اتهم الرئيس التونسي قيس سعيّد الخميس 5 مايو/آيار 2022 أطرافاً مجهولة بالوقوف وراء سياسات تعمل على حرق البلاد، مشيراً إلى أن الحرائق الأخيرة التي شهدتها بعض الأماكن في تونس لم تكن من قبيل الصدفة، حسب تعبيره. وأضاف الرئيس التونسي أن هناك من "تسلل" إلى مؤسسات الدولة من أجل تفجيرها من الداخل.
سعيد قال، في اجتماع مع مسؤولين بوزارة الداخلية: إن هناك من يريد الارتماء في أحضان الخارج، وحرق الدولة ومؤسساتها، كما أكد رفضه لإجراء أي حوار مع "من باعوا ضمائرهم بأبخس الأثمان في سوق النخاسة". وفق تعبيره.
وأضاف سعيد: "إن ما يحصل هذه الأيام محاولة يائسة ستفشل.. من أجل حرق البلاد". وتابع: "هذه الحرائق التي جدّت اليوم، وجدّت يوم العيد، ليست من قبيل الصدفة".
وشبّ، أمس الخميس، حريق ضخم في واحة بمدينة الحامة التابعة لولاية قابس (جنوبي البلاد)، في ثاني حريق كبير تشهده المنطقة في غضون أيام، كما اندلع حريق آخر في ميناء صفاقس.
وقبل أيام التهمت نيران ضخمة "سوق جارة" للحنة في قابس، أتت على نحو 30% من المحلات التجارية بداخله بالكامل؛ ما تسبب في أضرار مادية بالغة للتجار.
وخلال أيام الاحتفال بعيد الفطر اندلعت حرائق في مناطق أخرى في البلاد شملت بشكل خاص مصنعاً للملابس في ولاية بن عروس قرب العاصمة، ومستودعاً للحافلات بولاية بنزرت شمالاً.
سعيد يضع شروطاً لحرية الصحافة!
وفي سياق متصل تحدث الرئيس التونسي عن حرية الصحافة بعد اعتقالات نفذت بحق صحفيين قائلاً: إنه متمسك بحرية التعبير والإعلام، مشترطاً بأن يكون ذلك مسبوقاً بـ"حرية التفكير" التي تحافظ على الدولة ومؤسساتها.
جاء ذلك خلال استقبال سعيد بقصر قرطاج مسؤولة الإعلام والاتصال السابقة بالرئاسة التونسية رشيدة النيفر؛ إذ قال في بيان: إن "سعيد أكد تمسكه بحرية التعبير، وحرصه على أن يكون الإعلام حراً، خاصة أن تونس لديها نصوص متعلقة بحرية الصحافة منذ أكتوبر/تشرين الأول 1884".
وشدّد سعيد، على أن "حرية التعبير يجب أن تكون مسبوقة بحرية التفكير"، وبيّن أن "الفكر الوطني هو الذي يسعى إلى الحفاظ على الدولة وعلى مؤسساتها، ويعمل أن تكون الصحافة أداة للتعبير".
وتأتي هذه التصريحات على وقع اتهامات متكررة من نقابات وقوى في البلاد للسلطات بـ"انتهاك" حريات الرأي والتعبير والصحافة في البلاد.
احتجاجات للصحفيين في تونس
وفي وقت سابق الخميس، شارك عشرات الصحفيين في العاصمة تونس بدعوة من "نقابة الصحفيين التونسيين"، بمسيرة احتجاجية؛ تنديداً بما عدُّوه "خطراً داهماً يهدد حرية الصحافة والإعلام والتعبير".
والثلاثاء، أعلنت شبكة "مراسلون بلا حدود" الدولية، تراجع تونس في التصنيف العالمي لحرية الصحافة 21 نقطة، لتحتل المركز الـ94، بعد أن كانت في المرتبة الـ73 خلال عام 2021.
يذكر أن رشيدة النيفر قدمت استقالتها من منصب المستشارة الإعلامية بالرئاسة في أكتوبر 2020، موضحة أن "الأسباب تعود لخلاف حول طريقة العمل داخل الديوان الرئاسي، لا أستطيع الإضافة، وأفضل الانسحاب". وقالت النيفر في تدوينة آنذاك: "قدمت الاستقالة نعم، ولكن سأبقى مساندة للرئيس قيس سعيد ومشروعه، نحن على العهد باقون".
ومنذ 25 يوليو/تموز 2021، تعاني تونس أزمة سياسية حادة إثر إجراءات استثنائية بدأ سعيّد فرضها، ومنها حل البرلمان، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وحلّ المجلس الأعلى للقضاء.
فيما تعد قوى تونسية هذه الإجراءات "انقلاباً على الدستور"، بينما ترى فيها قوى أخرى "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس زين العابدين بن علي (1987ـ2011).