تمضي شركات الطاقة الأوروبية العملاقة قدماً في خططها لمواصلة شراء الغاز الروسي، بعد أن مرر الاتحاد الأوروبي ما يبدو أنها توصيات، تسمح لهذه الشركات بفعل ذلك دون أن يعني الأمر انتهاكاً للعقوبات المفروضة على روسيا.
وفي سياق من تضارب الرسائل الواردة من بروكسل حول شرعية الامتثال لمطالب موسكو بدفع ثمن الغاز بالروبل؛ أعلنت شركة "إيني" Eni SpA الإيطالية أنها ستفتح حساباً مصرفياً بالروبل للحفاظ على تدفق الغاز من روسيا. حسب ما نشرته وكالة Bloomberg الأمريكية.
ويعد قرار الشركة الإيطالية بتسديد ثمن الغاز الروسي بالروبل أوضح علامة حتى الآن على أن كبار المستوردين الأوروبيين للغاز الروسي عازمون على مواصلة التجارة كالمعتاد، ويُتوقع أن تعثر شركة "يونيبر" Uniper SE الألمانية للطاقة، وشركة "أو إم في" OMV AG النمساوية، على سبيلٍ للاستمرار في شراء الغاز من روسيا.
كان إعلان موسكو في 31 مارس/آذار عن ضرورة سداد مدفوعات الغاز بالروبل، أدَّى إلى اضطراب في أسواق الطاقة وجدل بين صناع السياسات، وبدأت الشركات منذ ذلك الحين في البحث عن وسيلة للإبقاء على تدفق الطاقة الضرورية دون انتهاك العقوبات الرامية إلى إضعاف روسيا في حربها على أوكرانيا.
وقد أدت هذه الخطوة إلى انقسام بين الدول الأوروبية؛ فقد سارعت بولندا وبلغاريا إلى رفض شروط موسكو، ومن ثم ردَّت روسيا بقطع الغاز عنهما، فيما أصدر الاتحاد الأوربي مجموعتين من التوصيات بشأن هذه المسألة حتى الآن، وتنطوي كل منهما على مجال لاختلاف التفسيرات. ولم يصدر عن مفوضية الاتحاد الأوروبي حتى الآن أية توجيهات مكتوبة تمنع الشركات صراحة من الدفع لشركة "غازبروم" بإحدى الطرق التي قالت الشركة الروسية إنها ستكون مرضية.
وتراجعت أسعار الغاز، يوم الإثنين 16 مايو/أيار، بعد أن تجنَّب أحدث بيان صادر عن بروكسل بشأن الأمر النصَّ على منع الشركات الأوروبية من فتح حسابات مصرفية بالروبل. ثم قال إريك مامير، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، يوم الثلاثاء 17 مايو/أيار: إن فتح حساب بالروبل يخالف التوصيات، ويتضمن انتهاكاً للعقوبات المفروضة على موسكو. وهكذا ارتفعت أسعار الغاز، ثم تراجعت مرة أخرى، بعد أن قالت شركة إيني الإيطالية: إنها عازمة على فتح حساب بالروبل، والمضي قدماً في استيراد الغاز الروسي.
فيما قال مامير: إن "انتهاك العقوبات يشمل أية خطوة تتجاوز فتح حساب بعملة التجارة المنصوص عليها في العقد مع غازبرومبانك، وتحويل المال إلى هذا الحساب، ثم إصدار بيان يفيد إتمام الدفع".
وأثارت القضية انقساماً بين دول الاتحاد الأوروبي؛ فقد غضبت بولندا من إحجام الاتحاد الأوروبي عن إقرار خطوط حمراء واضحة، وعلى الجانب الآخر، ذهب رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، إلى حد القول إن القواعد الواردة في العقوبات قابلة لتعدد التفسيرات، وإن فرض العقوبات أمر يخص الدول وليس الاتحاد الأوروبي؛ إذ قال: "لا يوجد تصريح رسمي بشأن ماهية الخطوات التي تقتضي خرقاً للعقوبات. ولم يقل أحد شيئاً حول ما إذا كان الدفع بالروبل يخالف العقوبات أم لا".