تعمل الحكومة الهندية القومية "الهندوسية" على حذف أي إشارات إلى الحكم الإسلامي من المناهج الدراسية، وكذلك حذف كل ما يمتُّ بِصلة إلى المسلمين الذين حكموا البلاد قروناً طويلة، حسبما كشف أحد التحقيقات في هذا السياق.
وقال التحقيق إن هذه الخطوة تأتي ضمن جهد واضح للتقليل من إنجازات الحكام المسلمين، حسب ما نقلته صحيفة The Times البريطانية، الثلاثاء 21 يونيو/حزيران 2022.
وفي إطار المراجعة الثالثة للمناهج والكتب الدراسية على مدار خمس سنوات، حذفت السلطات الهندية الفصول التي تسرد تفاصيل الأسر الحاكمة المغولية، فضلاً عن إزالة كل ما يشير إلى حكم السلاطين الأُوَل وصعود الإسلام في الهند.
وتُشرف هيئة حكومية على هذه التغييرات لتعكس خطاب "مناهضة الإسلام" الذي تردده حكومة حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، الذي اشتكى من أن المؤرخين لطالما مجَّدوا "الغزاة" والمغول على حساب الحضارات الهندوسية القديمة التي سبقتهم.
بينما أشار مدير المجلس الوطني للبحوث التربوية والتدريب في الهند، دينيش ساكلاني، إلى أنهم يعملون على ذلك "باحترافيةٍ شديدة وبمساعدة خبراء خارجيين"، حسب صحيفة "ذا إنديان إكسبريس" الهندية.
دوافع أيديولوجية
من جانب آخر، حاولت السلطات في الهند ربط هذه التغيبرات بما وصفه المجلس الوطني للبحوث التربوية والتدريب بـ"ترشيد" الكتب الدراسية بهدف "تخفيف أعباء المناهج الضخمة عن كاهل الطلاب".
لكن انتقاء بعض الفصول المعينة من مناهج التاريخ يشير إلى "تعمُّد" تغييب آثار الحكم الإسلامي للهند الذي امتد طيلة 8 قرون، مما يُشير إلى أن التغييرات تحمل دافعاً أيديولوجياً.
ونقلت صحيفة The Indian Express الهندية أن دروس الاضطهاد على أساس الطبقة الاجتماعية أو النوع، وحركات الاحتجاج السياسي، وفترات الاضطرابات قد حُذِفت من المناهج أيضاً.
ودققت الصحيفة الهندية في 21 كتاباً دراسياً حالياً عن التاريخ، والعلوم السياسية، وعلم الاجتماع لطلاب المدرسة الثانوية الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً (أي من الصف السادس وحتى الصف الـ12 في النظام الهندي).
ثم قارنت الصحيفة تلك النتائج بمقترحات المراجعة التي قدمها المجلس الوطني للبحوث التربوية والتدريب.
وتجلت أوضح التغييرات في ما يرتبط بالحكام المسلمين وإنجازاتهم، إذ جرى حذف عدة صفحات عن سلطنة دلهي من أحد كتب الصف السابع. ويُذكر أن هذه السلطنة حكمت البلاد بين عامي 1206 و1526، وضمت عدة أسر حاكمة مثل المماليك، والتغلق، والخلجيون، واللودهيون.
كما جرى حذف الفصل المرتبط بالمغول أيضاً، حيث كان يتضمن جدولاً على صفحتين يسرد أهم الأحداث والإنجازات التي حققها أباطرةٌ مثل بابر، وهمايون، وأكبر، وجهانكير، وشاه جهان، وأورنجزيب.
حذف فصول الحضارة الإسلامية
وشهد كتاب التاريخ الخاص بالصف الـ11 حذف فصلٍ يتحدث عن صعود الإسلام من مصر إلى أفغانستان، والحضارة الإسلامية بين عامي 600 و1200 بعد الميلاد، بحسب الصحيفة.
وقد نسب العديد من المؤرخين الفضل إلى المغول في إنشاء ثقافةٍ غنية داخل الهند، لتضم معالم أثرية مثل تاج محل والحصن الأحمر في دلهي، لكن المغول سقطوا عن العرش على يد البريطانيين بعد تمرد الهند عام 1857.
يُذكر أن الأسر الحاكمة المغولية حكمت غالبية أرجاء الهند منذ مطلع القرن الـ16 وحتى منتصف القرن الـ19، بينما وصل الإسلام إلى ما كان يُعرف ببلاد السند (باكستان والهند) منذ عهد الأمويين، وحكم المسلمون تلك البلاد طيلة 8 قرون.
وتمتعت الهند تاريخياً بمناهج تعليمية علمانية، لكن حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، مُتّهمٌ بإثارة المشاعر المعادية للإسلام في السنوات الأخيرة، كما أعرب بوضوح عن رؤيته بأن التاريخ الهندي شهد عصر "مجده" قبل الحكم الإسلامي.
أما وزير الداخلية أميت شاه، مطلع يونيو/حزيران الجاري، فيرى أن المغول "مُنِحوا الأفضلية على حساب الأسر والإمبراطوريات الحاكمة القديمة" مثل بانديا، وتشولا، والماوريا، وجوبتا، وأهوم.
بينما قال دينيش ساكلاني، مدير المجلس الوطني للبحوث التربوية والتدريب، في حديثه إلى الصحيفة الهندية: "اتخذنا هذا الإجراء باحترافيةٍ شديدة وبمساعدة خبراء خارجيين".
وأضاف أنه قد جرى اتخاذ إجراءٍ مماثل لتخفيف أعباء المناهج الدراسية في الرياضيات والعلوم أيضاً.