انطلقت، الإثنين 9 مايو/أيار، زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى المغرب؛ حيث من المقرر أن يلتقي نظيره المغربي ناصر بوريطة، على أن يشمل جدول أعمال الزيارة تدشين المقر الجديد لسفارة مصر بالمغرب.
غير أن اللافت كان اختيار الخارجية المصرية التركيز على البعدين "الاقتصادي والتجاري" للزيارة، من خلال البيان الذي نشره المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصري أحمد حافظ.
وقال البلاغ: إنه من المقرر أن يجري الوزير شكري، خلال الزيارة، سلسلة من اللقاءات مع كل من نظيره المغربي الوزير ناصر بوريطة، ومجموعة من المسؤولين المغربيين رفيعي المستوى، تتطرق إلى سبل مواصلة الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين القاهرة والرباط.
وتعد هذه الزيارة الأولى بعد آخر اتصال بين الوزيرين في يناير/كانون الثاني الماضي، إثر اللقاء الذي عقده سامح شكري مع نظيره الجزائري رمضان العمامرة في القاهرة.
الصحراء وأشياء أخرى
في مؤشر على أن العلاقات الجزائرية المصرية تمر بفترة جمود، أطلق السفير المصري في المغرب، ياسر مصطفى كمال عثمان، تصريحات صحافية بخصوص مغربية الصحراء؛ إذ أعلن في يناير/كانون الثاني الماضي، أن مصر "تدعم بقوة الوحدة الترابية للمملكة المغربية"، وأنها لا تعترف بـ"الجمهورية الصحراوية".
مصادر "عربي بوست" قالت: إن الزيارة تأتي في سياق سلسلة من التصريحات المصرية الداعمة لوحدة المغرب الترابية، ومؤيدة لمسار حسم المغرب مسألة سيادته على إقليم الصحراء.
وكانت العلاقات المغربية المصرية قد توترت عقب لقاء عبد الفتاح السيسي مع رئيس جبهة البوليساريو الراحل محمد ولد عبد العزيز، على هامش قمة الاتحاد الإفريقي في 2016، جعلت التلفزيون المغربي يصف ما جرى في مصر في 2013 بالانقلاب العسكري، وألغى الملك محمد السادس زيارة كانت مقررة إلى القاهرة.
وسجلت المصادر نفسها، أن الزيارة ستعمل على تثبيت التصريحات إلى أفعال من خلال وضع مشروع عمل مشترك بين الجانبين يحقق مصالحهما السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية.
وأفادت المصادر أن المغرب يريد تقريب مصر من موقفها في الصحراء، كما أن مصر تريد تقريب المغرب من موقفها في الأزمة الليبية، أو على الأقل ضمان حياد الرباط في هذا الملف.
هذا، ودعمت مصر الجنرال خليفة حفتر في انقلابه العسكري على المؤسسات في ليبيا، كما دعمت مجلس النواب الذي يرأسه عقيلة صالح، ويوجد مقره في طبرق، كما تدعم رئيس الحكومة فتحي باشغا المعلن من طرف واحد، ضد الحكومة المعترف بها دولياً ويرأسها عبد المجيد الدبيبة.
في مقابل هذا، أعلنت الرباط دعمها للمؤسسات الليبية، بحسب آخر تصريحات وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الذي دعا، مستهل السنة الجارية، الأطراف الليبية إلى التوجه للانتخابات لحسم مسألة المؤسسات، كما أعلن أن الرباط ستبقى مفتوحة لاستقبال الأطراف الليبية للتفاوض.
الغاز والتجارة
مصادر "عربي بوست"، قالت: إن الطرفين معاً يريدان تعزيز التعاون الاقتصادي بينهما؛ فمن جهة مصر انتقلت إلى أحد أهم مصدّري الغاز في العالم في السنوات الأخيرة، كما أن المغرب يبحث عن سبل تعويض حاجياته من الغاز الجزائري.
من جهتها، سجلت المصادر المغربية، أن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، والعقوبات الاقتصادية الأوروبية على موسكو، والحاجة المتزايدة للغاز في أوروبا مع اقتراب الشتاء، ورغبة الرباط في "سد الخصاص" مع الوفرة المصرية، كلها عوامل ساعدت على وضع هذا الملف على طاولة البحث بين الطرفين.
وشددت المصادر، أن ملفاً آخر سيعالَج بين الجانبين هو المتعلق بالعقوبات المتبادلة التي يفرضها البلدان على السلع والمنتجات القادمة من البلد الآخر.
ففي سنة 2014 بدأت مصر في فرض حظر على السيارات المصنعة في المغرب، سرعان ما انتقل إلى سلع وبضائع أخرى، وهو الإجراء الذي ردت عليه الرباط، فيما بعد، بمنع عدد من المنتجات، وصولاً إلى 2021 حين مُنعت حاويات مصرية من التفريغ في موانئ المغرب.
وكان وزير الصناعة والتجارة المغربي السابق، حفيظ العلمي، قد أعلن في البرلمان في يونيو/حزيران 2021، أن 3 من أصل 5 حاويات مصرية قد مُنعت من تفريغ حمولتها بسبب أنها "كانت مزيفة؛ جاءت من الصين ووُضعت عليها علامة صنع في مصر".
العقوبات المتبادلة ظهر أثرها، بشكل كبير، على الميزان التجاري بين البلدين؛ حيث نشرت صحيفة "المال" المصرية، أن حجم التبادل التجاري بين القاهرة والرباط تراجع خلال عام 2020، ليسجل 453 مليون دولار، مقابل 519 مليون دولار خلال المدة المماثلة من 2019.
وسجلت المصادر أن الرباط ومصر سبق لهما أن شكلتا مجموعة عمل من وزارتي التجارة في البلدين؛ لحصر المعوقات والتحديات التي تعترض حركة التبادل التجاري والتعاون الاستثماري بين البلدين، وأن زيارة سامح شكري ستبحث التقدم في هذا الملف أيضاً.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”