اكتشف علماء آثار ألمان وأكراد في إقليم كوردستان، مدينة قديمة بُنيت قبل 3400 عام، إثر جفاف جزء من خزان سد الموصل الذي يعد الأكبر من نوعه في العراق، حسبما صحيفة The Times البريطانية.
وشهدت مساحات واسعة من العراق العام الماضي جفافاً كبيراً، وقد كشف انحسار المياه عن إنشاءات ضخمة بجدران كانت في حالة جيدة، ومئات من القطع الأثرية.
يعتقد علماء الآثار أن المدينة التاريخية التي كشف عنها الجفاف هي مدينة زاخيكو، عاصمة إمبراطورية ميتاني.
واكتُشفت جدران وأبراج، ومبنى تخزين متعدد الطوابق، وألواح مسمارية ملفوفة في مظاريف طينية بالمدينة التي بُنيت قبل 3400 عام.
"شبه معجزة"
تقول إيفانا بولجيز، الأستاذة المساعدة في علم الآثار بجامعة فرايبورغ الألمانية، التي تمول عملية التنقيب، إن المبنى الضخم كانت له أهمية خاصة، لأن كميات هائلة من البضائع كانت تخزن فيه، "وربما كانت تأتي من جميع نواحي المنطقة".
من جانب آخر، يقول بيتر فالزنر، أستاذ علم الآثار في جامعة توبنغن الألمانية، إن بقاء الأواني الخزفية التي تحوي أكثر من 100 لوح مسماري، "شبه معجزة".
ووجد العلماء أن الجدران التي يبلغ ارتفاعها 3 أمتار منذ آلاف السنين، لا تزال قائمة رغم أنها مصنوعة من الطين المجفف في الشمس، ورغم غمرها في مياه نهر دجلة.
بدورها قالت مؤسسة سميثسونيان الأمريكية إن صمود الجدران لسنوات ربما يكون راجعاً إلى أن زلزالاً حوّل أجزاءها العلوية إلى أنقاض، وأصبحت غطاءً وقائياً على مر القرون.
جفاف كاسح
ولفتت المؤسسة إلى أن جفافاً ضرب المنطقة عام 2018 كشف أجزاءً من المدينة الأثرية. واكتشف المنقبون قصراً بجدران بارتفاع 7 أمتار تقريباً و"بقايا لوحات جدارية بدرجات زاهية من اللونين الأحمر والأزرق".
وبعد انحسار المياه، تم تشكيل فريق من الباحثين وعلماء الآثار سريعاً للتنقيب عن الكنز التاريخي قبل ارتفاع مستويات الخزان مرة أخرى، بينما كان أهالي المنطقة على علم بوجود هذه المدينة الأثرية منذ الثمانينيات، حسب "التايمز" البريطانية.
وعرف علماء الآثار في البعثة الأخيرة المزيد عن إمبراطورية "ميتاني" التاريخية التي استمرت من نحو عام 1500 إلى 1350 قبل الميلاد. وقد أسسها الهندو إيرانيون من بلاد ما بين النهرين وسوريا.
وقد امتد حكم إمبراطورية ميتاني من جبال زاغروس في إيران إلى البحر المتوسط.
واندلع قتال بينهم وبين المصريين للسيطرة على سوريا إلى أن تم الاتفاق على هدنة. وسقطت الإمبراطورية في يد الحيثيين، واستولى الآشوريون على المنطقة.
ويأمل علماء الآثار أن يلقي هذا الاكتشاف مزيداً من الضوء على المدينة والحياة اليومية لسكانها. لكنهم في الوقت الحالي، غطوا المنطقة بالقماش المشمع المثبت بالحصى قبل أن تختفي مرة أخرى تحت الماء.