قدّمت الحكومة الهولندية اعتذارها لمئات الجنود السابقين، الذين أرسلوا إلى سربرنيتسا خلال حرب البوسنة. وقال رئيس الوزراء مارك روته، السبت 18 يونيو/حزيران 2022، إن القوات لم تكن مجهّزة لوقف مجزرة سربرنيتسا، وطُلب منها أن تؤدي "عملاً مستحيلاً".
إذ قتل نحو 8 آلاف مسلم في يوليو/تموز عام 1995، خلال حرب البوسنة في سربرنيتسا، بعد أن فرضت القوات الصربية سيطرتها على الوحدات الهولندية، التي أدينت بالمسؤولية في مقتل نحو 300 شخص بعد انسحابهم تاركين المجال للقوات الصربية للاستفراد بالمدنيين المسلمين.
تورط هولندا في "مجزرة سربرنيتسا"
كانت الحكومات الهولندية السابقة قد أصرّت على أن مسؤولية ما وقع في مجزرة سربرنيتسا تقع على عاتق الأمم المتحدة، بسبب فشلها في توفير الدعم الجوي، وفق ما ذكره موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" الأحد 19 يونيو/حزيران.
لكنّ روته في حديثه إلى قدامى المحاربين في قاعدة عسكرية في وسط هولندا، السبت، أقرّ بأن قوات حفظ السلام الهولندية عانت.
كما قال مخاطباً الجنود: "تفويضكم ومعداتكم والدعم العسكري الذي تلقيتموه خلال مهمتكم كان كله غير كاف"، للقيام بمهمّة "ثبت في النهاية استحالة تنفيذها".
تابع روته قائلاً: "اليوم أعتذر بالنيابة عن الحكومة الهولندية، لجميع نساء ورجال داتشبات 3 (الكتيبة الهولندية في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة)".
أضاف المسؤول الهولندي: "مع أكبر قدر ممكن من التقدير والاحترام للطريقة التي استمر بها داتشبات 3 في محاولة القيام بالصواب، في ظلّ ظروف صعبة للغاية حتى حين لم يعد ذلك ممكناً فعلاً".
إلى جانب الاعتذار الرسمي، منحت وزيرة الدفاع كايسا أولونغرن، الجنود المشاركين في بعثة سربرينيكا ميدالية شرف برونزية.
انسحاب القوات الهولندية أمام الصرب
في يوليو/تموز 1995، خلال حملة إبادة جماعية شنتها قوات صرب البوسنة، فرّ آلاف المسلمين إلى منطقة آمنة تابعة للأمم المتحدة في سربرنيتسا. وكانوا تحت حماية القوات الهولندية المجهزة بمعدات خفيفة، فاقتها القوات الصربية.
بعد تأمين استسلام القوات الهولندية قامت القوات الصربية البوسنية بقيادة الجنرال راتكو ملاديتش، بإبعاد الرجال والفتية واقتيادهم إلى ما قالوا إنه "استجواب".
على مدى الأيام الخمسة التالية أُعدم الرجال ودفنوا في مقابر جماعية من قبل قوات ملاديتش. ونفت صربيا دائماً أن تكون عمليات القتل جزءاً من حملة إبادة جماعية، لكنها تقرّ بأن مجزرة سربرنيتسا كانت جريمة.
يأتي اعتذار روته بعد عام على صدور تقرير قدم سلسلة من التوصيات، حول كيفية دعم 850 جندياً من داتشبات 3، الذين عانى الكثير منهم من اضطراب ما بعد الصدمة بعد التجارب التي عاشوها في الحرب.
في عام 2019 قضت المحكمة العليا الهولندية بأن هولندا مسؤولة جزئياً عن مقتل حوالي 350 رجلاً في المذبحة، وحكمت بأن الرجال أبعدوا عن قاعدة هولندية، رغم معرفة أنهم "معرضون لخطر الإساءة والقتل"، من قبل قوات صرب البوسنة.
يُذكر أن الحكومة الهولندية كانت استقالت عام 2002، بعد اعترافها بالتقاعس عن حماية اللاجئين، إلا أنها قالت إن قوات حفظ السلام قليلة العدد ضعيفة التسليح كانت في "مهمة مستحيلة".
غضب الضحايا من قرار المحكمة
رغم الحكم القضائي بمسؤولية أمستردام وتأكيده في الاستئناف، فإن المحكمة العليا الهولندية خفّضت، في يوليو/تموز 2019، نسبة مسؤولية الجنود الهولنديين في مجزرة سربرنيتسا من 30% إلى 10%، وخفّضت بالتبعية مقدار التعويضات التي أُلزِمت هولندا بدفعها لأسر الضحايا.
من جهتها اعترضت جمعية أمهات سربرنيتشا لدى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، على قرار القضاء الهولندي، وقالت رئيسة الجمعية منيرة سوباسيتش، في يناير/كانون الثاني 2021، إن أمهات ضحايا مجزرة سربرنيتسا "غير راضين عن قرار المحكمة العليا الهولندية".
وشددت على أن الجنود الهولنديين العاملين ضمن القوات الأممية "سلّموا المدنيين البوسنيين للقتلة".
فيما أشارت إلى أهمية اعتبار المحكمة العليا في هولندا القوات الهولندية مسؤولة بشكل جزئي عن المجزرة، لافتة إلى أن الجمعية تطالب برفع نسبة مسؤولية الهولنديين في المجزرة.