عبّر الاتحاد العام التونسي للشغل، الخميس 23 يونيو/حزيران 2022، عن رفضه للإصلاحات التي يريدها صندوق النقد الدولي لمنح البلاد قرضاً جديداً؛ في غياب "حكومة نابعة من مؤسسات وانتخابات" تملك "شرعية" فتح نقاش كهذا، فيما حذَّرت أحزاب معارضة في البلاد من خطر الاستجابة لشروط صندوق النقد الدولي.
الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، قال غداة إعلان صندوق النقد الدولي عن "استعداده" لإطلاق مفاوضات مع تونس قريباً، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية: "نرفض شروط صندوق النقد الدولي، في ظل ضعف الأجور وضعف الإمكانيات وارتفاع نسبة الفقر والبطالة".
وأجرت تونس مناقشات أولية مع المؤسسة الدولية للحصول على قرض جديد لإنقاذ اقتصادها الذي تعصف به بطالة مرتفعة (16.1%) وتضخّم (في حدود 7.8%) ودين عام كبير.
ومن شأن رفض الاتحاد أن يعقّد الأمور ويزيد من الضغط على الرئيس قيس سعيّد، الذي يستعد لاستفتاء شعبي من أجل تعديل دستور 2014، وسط مناخ سياسي متوتر.
فيما طلبت تونس قرضاً بقيمة 4 مليارات يورو من الصندوق في مقابل القيام بإصلاحات، لكن يقدّر مراقبون أنها لن تتمكن من الحصول على أكثر من ملياري يورو.
الطبوبي أضاف في تصريحات للصحفيين: "أقولها بكل وضوح، الحكومة الحالية معيَّنة بمرسوم بصفة مؤقتة، حين يكون هناك حكومة نابعة من مؤسسات وانتخابات، سيكون لها شرعية فتح النقاش في الإصلاحات"، وتابع المسؤول التونسي: "نحن ضد الخيارات المؤلمة والموجعة التي يتحدثون عنها، نحن مع الإصلاح، ولكن ليست لنا النظرة نفسها حول الإصلاح مع الحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة".
من جانبه أكد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني، في حوار لإذاعة مونت كارلو الدولية، أن شروط صندوق النقد الدولي لن تزيد الوضع في تونس إلا تأزماً سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، في إشارة إلى ما جاء في بيان الصندوق من كون تونس تحتاج إلى التصدي "على نحو عاجل للاختلالات في ماليتها العامة من خلال زيادة العدالة الضريبية" بما يشمل "إحلال التحويلات الموجّهة إلى الفقراء محل نظام الدعم المعمّم، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي"، علماً أن خطة الإصلاح الحكومية تتضمن أيضاً تجميد فاتورة رواتب القطاع العام، وفرض بعض التخفيضات في الدعم، وإعادة هيكلة شركات عامة.
مفاوضات لدعم تونس
وتأتي ردود الفعل هذه بعد أن أعلن صندوق النقد الدولي، الأربعاء، أنه "على استعداد لأن يبدأ خلال الأسابيع المقبلة مفاوضات حول برنامج" لدعم تونس بشرط تنفيذها إصلاحات.
إذ قال الصندوق في بيان، إن هذا القرار اتُّخذ "عقب سلسلة من المناقشات الفنية مع السلطات التونسية استمرت عدة شهور".
تتضمَّن خطة الإصلاح الحكومية تجميد فاتورة رواتب القطاع العام، ومراجعة سياسة دعم بعض المواد الأساسية، وإعادة هيكلة شركات عامة تمر بوضع مالي صعب.
ودعم الاتحاد قرارات سعيّد في 25 يوليو/تمّوز الماضي، لكنه رفض المشاركة في حوار وطني أقره سعيّد من أجل تعديل الدستور.
وبدأ مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، جهاد أزعور، مطلع الأسبوع الحالي، زيارة لتونس التقى خلالها الرئيس قيس سعيّد ورئيسة الحكومة نجلاء بودن.
فيما أعلنت مجموعة من الوزراء أن الحكومة ستشرع في مراجعة سياسة الدعم لبعض المواد الأساسية.
وفي حال موافقة صندوق النقد الدولي على التمويل الجديد، فإن ذلك يمثل إشارة جيّدة للمانحين الدوليين ويعطي تونس سنداً قوياً للخروج للأسواق الدولية وطلب قروض أخرى من مانحين آخرين.
وبعد أشهر من الانسداد السياسي، أعلن سعيّد الذي انتُخب في نهاية 2019، تولّي كامل السلطات التنفيذية والتشريعية في 25 يوليو/تموز، وأقال رئيس الوزراء وعلّق نشاط البرلمان قبل أن يحلّه في مارس/آذار.
كذلك، يواجه الرئيس التونسي معارضة شديدة من القضاة الذين ينفذون إضراباً في كل المحاكم التونسية للأسبوع الثالث توالياً؛ تنديداً بقرار سعيّد عزل 57 قاضياً.
وتجمَّع العشرات، الخميس، أمام قصر العدالة بالعاصمة تونس ورددوا شعارات من قبيل "لا لتركيع القضاء".