ذكر فريق من العلماء أن زيادة تلوث الهواء في الأماكن المفتوحة والتسمم بالرصاص مسؤولان عن وفاة تسعة ملايين شخص تقريباً سنوياً منذ 2015، الأمر الذي يقوض التقدم المتواضع في مواجهة التلوث في أنحاء العالم، وفق ما ذكرته وكالة رويترز، الأربعاء 18 مايو/أيار 2022.
وفقاً لتحليل العلماء لبيانات معدلات الوفاة العالمية ومستويات التلوث، فإن تلوث الهواء من عمليات الصناعة والتوسع الحضري ساهم بزيادة نسبتها 7% في الوفيات المرتبطة بالتلوث بين 2015 و2019.
إذ قال ريتشارد فولر، المشارك في الدراسة ورئيس جمعية (بيور إيرث) العالمية التي لا تهدف للربح، إنه على النقيض من تغير المناخ والملاريا ومرض نقص المناعة المكتسب، فإننا "لا نركز كثيراً على (تلوث البيئة)".
ملايين الوفيات وخسائر بالمليارات
فقد أظهرت تقديرات في نسخة سابقة من الدراسة نُشرت في 2017 أن حصيلة الوفيات بسبب التلوث بلغت نحو تسعة ملايين سنوياً، أو وفاة من كل ست على مستوى العالم. كما زادت التكاليف التي يتكبدها الاقتصاد العالمي إلى 4.6 تريليون سنوياً.
في الدراسة الحديثة التي نشرتها دورية لانست بلانتاري هيلث على الإنترنت، حلل الباحثون بيانات 2019 من دراسة تجريها جامعة واشنطن تدرس التعرض للتلوث وتحسب مخاطر الوفاة الناتجة عنه.
تركز الدراسة الحديثة خصيصاً على مسببات التلوث، وفصلت الملوثات التقليدية مثل التدخين في الأماكن المغلقة أو الصرف الصحي عن الملوثات الأكثر حداثة مثل تلوث الهواء بسبب الصناعة والكيماويات السامة.
بينما خلص الباحثون إلى أن الوفيات المرتبطة بالملوثات التقليدية انخفضت على مستوى العالم، لكنها ما زالت تشكل مشكلة رئيسية في إفريقيا وبعض البلدان النامية الأخرى.
فيما كشفت البيانات المعدلة لحساب تأثير التلوث أن المياه الملوثة والتربة وعدم نقاء الهواء في الأماكن المغلقة عوامل جعلت تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر البلدان الأكثر تسجيلاً لوفيات مرتبطة بالتلوث.
ساهمت البرامج الحكومية لخفض تلوث الهواء في الأماكن المغلقة وتحسين الصحة العامة في خفض حصيلة الوفيات في أماكن أخرى، ففي إثيوبيا ونيجيريا ساهمت تلك الجهود في خفض الوفيات المرتبطة بالتلوث بمقدار الثلثين بين 2000 و2019.
في الوقت نفسه بدأت الحكومة الهندية في 2016 تعرض إحلال وصلات غاز للمواقد محل المواقد التي تعمل بحرق الأخشاب.
تلوث الهواء والماء والتربة وراء ذلك
قالت ريتشل كوبكا، المديرة التنفيذية للتحالف العالمي للصحة ومكافحة التلوث في نيويورك والمشاركة في الدراسة، إن الوفيات الناتجة عن التعرض لملوثات حديثة مثل المعادن الثقيلة والكيماويات الزراعية وانبعاثات الوقود الأحفوري "تسجل زيادة كبيرة"؛ إذ ارتفعت بنسبة 66% منذ 2000.
كما ذكر الباحثون أن بعض العواصم الكبيرة أحرزت بعض النجاح في مكافحة تلوث الهواء في الأماكن المفتوحة، ومنها بانكوك وبكين ومكسيكو سيتي، لكن في المدن الأصغر ما زالت مستويات التلوث تسجل ارتفاعاً.
أعدت الدراسة قائمة بالبلدان العشرة الأكثر تسجيلاً لوفيات مرتبطة بالتلوث استناداً إلى النتائج المعدلة لحساب التلوث. وهذه البلدان على التوالي هي تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر وجزر سولومون والصومال وجنوب إفريقيا وكوريا الشمالية وليسوتو وبلغاريا وبوركينا فاسو.
فيما أشارت صحيفة "The Guardian" البريطانية إلى أن عدد الوفيات الناجمة عن التلوث يفوق عدد الوفيات الناجمة عن حوادث المرور، والإيدز، والملاريا والسل مجتمعة، أو من تعاطي المخدرات والكحول.
كما قال البروفيسور فيليب لاندريجان، من كلية بوسطن في الولايات المتحدة والمؤلف الرئيسي للتحليل: "لا يزال التلوث يمثل أكبر تهديد وجودي لصحة الإنسان والكواكب".
أضاف أيضاً أنه يمكن أن يؤدي منع التلوث إلى إبطاء تغير المناخ، وتحقيق فائدة مزدوجة للصحة الكوكبية، ويدعو تقريرنا إلى انتقال هائل وسريع بعيداً عن جميع أنواع الوقود الأحفوري إلى طاقة نظيفة ومتجددة.