بدأت شركات إسبانية عملاقة إثارة المخاوف من تداعيات ملموسة وكبيرة على مصالحها في الجزائر؛ بسبب قرار الأخيرة تعليق معاهدة الصداقة التي تجمعها بإسبانيا منذ 20 عاماً، نتيجة دعم مدريد لخطة المغرب فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية.
موقع Africa Intelligence الفرنسي قال، الثلاثاء 21 يونيو/حزيران 2022، نقلاً عن مصادر خاصة، إنه من شبه المؤكد أن تطال الخطوات الانتقامية التجارية والاقتصادية عملاق خدمات النفط الإسباني شركة Técnicas Reunidas (تكنيكاس ريونيداس) أولاً.
خسارة كبيرة تنتظر الشركة الإسبانية
كانت الشركة، التي يقع مقرها في مدريد، قد أبرمت، في يناير/كانون الثاني 2020، اتفاقاً مع شركة "سوناطراك" الجزائرية كان يمثل العقد الأكبر الذي تحصل عليه شركة إسبانية في الجزائر.
فيما كان من المقرر أن تبني شركة تكنيكاس ريونيداس مع شريكتها الكورية الجنوبية شركة Samsung Engineering (سامسونغ الهندسية)، مصفاة تكرير نفط جديدة في مدينة حاسي مسعود.
حيث علَّق المدير العام لشركة سوناطراك، توفيق حكار، المشروع بطلبٍ من الحكومة، تفادياً لخطر التقدم بطلب للتحكيم ضد الشركة الجزائرية في حال إلغاء المشروع.
من شأن هذا أن يجعل من تكنيكاس ريونيداس أول شركة إسبانية تتحمَّل وطأة السياسة الخارجية لمدريد، والمنعطف الذي اتخذته لصالح الموقف المغربي بشأن الصحراء الغربية.
بينما لم تخطر سوناطراك شريكتها الإسبانية حتى الآن، ولا تزال هذه الأخيرة تأمل التمكُّن من تسوية الأمور. كما لم ترد شركة تكنيكاس ريونيداس على طلبنا للحصول على معلومات.
الجزائر دعمت المشروع في البداية
ينص هذا العقد، البالغة قيمته 3.7 مليار دولار، والذي قدَّمته سوناطراك على إنشاء مصفاة تكرير بطاقة 5 ملايين طن سنوياً، من المنتظر أن تلعب دوراً بالغ الأهمية في مساعدة الجزائر على تقليص اعتمادها على المنتجات البترولية المستوردة.
كانت حصة شركة تكنيكاس ريونيداس في العقد والمخصصات الاحتياطية لها في أول الأمر تزيد قليلاً عن ملياريْ دولار، لكنَّ هذه الحصة زادت إلى قرابة 3 مليارات دولار بعدما تراجع شريكها الكوري عن المشروع.
كما كانت شركة تكنيكاس ريونيداس ذات الموقف المالي الضعيف، والتي تراجع سعر سهمها في بورصة مدريد على مدار السنوات الخمس الماضية، تعتمد بشدة على هذا العقد.
السلطات الجزائرية كانت قد قدَّمت اتفاق سوناطراك الضخم وقت توقيعه باعتباره مشروعاً كبيراً لإمداد جنوب ووسط البلاد بالمنتجات البترولية، وتمكين البلاد من الاكتفاء ذاتياً في حال اعترضت أية عراقيل العمل في موانئها ومصافيها المطلة على ساحل البحر المتوسط (الجزائر وسكيكدة وأرزيو).
خسارة سوناطراك الجزائرية
جرى إطلاق مشروع المصفاة مباشرةً قبل تفشي جائحة كوفيد 19، وكان من المقرر بدء الإنتاج فيها عام 2024، لكنَّ المشروع متخلف عن الجدول كثيراً في الوقت الراهن.
مع ذلك، نفهم أنَّ سوناطراك ستتكبَّد بالفعل خسارة صافية تبلغ 200 مليون دولار في حال إلغاء المشروع، ناهيكم عن أية تعويضات قد تطالب بها تكنيكاس ريونيداس، وفق ما ذكره الموقع الفرنسي.
فقد كانت الشركة الإسبانية فازت بعقد مصفاة حاسي مسعود بعد منافسة مع شركات Hyundai وTecnimont وPetrofac، التي كانت متحالفة مع شركة GS الكورية.
بالإضافة إلى ذلك، قد لا تتمكن تكنيكاس ريونيداس، كونها شركة إسبانية، من التقدُّم للمشاركة في مناقصات جديدة في الجزائر، وبالتالي منعها من المشاركة في المشروعات التي تطرحها سوناطراك، مثل مشروع محطة البولي بروبيلين، الذي تُقدَّر قيمته بمليار دولار، بالشراكة مع شركة TotalEnergies (توتال للطاقة)، والذي تُعَد الشركة الإسبانية مُرشَّحة للمشاركة فيه.