ينتظر اللبنانيون أن تحسم الاتصالات في الساعات المقبلة مصير الجلسة الأولى للبرلمان الجديد المقرّرة الثلاثاء 31 مايو/أيار، لانتخاب رئيسه ونائبه وهيئة مكتبه.
المحسوم في هذه الجلسة حتى الآن هو أن الرئيس نبيه بري سيُعاد انتخابه لولاية جديدة سابعة بلا منازع، فيما تتركّز الاتصالات على حسم من سيتولّى منصب نائب الرئيس وأعضاء هيئة مكتب المجلس، وهي اتصالات تدور في مختلف الاتجاهات والكتل النيابية.
وتشير مصادر "عربي بوست" إلى وصول كل من الرئيس نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى تفاهمات برعاية من حزب الله.
وتجري عملية خلط أوراق في موضوع نائب الرئيس؛ لأنّ المعركة الانتخابية حوله ستفرز فعلياً الأحجام والكتل في المجلس الجديد؛ إذ إنّ هناك مجموعة من الأسماء المطروحة، ولم يتم حسم أي منها بعد.
اتفاق بين بري وباسيل
تشير مصادر برلمانية من قوى 8 آذار لـ"عربي بوست" إلى أنّ الأجواء باتت إيجابية بين بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، عشية جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه.
وتؤكد المصادر أنّ هناك تفاهمات مشتركة رعاها رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا، أفضت إلى نقاط عمل مشتركة تتعلق باستحقاقات قادمة، أهمها ما تمّ بينهما على طريقة التعامل مع جلسة الغد المفصلية.
واعتبرت المصادر ذاتها أنّ كلاً من بري وباسيل وبرعاية حزب الله توصلا لقناعة أساسية مفادها ضرورة مقاربة علاقتهما بواقعية، بعيداً عن السقوف المرتفعة.
وهذه المقاربة البراغماتية يجب أن تُترجم خلال جلسة الغد وما بعدها، وتحديداً موافقة بري، على أن يكون الوزير السابق إلياس بوصعب نائباً له في رئاسة المجلس.
وتشير مصادر حكومية رفيعة لـ"عربي بوست" إلى أنه وعشية الجلسة المرتقبة للبرلمان، هناك توقعات بإصدار لإعلان عن اتفاقات قبيل ساعات من الجلسة، يؤدي إلى تراجع بعض الأطراف الأساسية عن مواقفهم، والوصول إلى تفاهم يحسم نتائج الانتخابات قبل فتح صناديق الاقتراع عند الحادية عشرة قبل ظهر غد، أحدها لانتخاب الرئيس، وثانٍ لنائبه، وثالث لأمينَي السر، ورابع للمفوضين الثلاثة.
ويوضح المصدر أن "الورقة البيضاء" ستشكل العلامة الفارقة في جلسة الغد لأول مرة؛ إذ إن كتلة حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع ستستخدمها في التصويت لرئاسة المجلس، وكذلك الأمر بالنسبة لكتل الكتائب اللبنانية ونواب قوى التغيير وبعض المستقلين.
وهكذا فإنها ستتجاوز حدود 50 صوتاً في عملية انتخاب رئيس المجلس، وقد تكون أيضاً الورقة البيضاء الأكثر قوة في انتخاب نائب الرئيس ما لم يحصل متغيرات في الساعة الأخيرة.
لماذا خضع باسيل؟
تشير مصادر حكومية لـ"عربي بوست" إلى أن الجلسة التي عُقدت بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق بحزب الله الحاج وفيق صفا، والتي امتدت لثلاث ساعات ونصف، تم خلالها نقاش مستفيض حول موضوع انتخاب بري ونائبه بشكل سلس يقطع الطريق على أي طرف سياسي، وتحديداً القوات اللبنانية من الاستفادة من الفراغ والصراع للإتيان بنائب رئيس يدور في فلكها.
