حطَّ مدير الأمن اللبناني اللواء عباس إبراهيم بطائرة خاصة أقلته من بيروت إلى واشنطن، في زيارة خاصة التقى فيها مسؤولين بوكالة الاستخبارات الأمريكية ومستشاري الأمن القومي لمناقشة العديد من الملفات في ظل التحولات الإقليمية والدولية الجارية.
مصادر دبلوماسية غربية رفيعة المستوى أشارت لـ"عربي بوست" إلى أن هذه الزيارة تحمل في طياتها العديد من المؤشرات والرسائل والتي ينقلها إبراهيم عن حزب الله والنظام السوري والذي يعتبر ملتصقاً مباشراً بهذين الطرفين، ويدير إبراهيم وفقاً للمصدر قناة خلفية للحوار بين تلك الأطراف وبين الجهات الدولية والإقليمية.
مدير الأمن اللبناني يحمل رسائل من باسيل
وتشير المصادر المطلعة على جدول زيارة اللواء إبراهيم لواشنطن إلى أن الرجل يسعى لتبريد قنوات التواصل بين حزب الله والإدارة الأمريكية، وتحديداً بعد إجراء الانتخابات النيابية وعدم قيام حزب الله "بتفجير الاستحقاق"، ورؤية حزب الله لمستقبل الواقع السياسي والاقتصادي للبنان في المرحلة المقبلة.
ونقل الحزب عبر إبراهيم رسالة سياسية مفادها: رغبته بالإبقاء على التوازن الحكومي الذي رعته واشنطن وباريس بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بالإضافة لإجراء تعديلات حكومية تتيح مشاركة القوى السياسية الناشئة والتي فازت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وتحدث الرجل مع الإدارة الأمريكية حول ضرورة الضغط على القيادة السعودية برفع الفيتو عن زعيم تيار المستقبل سعد الحريري وإعادته إلى لبنان لدعم المسار السياسي الجديد، والذي سيتُرجم بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ما يعفي الحريري من التزاماته ووعوده ويعيده للمعادلة الحكومية رئيساً لحكومة إنقاذ اقتصادي مدعومة من الأطراف المشاركة في البرلمان. وعليه، التقى إبراهيم بالحريري المتواجد في واشنطن لمناسبة عائلية، وجرى نقاش مستفيض حول مستقبل عودته للبنان في المستقبل القريب دون أن يرشح أي معلومات عما أفضت إليه الجلسة.
رسائل من رئيس الجمهورية..
في إطار منفصل، يشير المصدر الدبلوماسي إلى أن إبراهيم ينقل رسائل من رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، تتضمن موافقة الفريق العوني للقبول بالصيغ الأمريكية المطروحة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بناء على الخط 23 وليس 29 والذي طرحه مبعوث الرئيس الأمريكي لأمن الطاقة آموس هوكشتاين، مقابل الطلب من الإدارة الأمريكية عدم تجديد العقوبات المفروضة على باسيل نهاية شهر أغسطس/آب الأمر الذي سيؤدي لرفع تلقائي للعقوبات وعندها تصبح حظوظ باسيل بالمناورة حول رئاسة الجمهورية أكثر سهولة ودينامية.
وفي هذا الإطار، يقول المحلل السياسي اللبناني منير الربيع إن زيارة إبراهيم لواشنطن تأتي بعد مواقف لرئيس الجمهورية ميشال عون دعا فيها الأمريكيين إلى تفعيل مبادرتهم للوصول إلى الاتفاق الذي يريد الأمريكيون ضمان موافقة حزب الله عليه، ويعتقد الربيع أن هذا الحراك لا ينفصل عن إصرار إسرائيل على البدء بعمليات الحفر والتنقيب في حقل كاريش أو في سواه من الحقول، على الرغم من عدم الوصول إلى اتفاق مع لبنان. وفي حال تم التوصل إلى صيغة أمريكية مُرضية، يمكن إنجاز ملف الترسيم. أما في حال التعثّر فيرتفع منسوب التوتر جنوباً، ويرتبط بتطورات العلاقة الإيرانية-الأمريكية.
ويشير الربيع إلى أنه ثمة من يرى في زيارة اللواء عباس ابراهيم إلى واشنطن، نوعاً من توازن أمريكي مع السعودية في الملف اللبناني. فالرياض تعتبر أنها معنية مباشرة بما يحدث في لبنان ما بعد الانتخابات. وهي تبحث عن موقف أمريكي مؤيد لطروحاتها في هذا المجال.
رسالة سورية
بالتوازي، تشير المصادر الدبلوماسية الغربية لـ"عربي بوست" إلى أن إبراهيم ينقل رسالة سورية في ظل محاولات الإمارات والجزائر ومصر لإعادة سوريا لعضويتها الدائمة في جامعة الدول العربية، ومحاولات الضغط التي يمارسها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على السعودية وقطر والكويت بضرورة أن تكون قمة الجزائر مناسبة لعودة سوريا "للحضن العربي" وسحبها من المخلب الإيراني وهذا يحتاج لرعاية أمريكية مباشرة.
بالمقابل، يعتقد المصدر أن إبراهيم يسعى لتأسيس مرحلة حضور سياسي مستقبلي، ويريد أن يكون لاعباً أساسياً في المعادلة اللبنانية من خلال علاقاته المتشعبة، خاصة أن الرجل بعد أقل من سنة سيحال إلى التقاعد من منصبه الرسمي.