يُقدَّر من 15 إلى 30 مليار يورو سنوياً في ممتلكات و"مقاهي قنب" وسياحة وحانات.
تشير المزاعم إلى أن البلاد، المعروفة بتسامحها واقتصادها المالي، أصبحت ذات خصائص "دولة مخدرات".
من جانبها، قالت وزيرة العدل الهولندي ديلان يشيلغوز في البرلمان: "لن نحصل أبداً على نفس القدر من المال مثل المجرمين الذين يواجهوننا، ولكن لم يكن هناك من قبل هذا القدر من المال الهيكلي للتصدي لهم، سواء عن طريق الوقاية منهم أو تعطيل طرق الكسب الخاصة بهم، ومعاقبة الأشخاص وحماية من هم في الخطوط الأمامية".
خطة حكومية لمواجهة الكارثة
يأتي ذلك بعد أن أعلنت الحكومة الهولندية عن تعاون دولي جديد ضد المجرمين الذين يشحنون الكوكايين من أمريكا الجنوبية عبر موانئ روتردام وأنتويرب القريبة في بلجيكا".
يريد السياسيون أيضاً التدقيق في الأعمال التجارية "الميسرة"، وتوسيع مخططات الشهود، والتعمق في الهياكل المالية الغامضة، وتقديم خيارات أفضل للشباب الأكثر عرضة لتناول المخدرات في 16 حياً.
قال بول فوغتس، مراسل الجرائم بصحيفة Het Parool في أمستردام، الذي قضى ستة أشهر تحت حماية الشرطة بعد تلقيه تهديدات بالقتل، إن الوقت قد حان لاتخاذ إجراء.
أضاف قائلاً: "لقد قُتِلَ مدوِّن جريمة، وشقيق بريء لأحد الشهود (ضد زعيم عصابة مخدرات مزعومة)، ثم محامي الشاهد ديرك ويرسوم، وفي الصيف الماضي زميلي بيتر دي فريس.. ليس لدينا مافيا مثل إيطاليا، لكن هذا النوع من العنف يشبه المافيا. إنه مرعب".
يوافقه هانز نلين، أستاذ علم الجريمة في جامعة ماستريخت، في الرأي، قائلاً: "دعونا نواجه الأمر، عندما قتل الصحفي الشهير بيتر دي فريس، نتج عن ذلك صدمة. من الناحية السياسية، فقد برز أمامنا دليل تجريبي على أن الفساد قد لوث النظام على نحوٍ دائم".
في روتردام، تقوم الشركات بتدريب 2800 موظف لمكافحة الفساد. ويشير باس جانسن، المدير الإداري لاتحاد Deltalinqs للموانئ، إلى أن شركات الجمارك والشرطة والأمن متورطة أحياناً في جمع الكوكايين من الحاويات.
يضيف: "يطرق عمدة روتردام الباب ويقول إنها قضية ملحة، لكن علينا أن نفعل ذلك معاً. تعمل الشركات داخل الموانئ في بيئة تنافسية للغاية، وهذا يكلف الكثير من المال، لذلك نحن بحاجة إلى نهج يجمع شمال وغرب أوروبا".
وبينما أُطلق على العصابات الإجرامية الهولندية اسم "المافيا المغربية"، إلا أن الأقليات العرقية غير ممثلة بشكل مفرط في الاشتباه في ارتكاب جرائم، حيث يقول باحثو مكتب الإحصاء الهولندي إن الخلفية العرقية أقل أهمية من العمر والتعليم والاقتصاد الاجتماعي.
يعتقد البعض أنه من أجل معالجة التجنيد الإجرامي في صفوف العصابات، يحتاج الهولنديون إلى معالجة التمييز العنصري في نظام المزايا وسوق الوظائف، بالإضافة إلى النظام المدرسي الذي يوجد فيه تمثيل غير متكافئ للأطفال من الفئات الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة وأولئك الذين لديهم خلفية غير غربية.