وثانياً أن نواباً في التيار قرروا انتخاب بري تماشياً مع فكرة انتخاب الأقوى في طوائفهم، وهذا الأمر كرسه رئيس لبنان ميشال عون وجبران باسيل، وعليهما القبول بتلك الصيغة.
وتشير المصادر إلى أن باسيل توصل مع صفا إلى تفاهم مفاده ألا يمانع بانتخاب بعض نواب تكتله النيابي لبري والسماح لمن يريد ذلك بالاقتراع، لكن دون استخراج موقف علني من التيار يقضي بهذا المسار.
وتؤكد المصادر نفسها أن صفا شرح لباسيل ضرورة الاستفادة من عدم التوافق الحاصل بين القوات اللبنانية من جهة وبين الأحزاب المعارضة ونواب التغيير من جهة أخرى للإتيان بنائب رئيس وهيئة مكتب من خارج هذين الاصطفافين.
بري ومحاصرة باسيل
بالمقابل، فإن المصادر البرلمانية المقربة من قوى 8 آذار، تشير إلى أن بري وافق على إلياس بوصعب نائباً له انطلاقاً من مجموعة عوامل، الأهم استبعاد أي مرشح لحزب القوات اللبنانية من السباق.
والثاني الاستفادة من الانقسامات الحادة في التيار الوطني الحر بين جناح باسيل وجناح آخر يضم بوصعب وبعض النواب كإبراهيم كنعان وآلان عون؛ ما يساعد مستقبلاً في خلق حالة اعتراضية ضمن التيار الوطني الحر.
وتؤكد المصادر أن بري يدرك أن باسيل لم يكن يفضل بوصعب لهذا المنصب ويفضل جورج عطا الله، لكنه أحرج نتيجة تدخلات حزب الله وبعض الحلفاء.
والأهم من ذلك- وفقاً للمصدر- فإن بري يود إظهار التيار الوطني الحر على أنه يعود لمبدأ عقد الصفقات والتسويات، وأن الشعارات التي أطلقها باسيل حول رفضه إعادة التحالف مع بري، كانت شعارات انتخابية وجرى تمزيقها بعد الانتخابات بسرعة فائقة.
سيناريوهات متوقعة
وتقول المصادر إن الأصوات المحسومة بالتصويت لبري حتى الآن، هي كتل: حزب الله وحركة أمل، وتيار المردة، وكتلة الحزب التقدمي الاشتراكي، ونواب المستقبل، وحزب الطاشناق، وجمعية المشاريع ونائب الجماعة الإسلامية عماد الحوت، إضافة إلى عدد من النواب من بينهم جهاد الصمد، وحسن مراد، وجان طالوزيان، وميشال المر، فضلاً عن نواب آخرين لا يزال التواصل جارياً معهم.
بالمقابل، تشير المصادر إلى أن هناك أكثر من سيناريو متوقع: الأول أن بري سيعاد انتخابه لولاية سابعة بأصوات كتلتين شيعية وسُنية ودرزية وبعض المسيحيين، أي أن الحاصل الذي سيناله لن يكون، للمرة الأولى، على المستوى الوطني كما جرت العادة.
والثاني: أن انتخاب نائب لرئيس المجلس سيكون نتاجاً لانتخاب الرئيس، ووفقَ المعادلات نفسها. في هذا الإطار، فإن تصويت خمسة نواب من التيار الوطني الحر سراً لبري سيجعل الوزير السابق إلياس بوصعب الأوفر حظاً لنيل الموقع، وسيحوز عدد الأصوات نفسه الذي سيحصل عليه بري.
مع فارق أن التيار سيصوّت له بدلاً من نواب الحزب التقدمي الاشتراكي الذين لم يحسموا قرارهم حتى الآن بشأن موقع نائب الرئيس، لكنهم على الأغلب لن يصوّتوا لشخصية محسوبة على التيار الوطني الحر.
وترى المصادر أنه في حال تمّ في الساعات المقبلة إيجاد حل مع التيار الوطني الحر، فإن التيار سيؤمّن بعض الأصوات المسيحية لكن في الدورة الثانية لا في الدورة الأولى.